أخلاقيات الأسرة... من يُعلم من؟ الكندري رأى أن إنشاء شرطة للآداب إحياء لجماعة الأمر بالمعروف... والشيباني يطلب مخافر للنساء بسبب الاستحياء من الحديث عن العنف

نشر في 13-06-2008 | 00:00
آخر تحديث 13-06-2008 | 00:00
No Image Caption

أسباب انتشار الطلاق، وتعاطي الشباب للمخدرات، والتورط في قضايا الشيكات بدون رصيد وخيانة الأمانة، وانتشار النفاق الاجتماعي بين الناس، وتأسيس شرطة للآداب لمنع التحرشات الجنسية التي تحدث في العديد من الأماكن، محاور تناولتها «الجريدة» في قضية اليوم.

في الوقت الذي رأى فيه استاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت الدكتور أحمد الكندري أن في انشاء شرطة للآداب احياءً لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الموجودة في المملكة العربية السعودية، أكد استاذ علم النفس بجامعة الكويت الدكتور بدر الشيباني أنها مطلب شعبي وتساعد في منع التحرشات الجنسية التي تحدث في المجمعات العامة، واتفق المتحدثان على أن المخدرات آفة المجتمعات الحديثة، وحذرا الآباء من عدم محاسبة الأبناء، واعطائهم النقود من دون حساب.

بداية رأى الاستاذ المساعد في قسم علم الاجتماع بكلية التربية الأساسية الدكتور أحمد الكندري أن «الطلاق حق شرعي، يلجأ اليه أحد الزوجين، عندما لا يحدث توافق وتصعب الحياة بينهما، ففي كثير من الأحيان يكون الطلاق رحمة لهما، وطالما أن الزواج يعتبر عقدا أو شراكة بين فردين، فانه يحق لكل منهما اذا لم يستطيعا عيش حياة سعيدة أن ينفصلا، والطلاق ليس جريمة أو عيبا، لكنه أبغض الحلال، مشيرا إلى أن ضرر الطلاق يقع على الأبناء، حيث يحرم الابناء من العيش مع الاب والأم».

وأرجع الكندري ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع الكويتي إلى «عدم التوافق بين الزوجين، وتدخل أهل الزوجين في شؤون الأسرة»، ومن اسباب الطلاق الملموسة في المجتمع الكويتي اعتبار الزواج هو الطريق الوحيد للهروب من قيود الأسرة، وطموحات الزوجة في التعليم ودخول سوق العمل أيضا أحد الاسباب التي أدت الى ارتفاع نسبة الطلاق، وهناك اسباب اقتصادية، توافقية، اجتماعية، وتعليمية أدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق في الكويت، مشيرا إلى أن عدم التوافق بين الزوجين قد يكون سببه اختلاف المستوى التعليمي بين الزوجين، أو اختلاف عادات وتقاليد اسرة الزوج وأسرة الزوجة».

وعن تفشي تعاطي المخدرات بين الشباب أكد الكندري أن المخدرات آفة الأسرة والمجتمعات الغنية، فهي الفيروس الذي يقضي على الكوادر البشرية ويهدد مستقبل المجتمع، ورأى أن سبب تعاطي المخدرات يتمثل في «التفكك الأسري، التدليل الزائد، أصدقاء السوء، القدوة السيئة بأن يكون أحد أفراد الأسرة أو الأقارب يتعاطى المخدرات، وكذلك عدم متابعة الأب والأم لأبنائهما».

ورفض الكندري فكرة بعض النواب بتأسيس شرطة للآداب قائلا: «نحن مسلمون أبناء مسلمين، نعرف أمور ديننا جيدا قبل أن يأتي مجلس الأمة، مجتمعنا خليط بطبيعته يوجد به العديد من الطوائف، وثقافتنا تختلف عن بعضنا الآخر، وفي التنوع الثقافي ثراء للمجتمع وليس عيبا، ومن يرد اصلاح المجتمع فليبدأ بإصلاح اسرته اولا قبل أن يصلح المجتمع (فلا ترم بيت الناس بالحجارة، اذا كان بيتك من زجاج)، ومن يرد تشكيل المجتمع على هويته فهذا أمر مرفوض وغير صحيح».

ورأى أن في فكرة تأسيس شرطة للآداب والتدخل في شؤون الناس احياءً لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الموجودة في المملكة العربية السعودية، وهذا لا ينفي رغبتنا في وجود فئة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لكن «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، فالفرد ليس رعية عضو مجلس الأمة، أو الحزب السلفي أو السني... الخ، مؤكدا أن «تقنين القضايا بمثل هذه المعالجات يضر بالمجتمع ولا يفيده، فنحن نريد مجتمعا منفتحا، يتطلع إلى تيارات العالم الفكرية والاقتصادية والسياسية، ونأخذ منها ما يناسبنا».

وحمل مسؤولية تورط العديد من المواطنين في قضايا الشيكات بدون رصيد وخيانة الأمانة على الرجل، فالطموحات الاقتصادية وحب الثراء لدى الرجال والرغبة المستمرة في أن يكون ذا «ثقل اقتصادي»، تسببت في تراكم الديون عليه، وتوريطه أفراد عائلته، في التوقيع على شيكات بدون رصيد من خلال فتح «الحساب الجاري»، وأكد أن جهل أفراد الأسرة بخطورة الديون، وعدم معرفتهم بأن التوقيع على الشيكات بدون رصيد من الممكن أن يلقي بهم في السجون كان سببا في وقوعهم في فخ الشيكات بدون رصيد، مشيرا إلى أن هذا الموضوع يبين وبوضوح موضوع استغلال الرجل للمرأة، محملا المرأة مسؤولية اتباع الرجل اتباعا أعمى، واطاعتها له في معصية الله.

وعن تأثير الاسرة على اخلاقيات الأبناء أكد الكندري أن هذا الأمر مرتبط بالتنشئة الاجتماعية، ولكن المشكلة تكمن في أن القدوة الحسنة قلما نجدها الآن في المجتمعات العربية، فولي الأمر أصبح هو الذي يرتكب الخطأ، والحل في أن يكون الأب والأم هما القدوة الحسنة، لأن «فاقد الشيء لا يعطيه»، فالحديث الشريف يقول: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه».

ورأى أن سبب انحدار الاخلاقيات هو: «أصدقاء السوء، عدم وجود القدوة الحسنة، وعدم مراقبة الابناء ومتابعة تصرفاتهم»، متمنيا على الابوين أن يحسنا تربية ابنائهما في بداية عمرهم وحتى سن الخامسة عشرة، وبذلك يكونان قد أسسا القواعد السلوكية والاخلاقية السليمة. وعن تورط المواطنين في قضايا الشيكات وخيانة الامانة، قال الكندري إن بعض البنوك تستغل جهل المواطنين، وتقوم باغرائهم ومن ثم تورطهم، ورأى أن النفاق الاجتماعي آفة المجتمع، وهو ازدواجية وعدم صدق، وتغليب للمصلحة الشخصية على مصلحة الغير، وخوف، وضعف شخصية».

أما استاذ علم النفس الدكتور بدر الشيباني فيرى أن الطلاق في المجتمع الكويتي انتشر بسبب اعتماد مبدأ «المصلحة» في اختيار الزوج للزوجة أو الزوجة للزوج، لذلك يوجد العديد من المشاكل، مشيرا إلى أن الأسر التي نجحت في زواجها هي التي كانت تعي المفهوم الحقيقي للزواج من البداية، واذا استعرضنا الأسباب الرئيسية لحالات الطلاق في مجتمعنا، فسنجد أن السبب الرئيسي من الزواج كان تحقيق غاية سواء مكاسب مادية أو اشباع رغبات جنسية، وعندما تحققت هذه الغاية تعذر على الزوجين الاستمرار في حياتهما، ولفت الى أن أغلب الأزواج في الكويت ليسوا على دراية تامة بمفهوم الزواج الحقيقي، وتمنى الحاق الزوجين قبل حصول الزواج بدورة تدريبية تعلمهما طبيعة الحياة الزوجية، على أن تكون تحت اشراف وزارة العدل، متمنيا أن يتم اقرار هذا المبدأ مع اقرار اقتراح اخضاع الزوجين لفحوصات طبية قبل الزواج.

وبين الشيباني أن المخدرات آفة المجتمعات الغنية، وكلما ازدادت الأموال في أيدي صغار السن، سنحت الفرصة لهم في الادمان، وهذه «نقمة الفلوس»، وما نلمسه أن الابوين يريدان كسب حب ابنائهما من خلال اعطائهم اموالا لا تتناسب مع اعمارهم، من دون معرفة اين تنفق هذه الأموال، وهذه هي الطامة الكبرى، وشدد على ضرورة معرفة أصدقاء الأبناء وابعاد أصدقاء السوء عنهم.

واشار الى ان شرطة الآداب كانت موجودة بالكويت في الستينيات، وتمكنت وقتها من منع العديد من التحرشات التي تحدث داخل الاسواق والمجمعات العامة، ورأى أن انشاء شرطة للآداب في الكويت يعتبر مطلبا شعبيا لأسباب واضحة حتى تمنع أو تقلل من التحرشات الجنسية التي تحدث في الأماكن العامة، مشيرا إلى أنه من المطالبين بأن ينال الشاب العقاب في نفس المكان الذي قام فيه بفعلته، كما اتمنى «اذا كان عمر الابن الذي قام بهذا الفعل لم يتجاوز سن الـ18 فيحاسب ابوه وليس هو».

وانا لا اطالب بوضع آليات من هذا النمط للحد من السلوكيات الخاطئة في المجتمع الكويتي، لكنني اطالب بتخصيص مخافر شرطة خاصة بالنساء، لاسيما أن كثيرا من النساء يتم الاعتداء عليهن ويتخوفن من الذهاب الى المخافر بسبب الابتزازات والتحرشات التي تحدث لهن، مشيرا إلى أن هذه الفكرة هي التي اصبحت معروفة لدى الشعب عن رجال الشرطة في الكويت «وانا مسؤول عن كلامي»، وقد حان وقت انشاء مخافر مستقلة بالنساء، مشيرا إلى أن هذا الأمر موجود في ست عشرة دولة، وتساهم في الحد من السلوكيات الخاطئة لبعض رجال الشرطة.

واستغرب عدم تناول احد اعضاء مجلس الامة هذه القضية التي تهم شريحة كبيرة من المجتمع، مبديا استعداده لتقديم كل المساعدات اللازمة في تأسيسها، وأعلن انه يعرف العديد من الطالبات اللاتي يخشين الذهاب الى مخافر الشرطة، بسبب تلك الابتزازات، وادعو وزير الداخلية الى أن يبادر بإنشاء مخافر للنساء.

وقال الشيباني: إن اسباب انتشار النفاق الاجتماعي بين الناس تتمثل في حب المال، وهو أحد اسباب زواج المصالح الذي سبق أن تحدثنا عنه، والنفاق الاجتماعي هو اعطاء صورة للفرد مغايرة لواقعه، من اجل تحقيق مصالح شخصية ومكاسب مادية، فعلى سبيل المثال يرغب غير محددي الجنسية في الزواج من كويتية، ليس من اجل الزواج وبناء الأسرة، ولكن من اجل الحصول على الاقامة، واضاف ان النفاق الاجتماعي سيكون قاعدة عندما يكثر زواج المصالح، وتعاطي المخدرات وانحلال الاخلاق العامة، وطالب بضرورة وضع حلول جذرية للقضاء على الظواهر السلبية.

back to top