هذه الحكومة تستغبينا أم تستعدينا؟

نشر في 13-02-2009
آخر تحديث 13-02-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري «إن الظروف المالية الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المحلي من مشكلات مالية وضعف في السيولة وتخفيض في ميزانيات الجهات الحكومية وتدهور أوضاع البورصة وتدني أسعار النفط يجعل من الاتجاه لإسقاط أو شراء مديونيات المواطنين أمراً يكاد يكون صعباً للغاية».

ما سبق كان جزءاً من رسالة موجهة إلى اللجنة المالية من الحكومة الرشيدة دائما ورغما عنا؛ علما بأن علاقتها بالرشد والرشاد ليست على ما يرام.

وبالعودة إلى ما ورد في رسالة الحكومة التي تدعي الفقر وضيق ذات اليد؛ وهي دائما يدها قصيرة وعينها غير بصيرة في ما يخص معالجة مديونيات المواطنين؛ ولكن لماذا تتحول بقدرة قادر وأحياناً بقدرة باقر حالة الفقر هذه إلى غنى فاحش وكرم نفس غير مسبوق عند الحديث عن ضرورة دعم الشركات «المتعثرة»؟ التي لا يعلم أغلبية أهل الكويت لماذا تعثرت أو كيف تعثرت؟ ألا تنطبق «الظروف المالية الصعبة» و«ضعف السيولة» وغيرها من الحجج المعلبة التي ساقتها الحكومة على مديونيات المواطنين ومديونيات الشركات؟

إذا كانت الحكومة تسعى، كما تروج، إلى تقديم برنامج للإنقاذ الاقتصادي- وهو ما يفترضه المنطق وما نتمناه- فالأجدر أن تكون معالجتها موجهة إلى إصدار التشريعات الكفيلة بصون البنية الاقتصادية للبلد لحمايته في مواجهة الأزمات المتكررة؛ وليست معالجة جزئية لإنقاذ شركات معينة لأجل خاطر ملاكها؛ علما بأن المنطق والنظام الاقتصادي الذي تتبعه الكويت يفترضان أن تتحمل هذه الشركات وملاكها الخسارة التي أصابتها، مثلما استفادوا من أرباحها في الفترات السابقة؛ ولم يدفعوا ضريبة للحكومة، ولم نر منهم مشروعا تنمويا حقيقيا واحداً يخدم البلد؛ بل كان جل عملهم إما المضاربة في العقارات وإما الأسهم؛ واندفعوا للاقتراض بلا حسابات منطقية بهدف التوسع غير المدروس، مما أوصلهم إلى هذه الحالة التي يطالبون الحكومة الآن لإخراجهم منها بحجة إنقاذ الاقتصاد الوطني؛ وهي حجة واهية؛ فالاقتصاد الوطني غير مرتبط بأسماء شركات معينة إن هي أفلست انهار وتدمر.

إن الاقتصاد المدعم والمحمي بالتشريعات القانونية السليمة؛ وليس الاقتصاد الجاهز لضخ الأموال لجيوب أناس بعينهم، هو الاقتصاد الذي يلفظ الشركات التي أوصلها سوء الإدارة والتوسع غير المدروس والاستحواذ المحموم إلى الخسارة والإفلاس؛ ويتيح الفرصة لظهور شركات أخرى وبديلة لتحل محلها.

فإذا كانت الحكومة مدفوعة بحبها لهذه الشركات وملاكها تحاول أن تستغبينا وتضخ أموالنا وأموال أبنائنا في جيوب أحبابها بحجة إنقاذ الاقتصاد الوطني، فقد فشلت كعادتها ولعبتها مكشوفة؛ أما إن كانت تستعدينا بغض طرفها عن معاناتنا وتغل يدها لحد عنقها كلما تعلق الأمر بنا؛ فقد يكون هذا النجاح الوحيد لها بعمرها القصير وتشكيلاتها الخمسة.

back to top