تمثال ابراهيم باشا يثير أزمة مصريّة - تركيّة
أثار تمثال ابراهيم باشا في ميدان الأوبرا أزمة ثقافية بين مصر وتركيا، تعود وقائعها إلى عام 1872 بسبب الدور الذي قام به ابراهيم باشا وعلاقته بالمصريين, إذ كشف قسم «ذاكرة مصر المعاصرة» داخل مكتبة الإسكندرية عن حقائق ومعلومات تاريخية مهمة حول بداية إقامة التماثيل للعظماء وتخليد ذكراهم في مصر ووضعها في الميادين العامة.
اعتبرت المشرفة الفنية على «ذاكرة مصر» والمسؤولة عن القسم المعماري والعمراني سوزان عابد أن «وقائع صنع تمثال ابراهيم باشا تعود إلى عهد الخديوي اسماعيل عام 1865، حينما أسند إلى الفنان كوردييه مهمة نحت تمثال لأبيه ابراهيم عام 1868، ثم كلف لجنة فنية فرنسية الإشراف على التمثال برئاسة الكونت نيودركيك. عندما تم الانتهاء من التمثال، اختير ميدان العتبة الخضراء موقعاً له. كذلك صنع كوردييه لوحتين لوضعهما على قاعدة التمثال الرخامية، إحداهما تمثل انتصار الجيش المصري على الأتراك في معركة «نزيب» والثانية انتصاره على الأتراك في معركة «قونية»، وكانت اللوحتان على وشك أن توضعا ألى جانب قاعدة التمثال، لكن السلطات التركية تدخلت ورفضتهما لأنهما تمثلان هزيمتها أمام جيوش مصر. وأخذ كوردييه اللوحتين وسافر إلى فرنسا وعرضهما في معرض باريس عام 1900، ثم أخذهما إلى بيته حيث لم يُعرف مصيرهما بعد ذلك».تضيف عابد: «حينما عزمت الحكومة المصرية على الاحتفال بمرور مائة عام على وفاة ابراهيم باشا عام 1948، أرادت وضع اللوحتين في مكانهما، فاتصلت بفرنسا وبحثت عنهما لدى حفيد كوردييه وفي متاحف باريس الكبرى، فعثرت على صورتين فوتوغرافيتين لهما أخذهما المصريان أحمد عثمان ومنصور فرج وصنعا لوحتين تشبهان لوحتي كوردييه وهما الموضوعتان اليوم على جانبي التمثال».الميادين والتماثيل المصرية، بحسب عابد، جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر العمراني والمعماري وهو ما حرصت «ذاكرة مصر» على تقديمه وعرضه. «تشير الوثائق إلى أن القائمين على إنشاء التمثال أتوا إلى مصر لمقابلة الخديوي ومعاينة الأماكن التي ستوضع فيها التماثيل التي كلفوا بعملها ومنها تمثال ابراهيم باشا. جاء في وثيقة مؤرخة بـتاريخ 23 شعبان 1282هـ ذكر الأعمال المقترح إقامتها في مصر والإسكندرية والسويس من نوبار باشا وذكر فيها: إقامة تمثال والد الجناب العالي وجدّه في الإسماعيلية والأزبكية، على أن يحضر صاحب المصنع الذي أخذ على عاتقه الانتهاء منها وعرض النماذج».صنع التمثال عام 1872 وصمم المعماري الفرنسي بودري قاعدة له، مستوحاة من العمارة الإسلامية، تتألف من أعمدة مدمجة وتضم عقوداً منكسرة مشعة، وتنتهي بصفّ من المقرنصات، يعلوها مصطبة صغيرة يقف عليها التمثال، لكن التصميم لم ينفذ لأنه لم يلق استحسان الخديوي اسماعيل. نُصب التمثال عام 1872 في العتبة الخضراء، وعام 1882 أنزله الثوار العرابيون من على قاعدته باعتبار صاحبه أحد أفراد الأسرة الحاكمة، وبعد أن هدأت الأمور أعيد التمثال الى ميدان الأوبرا، مكانه الراهن.