شرباكة الشركات التابعة والزميلة... لعب على الورق أم توسع حقيقي؟

نشر في 29-06-2008 | 00:00
آخر تحديث 29-06-2008 | 00:00
No Image Caption

إن كل استثمار يتم تقييمـه بما يحققه من أرباح أو خسائر، ولكن ثمة مشكلة تواجه الجمهور عند المقارنة بين الاستثمار في شركة «أم» لديها شركات زميلة، والاستثمار في شركة «أم» لديها شركات تابعة، تتعلق بطريقة عرض البيانات المالية لهذه الشركات التي تخضع في هذا المجال لأمور كثيرة بدءا بالمتطلبات القانونية ومرورا بالمعايير المحاسبية الدولية منها والمحلية.

تختلف آراء الكثيرين حول مدى جدوى الشركات الزميلة والتابعة بالنسبة الى المساهم، ومدى استفادة السوق الكويتي من نشاطها، ففي حين يرى البعض ان فيها فائدة كبيرة ومهمة لهذه الشركات لتوسيع انشطتها، لتعود بالنفع على الاقتصاد، يرى كثيرون ان هذه الشركات ليست في معظمها الا شركات ورقية لا تنفذ اي عمل يخدم القطاع الاقتصادي في شيء، ولا تعدو عن كونها وسيلة للايقاع بأكبر قدر من المستثمرين والمتداولين في شباك اسهمها في ظل عمليات يشوبها الكثير من التلاعب.

تساؤلات اخرى تطرح نفسها بقوة حول جدوى هذه الشركات بالنسبة الى المساهم، وأفضلية الاستثمار في شركة «أم» لديها شركات زميلة او تابعة، وما الاختلاف بين الشركات التابعة والزميلة عند احتساب الأرباح، وكيف يتم توزيع نسبة الربحية بينهما وبين الشركة الأم؟

وللإجابة عن هذه التساؤلات ينبغي بداية أن نفرق بين عدة مسميات للوقوف على حقيقة هذه التصنيفـات التي تطلق على الشركات ومدلولاتها من وجهة النظر المحاسبية التي تنعكس على المردودات الاقتصادية للمشروع أو للشركة او للمساهم نفسه.

التحكم بمجالس الإدارات

من هذا المنطلق يقول مدير مركز الكوت لتدقيق الحسابات عصام خليل الجنيــدي إن الشركة الأم هي الشركة التي يكون لها شركة تابعة أو أكثر، ومن ثم فالشركة التابعة هي الشركة التي يتم التحكم فيها من شركة أخرى هي الشركة الأم، والمقصود بهذا التحكم هو المشاركة في القرارات الخاصة بها التي تؤثـر بالتـالي في السياسات المالية والتشغيلية التي تنتهجها إدارة الشـركة التابعـة بـل قد تصل حتى إلى التحكم في تعيين وعزل مجالس الإدارات.

أما الشركة الزميلة فهي التي يكون للشركة المستثمرة فيها تأثير مهم فيها، ولا تكون تابعة لها بمعنى أن تتطلب القرارات الإستراتيجية لها موافقة الأطراف التي تشترك في السيطرة عليها، كأن تكون القرارات مثلا بالإجماع ممن لديهم سلطة اتخاذ القرار بشأن هذه الشركة الزميلة، وهي صورة من صور استثمار شركة مـا في شركة أخرى، بحيث يكون لهذا الاستثمار تأثير مهم في الشركة المستثمر بها التي تعرف بالشركة الزميلة، وقد يأخذ هذا التأثير صورا عدة، منها المشاركة في التمثيل في مجلس الإدارة أو المشاركة في وضع السياسات والاستراتيجيات للشركة الزميلة أو حتى قد يكون في صورة وجـود عمليات هامة بين هذه الشركات.

أما بالنسبة الى أفضلية الاستثمار في شركة لديها شركات تابعة أم الاستثمار في شركة لديها شركات زميلة، فأشار الجنيدي الى أن هدف كل مستثمر هو تحقيق الربح، والأفضلية التي يبحث عنها المستثمر تتوقف على ما يسعى الى تحقيقه، وتتوقف على طبيعة هذا المستثمر من حيث، هو مستثمر رئيسي أم انه من ذوي حقوق الأقلية، وهذا ما تحدده عوامل مختلفة لكل منها تأثيره، منها المباشر ومنها غير المباشر. ورأى أن نوع الشركة هو من بين العناصر غير المباشرة التي تؤثر في قرارات الاستثمار، فقد يكون الاستثمار في شركة تابعة بغرض السيطرة على نشاط محدد بهدف احتكار هذا النشاط مستقبلا في السوق عبر هذه الشركة التابعة، أو بهدف توفير منتج وسيط للشركة الأم يستخدم في منتجاتها كما في المنتجات الوسيطة لمنتجات أخرى، أما بالنسبة الى الشركات الزميلة فقد يكون الهدف منها ايجاد تكتلات اقتصادية في قطاعات معينة من قطاعات الاستثمار بين هذه الشركات الزميلة، وهذا على مستوى المستثمرين الرئيسيين، أما على مستوى المستثمرين ذوي حقوق الأقلية فإن القرار يجب أن يعتمد على دراسة البدائل المتاحة لكل مستثمر وهدفه من هذا الاستثمار ومدتـه، ومن ثم يكون قراره ناتجا من هذه المعطيات وفقـا لأهدافـه ومن ثم فلا يمكن وضع قاعدة عامة لكل المستثمرين تحدد لهم أفضلية الاستثمار، وإنما المستثمر نفسه هو الذي يتخذ هذا القرار، ومن ثم يصبح لكل مستثمر أهدافه ووسائله التي يرى أنها مناسبة لتحقيق ذلك الهدف.

الأرباح أولاً

أما بالنسبة الى الإفـادة التي يحصل عليها المساهم في الشركة الأم في كلتا الحالتين، فأوضح الجنيدي ان الفائدة التي تعود على المستثمر من استثماراته تتوقف على ما تحققه الشركة التي يساهم فيها من أرباح، ولا تتوقف على نوع الشركة، وبعبارة أخرى فإن أرباح الشركة لا ترتبط بنوع الشركة وإنما بنجاحها في تحقيق أهدافها التي تتمثل في استغلالها لمواردها الاستغلال الأمثل الذي يحقق خططها الرامية في النهاية الى تحقيق أرباح، وقد تكون من بين الوسائل لتحقيق هذه الأهداف هي الاستثمارات بصورها المختلفة، من حيث الاستثمار في شركات تابعة أو شركات زميلة، أي أن نوع الشركة في حد ذاته ليس هدفا وإنما وسيلة لتحقيق غاية نهائية هي تحقيق أرباح أو تعظيم هذه الأرباح في ظل الموارد المختلفة المتاحة.

واتفق مع هذا الرأي رئيس مجلس ادارة جمعية المراجعين والمحاسبين الكويتية محمد حمود الهاجري، اذ اوضح ان الإفادة التي يحصل عليها المساهم في الشركة الأم مرهونة بالنتائج المحققة من الشركات التابعة والزميلة وتبعا لنسبة مشاركة الشركة الأم فيهما، وبالتأكيد عدد الأسهم التي يحملها المساهم في الشركة الأم.

وقال الهاجري: إن أفضلية الاستثمار بالشركات تكون دائما لمن تحقق أفضل أداء وأرباح، وهذا ينطبق على الشركات التابعة والزميلة للشركة الأم، مشيرا الى جانب آخر يجب اخذه في الاعتبار لكلا النوعين بالنسبة الى الشركة الأم وهو درجة التنوع بالاستثمار لتوزيع المخاطر، كما ان نتائج الشركات التابعة من واقع التعريف السابق تعتمد على إدارة الشركة الأم تبعا لنسبة مساهمتها، وقد يكون في ذلك ضمان أكبر للمساهم في الشركة الأم من واقع ثقته بالإدارة وأدائها، في حين تكون ادارة الشركات الزميلة مختلفة، وإن كان للشركة تأثير ملموس بالإدارة.

المعالجة المحاسبية

أما في ما يتعلق بتوزيع نسبة الربحية بين هذه الشركات، فذكر أنه إذا كانت حصص الشركة الأم من الأسهم 50% أو أكثر، فإن الشركة تصنف على انها شركة تابعة وتكون المعالجة المحاسبية مختلطة ضمن قائمة المركز المالي وقائمة الدخل للشركة الأم، بمعنى اختلاط كامل للميزانية والدخل، وتسجل الأرباح في حسابات الشركة الأم عندما تقوم الشركة التابعة بتحقيق أرباح فعلية.

أما إذا كانت حصص الشركة الأم من الأسهم بين 20-50%، فان الشركة المشتراة تصنف على انها شركة زميلة وتكون المعالجة المحاسبية منفصلة في قوائم الشركة الأم، ويتم تسجيل الاستثمارات في شركة زميلة في جانب الأصول، وتسجل الأرباح في قائمة الدخل عندما يتم توزيع أرباح فعلية من الشركة الزميلة.

تقييم الاستثمارات

وأضاف ان الحصص اذا كانت اقل من 20% وتعتبرها الشركة الأم استثمارات طويلة المدى (اكتتابات مثلا)، فإن الشركة الأم تقوم بتقييم الأسهم بسعر السوق تحت اسم استثمارات متاحة للبيع في الأصول وتسجيل صافي الأرباح «بين سعر السوق وسعر الشراء» في مخصص أرباح غير محققة في محقوق المساهمين «لا يتم تسجيل أرباح إلا عندما تقوم الشركة الأم فعليا بالبيع»، بينما إذا كانت الحصص اقل من 20% وتعتبرها الشركة الأم استثمارات قصيرة المدى «مضاربة مثلا»، فان الشركة الأم تقوم بتقييم الأسهم بسعر السوق تحت اسم استثمارات قصيرة الأجل أو المتاجرة وتسجل صافي الأرباح أو الخسائر مباشرة في قائمة الدخل.

في هذا السياق يرى عصام الجنيــدي أن كل استثمار يتم تقييمـه بما يحققه من أرباح أو خسائر، ولكن المشكلة التي تواجه المستثمرين في هذه الجزئية تتعلق بطريقة عرض البيانات المالية لهذه الشركات التي تخضع في هذا المجال لأمور كثيرة بدءا بالمتطلبات القانونية ومرورا بالمعايير المحاسبية الدولية والمحلية، ويتوقف ذلك على عدة أمور تحدد طريقة هذا العرض في ضوء تلك المتطلبات والتي ذكر منهـا، على سبيل المثال، طريقة عرض البيانات المالية وهل هي بيانات موحدة أم بيانات منفصلة ونسب الملكية لهذه الشركات وفقا لعلاقاتها ومدة هذه الاستثمارات والغرض منها، وهل هذه الشركات مدرجة في أسواق مالية تكون لها متطلبات محددة أم لا.

وأضاف الجنيدي الى ذلك تأثيرات ما إذا كانت بعض هذه الشركات من أسواق مختلفة، بمعنى أن تكون في دول مختلفة مما يستتبع اختلاف الأطر والإجراءات التي تحكم هـذه الشركات باختلاف أسواقها، ومن ثم أثر ذلك في طريقـة عرض بياناتهـا الماليـة، مشيرا إلى أنه في ظل كل هذه المعطيات لا يمكن تطبيق قاعدة واحدة على جميع الحالات، بل يتم التعامل مع كل استثمار وفقا لظروفه في ظل هذه الأمور مجتمعة.

التابعة والزميلة ... ودواعي التأسيس

كان هناك تخبط واضح في التعريف خصوصا في ما يتعلق بتعريف الشركة الزميلة، ففي حين اتفق خبراء على نسبة الملكية التي تجعل من الشركة الوليدة شركة تابعة للشركة الام، اختلفوا في تحديد نسبة الملكية في الشركة الزميلة، فبعضهم ذهب الى القول إن نسبة ملكية الشركة الام في الشركة الزميلة يجب الا تزيد على 20%، ومنهم من قال إن الشركة الزميلة هي الشركة التي تقل نسبة ملكية الشركة الام فيها عن 50% دون تحديد حد ادنى لهذه النسبة.

ورأوا أن الشركة الزميلة من الممكن لها عمليا ان تكون في عداد الشركات التابعة لشركة ما، اذا استطاعت السيطرة على القرار في مجلس ادارة الشركة الزميلة.

واتفق الخبراء على ان دواعي تأسيس هذه الشركات تتلخص في:

• نية الشركة الام دخول مجالات وانشطة جديدة في قطاعات مختلفة، كأن تعتزم شركة استثمارية التوسع في انشطتها، فتؤسس شركة تعمل في قطاع آخر كالعقار مثلا.

• عمل الشركة في أكثر من نشاط، ونيتها فصل هذه الانشطة في شركات مختلفة من اجل التخصص وتوفير اكبر قدر من الاستقلالية.

• توجه الشركة الى الدخول في قطاعات مكملة للقطاع الذي تعمل فيه، كان تلجأ شركة اسمنت مثلا إلى تأسيس شركة نقليات، من اجل ان تتميز وتتنوع الشركة في الخدمات التي تقدمها، مما يكسبها قدرة تنافسية كبيرة في السوق.

• هناك مشاريع كبيرة تستوجب نوعا من الاستقلالية في ادارتها والتعامل معها، لذلك تعمد بعض الشركات الى تأسيس شركة تابعة تقوم بأعمال هذا المشروع.

• توجه الشركة الى التوسع في انشطة ضمن القطاع نفسه، كأن تؤسس شركة تعمل في الاستثمارات المباشرة او تسيطر على شركات تعمل في مجال الصكوك او الاجارة او الصناديق والمحافظ.

• سيطرة الشركة او تأسيسها لشركات في مجال عملها نفسه في مناطق جغرافية متنوعة بغية دخول اسواق جديدة نشيطة من المتوقع ان تسهم في زيادة ربحية الشركة، او فصل الشركة لاصولها في كل منطقة جغرافية من العالم على حدة، وتأسيس شركة لادارة كل منها نظرا الى صعوبة ادارة هذه الاصول من مكان واحد.

• حصول الشركة على فرص تمويل جديدة من خلال حصولها على تمويل عند تأسيسها لشركة زميلة او تابعة.

• الدخول مع شركاء تكون لهم الخبرة والدراية في نشاط معين لتأسيس شركة زميلة او تابعة تعمل في المجال نفسه، وذلك للاستفادة من خبراتهم في هذا النشاط في تحقيق النجاح للشركة الوليدة.

back to top