الحرب قد تحدث لأن أحداً لا يرغب فيها

نشر في 11-04-2009
آخر تحديث 11-04-2009 | 00:00
 بلال خبيز إيران تحتفل بنصرها المؤزر في المنطقة، فنفوذها يمتد من رمال الخليح حتى شواطئه، ويخترق المنطقة العربية برمتها من سورية حتى غزة ولبنان، وصولاً إلى قلب القاهرة إذا ما أخذنا في اعتبارنا بيان النائب العام المصري الذي يتهم فيه أمين عام «حزب الله» بالسعي إلى تنفيذ عمليات أمنية في مصر، وتنشيط الدعوة إلى التشيع في الأوساط المصرية نفسها.

الحوار الفلسطيني-الفلسطيني يسير على سكة مهترئة حتى الآن، وليس ثمة حلول جدية تلوح في الأفق، على الأقل ليس ثمة اعتراف حماسي حتى الآن بمن يحاورهم، أي سلطة محمود عباس وحكومة سلام فياض.

الانتخابات اللبنانية توصف بأنها مصيرية من جانب قوى 14 مارس، لكنها توصف بأنها مهمة وليست مصيرية من جانب «حزب الله» المطمئن لنفوذه في الأوساط التي يتولى حكمها، ويخزّن في أرضها صواريخه، ويطمح للمشاركة الشرعية والدستورية عبر حلفائه بالحكم على باقي الأراضي اللبنانية التي لا تخضع لسيطرته. ما لنا لنا وما لكم لنا، وقد نسمح بأن يكون بعضه لكم.

المشهد بالنسبة لبنيامين نتنياهو يبدو قاتماً... إذا حدث ما يخشاه وأبرمت إيران صفقة ما مع الولايات المتحدة، سيكون قد شرّع وجوداً إيرانياً مسلحاً على حدوده. هذا ولم نصل إلى الخطر النووي الذي تخشى إسرائيل تحقيقه فعلاً.

من جهة ثانية، لا يبدو الرئيس الأميركي الجديد والمحبوب في العالم أجمع، مرتاحاً لسياسات نتنياهو ولا لبرامجه، والأرجح أنه يطمح لتنظيم انتخابات إسرائيلية مبكرة بعد هزيمة ما لرئيس الحكومة الإسرائيلية ينتج بموجبها تنصيب تسيبي ليفني على رأس الحكومة الإسرائيلية، بوصفها الأقرب إسرائيلياً إلى الرؤية الأميركية للمنطقة.

في الصحافة العالمية والإسرائيلية، يشيعون أن ثمة فخاً ينصب للحكومة الإسرائيلية الجديدة، تقوم بموجبه بما هو مطلوب منها لكنها تسقط في امتحان الانتخابات. من جهة ثانية، وبما أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يعرف أن فخاًً معداً له للسقوط فيه، يحاول هو نفسه نصب فخ للحلفاء والأعداء على حد سواء.

في مثل هذا الوضع المتشابك الذي تعيشه المنطقة، ثمة أسباب كثيرة وجوهرية لاحتراق الغابة، وثمة نار يتجمع حطبها في الخفاء ويكفي أن يقوم أي كان بإشعالها حتى تأكل الأخضر واليابس، والأرجح أن بنيامين نتنياهو يعرف جيداً أن الإدارة الأميركية الجديدة لا تستسيغ شراكته ولا تريد لحكومته النجاح في ما تهدف إليه، مما يعني أن احتمال لجوء رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى إشعال المنطقة عبر توجيه ضربة عسكرية لإيران أكثر من وارد، ذلك أن مثل هذه الحرب تبدو مفيدة للجميع من دون استثناء.

فهي من جهة أولى قد تحول الخطر النووي الإيراني من خطر داهم إلى خطر مؤجل لسنوات طويلة قادمة، كما أن مثل هذه الحرب ستكون نتائجها كارثية على إسرائيل من دون شك مما يؤدي حكماً إلى خسارة المتورطين فيها، أي الحرب، في أي انتخابات مقبلة.

نتنياهو يرى في هذه الحرب فخاً ينصبه للإدارة الأميركية نفسها، وبسبب احتمال اتساع رقعتها، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يستطيع أن يجر إليها أطرافاً دولية كثيرة، ذلك أن الولايات المتحدة لن تسمح بتحقيق انتصار إيراني على إسرائيل في أي حرب مماثلة، مما يستدعي انحيازاً أميركياً واضحاً وفاضحاً إلى الجانب الإسرائيلي، وبمثل هذه الحرب يتخلص نتنياهو من التهديدات الإيرانية التي تطاول حدوده المباشرة، ذلك أنه يستطيع أن يخوض حرباً بالغة القسوة على حدوده كلها، لأنه لا يملك هناك ما يخسره، من جهة أولى، ومن جهة ثانية فإنه حين تكون النيران مشتعلة في تل أبيب وشيراز وطهران، لن يرى العالم في قصف عنيف على غزة أو مذبحة في جنوب لبنان أكثر من حادث مرور عابر، مما يعني أن اليد الإسرائيلية الثقيلة ستكون مطلقة الحرية في الأطراف ومقيدة بموازين قوى رجراجة في المتن، أي طهران وتل أبيب. وبهذا تعيد إسرائيل تحديد دورها الوازن في المنطقة وتحد من النفوذ الإيراني خارج الحدود الإيرانية لمصلحة استعادة قوتها الرادعة.

النتيجة من هذا كله، ثمة حرب مرغوبة من أطراف عدة في المنطقة، والأرجح أن التصريح النووي الذي أطلقه الرئيس الأميركي المتعلق باستعداد بلاده للعمل جدياً على جعل العالم خالياً من السلاح النووي ليس أقل من إذن غير مباشر لنتنياهو بإشعال حربه القذرة، والتي إن حدثت ستطيح بأبطالها جميعاً من تل أبيب إلى إيران مروراً بغزة وبيروت ودمشق، وهذا أكثر مما تحلم به إدراة أوباما أصلاً.

* كاتب لبناني

back to top