قمة الكويت... والمريض العربي

نشر في 18-01-2009
آخر تحديث 18-01-2009 | 00:00
 مظفّر عبدالله طاولة الزعماء العرب ستغص غداً بالأرقام المزعجة التي جعلت من المواطن العربي كائناً يصعب عليه أن يكون منتجاً، وهي أرقام من صنع السياسة، ولذلك سيكون المؤتمر، وبطريقة غير مباشرة، معبّراً عما (صنعته يدي).

أول العمود: إعمار غزة بتقديم المال فقط... تبدو نكتة!

***

وصف قمة الكويت الاقتصادية التي ستنطلق غداً بأنها سياسية يجب ألا يكون مدعاة للانزعاج، فهي كذلك وإن تخيلنا أن كارثة غزة الإنسانية لم تحدث، فقضايا التنمية والتكنولوجيا والعلوم ومعالجة الفقر ونقص المياه والتجارة البينية والسوق المشتركة وغيرها من المشكلات ستظهر مثل الكوارث الصامتة على طاولة الزعماء العرب مقابل كارثة غزة التي تنطق دما.

في الوطن العربي كل شيء مسيّس، وكل مشكلات التنمية معطلة بسبب السياسة، ولماذا نذهب بعيدا؟ ولماذا لا ننظر حولنا؟ مشروع البتروكيماويات «داو» سقط بسبب السياسة، والبحث عن أسباب السقوط هو أيضا بدافع السياسة!

فطاولة الزعماء العرب ستغص بالأرقام المزعجة التي جعلت من المواطن العربي كائنا يصعب عليه أن يكون منتجا.

وفي هذه المساحة سنحاول اختصار مأساة الإنسان العربي الذي تناقش القمة شؤونه الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ولحسن الحظ أن يكون مؤتمر الكويت هو الأول في دعوة مؤسسات المجتمع المدني العربي.

التجارة البينية العربية لا تتجاوز اليوم حاجز الـ10%، وبينما وصلت الاستثمارات العربية داخل دولها إلى 60 مليار دولار فإنها تعدت في خارجها الـ1200مليار دولار! وعلى مستوى مؤشرات الفقر فإن ثلثي السكان العرب يعيشون في الدول المنخفضة الدخل، وتقول الإحصاءات إن 70 مليون عربي تحت خط الفقر (دولار في اليوم).

آفة المخدرات تفتك اليوم بأكثر من 10 ملايين عربي، وأضعاف هذا الرقم هي من المتعاطين، والأمية، المرض الاجتماعي الأكثر فتكا بالأمم، يعانيها 60% من السكان العرب، وتشكل نسبة الفتيات خارج نطاق المدارس 70%.

مشاركة المرأة في إدارة المجتمع مؤشر لا يخلو من سلبيات، فقوة العمل العربية تضم فقط 25% من الإناث، أما تقلدها المناصب التشريعية فيشكل 4%، فيما النسبة في الدول النامية 11%.

نقص المياه أبعدت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية خارج الاستخدام، فمن 200 مليون هكتار تتم زراعة 50 مليون هكتار فقط، ومعروف أن 60% من مصادر المياه تأتي من خارج الوطن العربي الذي يشكل 10% من اليابسة، فيما يصل نصيبه من المياه إلى 0.5% «أقل من واحد»!. ويعرف أيضا أن 19 بلدا عربيا تحت خط الفقر المائي (أقل من 1000 متر مكعب من الماء للفرد سنويا).

الأمراض وما أدراك ما الأمراض ،حيث يفتك التهاب الكبد بحوالي 25% من المواطنين العرب، فيما يعاني ربع السكان الأمراض النفسية، هذا عدا الأمراض الأخرى كالإعاقات التي تحصد 80 مليونا من أصل 350 مليونا على مستوى العالم.

أما في ساحة العلم والمعرفة، فالصورة أشد قتامة، فمتوسط الكتب المترجمة لكل مليون عربي في السنوات الخمس الأولى من عقد الثمانينيات بلغ 4.4 كتب، أي أقل من كتاب واحد في السنة لكل مليون فرد، بينما تبلغ النسبة في بلد مثل بلغاريا 519 كتابا، ولا يستطيع العرب المشاركة في أكثر من 11% من حركة النشر العالمية!

أما عدد الصحف فيقل عن 53 صحيفة لكل ألف شخص مقارنة بـ285 صحيفة للألف في الدول المتقدمة! كما أن هناك 18 حاسوبا لكل ألف، فيما المتوسط العالمي يصل إلى 78 حاسوبا، ولا يستطيع سوى 1.6 مليون عربي استخدام الإنترنت، أما العلماء العرب فتقول الأرقام إن 371 عالما عربيا لكل مليون، بينما المعدل العالي لا يقل عن 979 عالما.

هذه مؤشرات سريعة جمعناها من المنظمات العربية التنمويةأ أو من خلال ما رشح من مؤتمرات عربية، وهي تنضح بالتخلف والتراجع الذي يتطلب عملا مضنيا بعيدا عن الشعارات السياسية (بضاعتنا المعتقة)، ولا يفوتنا أن نؤكد بأن الصراع على السلطة أدى بنا إلى هذه الأمراض التي تظهر في شكل أرقام، ولا يفوتنا أيضا أن نؤكد بأن الرقم العربي الوحيد الذي يصعب معرفته هو عدد سجناء الرأي في أوطانهم!

back to top