للناس كرامات

نشر في 22-01-2009
آخر تحديث 22-01-2009 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي ساءني جداً ما تتعرض له وزارة الصحة من حملة شرسة أتت على شكل دراما إعلامية أخرجها زميلي المحامي خالد العبدالجليل، فأضفى عليها لمسة من الإثارة التي لم تخلُ من القنابل الإعلامية، وكان أبطال هذا الفيلم مع الأسف أطباء ضلوا الطريق، واعتقدوا أنهم بذلك يرفعون شعار الإصلاح وحماية المرضى!!

اعتقدت في البدء كما اعتقد عامة الناس أن غيرة هؤلاء الأطباء على المرضى هو دافعهم الأساسي، ولكن حينما سمعت أحدهم يتوعد باللجوء إلى قناة الـ«سي إن إن» شعرت بالصدمة والاشمئزاز!! وسؤالي هو: ماذا نستطيع أن نطلق على من يلجأ إلى وسائل إعلام خارجية للحديث عن خلل في إحدى وزارات بلده؟ إن ذلك فيه إضرار كبير بسمعة الكويت، فحماية المرضى لا يأتي عن طريق التشهير والإساءة بمرافق الدولة، ولا يجب أن يجعل البعض حماية المرضى شماعة للوصول إلى الشهرة، فهناك عدة قنوات للاعتراض أو الرفض أو التغيير، فنحن مع حرية الرأي والنقد المباح، ولكننا نرفض الإساءة والتجريح.

ثم حينما سمعت الطبيب الآخر الذي يعاني عدة مشكلات صحية، ولا أفهم كيف يستطيع الطبيب المريض أن يعالج مريضاً؟! أليس في ذلك ضرر على المرضى أيضاً؟ أليس فيه مخالفة للقانون؟ أن هذا الطبيب قضى 32 سنة في عمله أبى خلالها إلا أن يبقى صامتاً بالرغم من ادعائه أنه تعرض لخطأين طبيين، ولكنه يقرر اليوم أن يخرج عن صمته، وألا يكون شيطاناً أخرس... وهنا أطرح عدة تساؤلات:

أولا: لماذا لم يعترض هذا الطبيب طيلة تلك السنين بالرغم من أن بعض الأخطاء التي يجري التحقيق فيها حدثت منذ العام 2005؟ فكان أجدى به الإصلاح وهو على رأس عمله، وليس وهو قاب قوسين أو أدنى من التقاعد... إنه أصبح كمن ينطبق عليه المثل «يا رايح كثر من الفضايح»!!

ثانيا: اعتراضه على لجنة الشكاوى العليا في وزارة الصحة والتشكيك في أعضائها على الرغم من كفاءتهم وخبرتهم بشهادة الجميع، فهو باعتراضه هذا يدين نفسه بنفسه لأنه عضو في اللجنة.

ثالثا: أضع علامة استفهام كبيرة، وأستغرب عدم تقديم هؤلاء الأطباء أي شكوى خطية للوكيل أو الوزير، ولكن في المقابل يقدم هؤلاء الأطباء شكواهم إلى مجلس الأمة؟ إنها سابقة خطيرة وأسلوب من أساليب فرد العضلات عن طريق اللجوء إلى بعض نواب مجلس الأمة الذين استغلوا هذا الموضوع للتكسب وتصفية الحسابات!!

من وجهة نظري كمحام، أعتقد جازماً بأن هؤلاء الأطباء قد اقترفوا خطأ فادحا من الناحيتين المهنية والقانونية، فمهنياً وأخلاقياً لا يحق لهؤلاء الأطباء التعريض والإساءة والحط من قدر وشأن زملائهم الأطباء، والتشهير بهم عبر وسائل الإعلام قبل الانتهاء من التحقيق، أما من الناحية القانونية فيحظر على الطبيب استخدام مستندات وأوراق وتقارير طبية من ملفات المرضى دون علم إدارة المستشفى، وإفشاء أسرار المرضى، وانتهاك خصوصيتهم، والزج بأسمائهم عبر وسائل الإعلام، لذلك فإنني أتحرى بالأطباء الدقة والحذر في هذه الأمور لأنها قد تعرضهم للمساءلة القانونية.

ملاحظة:

جاء قرار وزير الصحة الأخير في مصلحة لجنة التحقيق التي ماانفك البعض يشكك في عدم حياديتها، فرمى الوزير الروضان الكرة في ملعب كلية الطب، ورفع شعار الحيادية، ونأى بأعضاء لجنته الموقرين عن التشكيك أو الترهيب، لكننا كنا نتمنى أن يتم تطعيم اللجنة لتضم كل الفعاليات الصحية بشكل يحفظ لوزارة الصحة دورها وفعاليتها.

back to top