عصر الحريم... ذكوريّة متزمتة في مواجهة أحلام أنثويّة

نشر في 13-03-2009 | 00:00
آخر تحديث 13-03-2009 | 00:00
No Image Caption
«عصر الحريم» مسلسل لبناني يعرض على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال ويسلّط الضوء على المجتمع الذكوري الذي ما زال ينظر إلى المرأة، في القرن الحادي والعشرين، نظرة دونية ما يجعلها في صراع دائم مع نفسها ومع الآخرين لإثبات ذاتها، وذلك خلافاً لما أوحي للبعض، من خلال العنوان، بأنّ المرأة في عصرنا الحالي، صارت أقوى من الرجل.

«الجريدة» استطلعت رأي الكاتبة والممثلين حول المسلسل.

يشعر كل من يتابع المسلسل بتطوّر أحداثه حلقة بعد أخرى ويشارك الكاتبة منى طايع تمرّدها واعتراضها على مجتمع لا يعترف بحقوق المرأة، ولطالما وصفت الرجل في أحاديثها الصحافية بـ{صاحب الجلالة»، إذ يحلّل خيانته لزوجته في المقابل لا يحقّ لها الاعتراض، بل الرضوخ للأمر الواقع طلباً للسترة، ويقتصر دورها على تلبية رغباته الجنسية. تتجلّى هذه الصورة بشكل واضح من خلال شخصية ليلى، الفتاة التي تعيش من خلال الحب طموحاتها وانكساراتها، أحلامها وخياباتها، بسبب أنانية الرجل وإصراره على التحكم بالمرأة.

معاناة وتمرد

توضح منى طايع: «مشكلة المرأة هي مشكلة حياتي. انتقدتني الصحافة في الفترة الأخيرة واعتبرت أنني أبالغ في تصوير معاناة المرأة في المجتمع اللبناني، فأجبت أن الجمرة لا تحرق إلا مكانها، لا تملك المرأة حقوقاً مدنية ولا حتى حقّ الوصاية على أولادها. إذا توجهنا الى الجامعات وسألنا الشباب إن كانوا يقبلون الزواج من امرأة فقدت عذريتها، نكتشف أنهم ينبذونها. المرأة اللبنانية متحررة ظاهرياً، وهذا التحرّر هو تحرر الحريم بالذات، تحرر المرأة التي تعرض نفسها ليشتريها الرجل الأكثر غنى للأسف».

تضيف طايع: «تجسّد شخصية ليلى، (نادين الراسي) كل افكاري وآرائي ونظرتي للأمور منذ وعيي على الحياة ومعاناتي من التمييز بيني وبين شقيقي الذي يحقّ له ما لا يحقّ لي. ولّد هذا الأمر صراعاً ذاتياً مع المجتمع وبالتالي ثورة على تقاليدنا البالية وعلى نظرة مجتمعنا الى المرأة، التي تشعرني بالذلّ. أرفض أن ينظر اليّ المجتمع كإنسان في الدرجة الثانية».

المفارقة أن نادين الراسي التي جسّدت دور «ليلى» تؤمن بحقوق المرأة إلى أقصى الدرجات لا بالمساواة بين الرجل والمرأة، هنا كان التحدي في قدرتها على أداء دور لا يشبهها إطلاقاً، لكنها أدتّه باحتراف كبير.

تقول نادين في إحدى حواراتها الصحافية: {قد أكون أضعف من أن أكون ليلى، وهي في بعض المشاهد «تفش خلقي» عبر القيام بأمور أعجز عن تحقيقها في الحياة العادية».

تعاني ليلى من عقدة نفسية كون والدها (انطوان كرباج) رجل شرقي متزمت، لا تعني هنا الرجل الذي يحافظ على عائلته ويعطف عليها، بل الذي يعتبر زوجته قطعة أثاث في المنزل ومن واجبها تنفيذ أوامره، وقد جعلت هذه التنشئة ليلى على ما هي عليه اليوم.

توضح الراسي: «ما استفزّ ليلى أكثر، تفضيل الأب لابنه (كارلوس عازار) على شقيقاته ومنحه صلاحيات كبيرة لأنه يحمل دمه وسيرثه بعد مماته، مع أن ليلى أكثر كفاية وذكاء منه. لذا ستحتاج الى شخص يتفهمها ويدعم طموحها وفكرها وشركتها حتى لو لم تشعر تجاهه بالحب، أما البيت فيأتي في آخر اهتماماتها».

من جهته يؤكد الممثل بيتر سمعان أن «عصر الحريم» من أهم الأعمال الدرامية التي أنجزت حديثاً على الصعيد اللبناني سواء من ناحية القصة أو مشاركة ممثلين من الصفّ الأوّل إضافة إلى الإخراج المميز الذي تولاه اللبناني إيلي حبيب، يوضح: «اعتاد عليّ المشاهدون في شخصية الإنسان الخيّر خصوصاً في مسلسل «غنوجة بيّا»، ولم أتوقّع قبولهم الشخصية القاسية التي جسّدتها في «عصر الحريم» وأعطت دفعاً للمسلسل.

يضيف سمعان: «يتميّز المسلسل بالجرأة في معالجة مواضيع واقعية لم يتمّ التطرق إليها سابقاً، إذ لا يجوز تصوير المجتمعات العربية على أنها مثالية بينما تعاني في الواقع من المشاكل الاجتماعية والإنسانية والنفسية».

يلفت سمعان إلى أنّه لم يُقصد من عنوان المسلسل، تصوير المرأة أنها أقوى اليوم من الرجل وأن السلطة بيدها بل الإضاءة على دورها في المجتمع ونقاط قوّتها والمشاكل التي تواجهها في المجتمع الذي يتخذ صفة الذكورية.

فتاة متواضعة

أطلت لاميتا فرنجية على المشاهدين كممثلة للمرة الأولى في «عصر الحريم»، حول تجربتها على الشاشة الصغيرة تقول: «جاءت النتيجة ناجحة وحفزتني على قبول عروض أخرى لإثبات قدراتي بشكل أكبر في مجال التمثيل».

تضيف فرنجية: «اجتمعت مع المنتج مروان حداد أكثر من مرّة إلى أن اتفقنا على أداء دور «سمر» فتاة جميلة من عائلة متواضعة. لم أحبّ الإطلالة على المشاهدين عبر تجسيد شخصية فتاة أرستقراطية أو مشهورة، بل من خلال شخصية فتاة عادية ومتواضعة إن في الشكل أو التصرفات أو اللبس».

تشير فرنجية إلى أن سمر تعكس صورة الفتاة اليوم التي تواجه المشاكل وتحاول التغلّب عليها إضافة إلى دور الحب في حياتها. يحقق المسلسل، في رأيها، نجاحاً باهراً ما يبرهن على تطور الدراما اللبنانية، إضافة إلى مشاركة باقة من ألمع نجوم الدراما اللبنانية من بينهم: انطوان كرباج، إلسي فرنيني، هيام أبو شديد، نادين الراسي، عصام بريدي وغيرهم...

بدوره توقع الممثل يوسف حداد، منذ قراءته الأولى اللسيناريو، أنه سيترك بصمة في الدراما اللبنانية يقول: «بنيت على دوري آمالا كبيرة، إضافة إلى السيناريو المميز والمعاملة الجيدة التي نلقاها من المخرج والمنتج. سعدت لأن الشخصية المعقدة، التي جسدتها نالت الإعجاب والتقدير بعدما اعتاد المشاهدون رؤيتي في الأدوار الرومنسية والعاطفية. بالغت في التعبير والتصرفات، وهو أمر لم يكن موجوداً أصلاً في النص، ليكون الدور مميزاً ومناسباً للشخصية».

يلفت حداد إلى أن «عصر الحريم» يصوّر حالات موجودة فعلاً في مجتمعنا، لكن الأضواء ليست مسلطة عليها، لذلك يشعر المشاهد أنه يعيش الكثير من الأحداث التي ترد في المسلسل. يضيف: «قبل تجسيدي الدور راقبت الأشخاص الذين يعانون من العقد النفسية، خصوصاً الأولاد الذين فقدوا آباءهم أو انفصل أهلهم وعاشوا مع أمهاتهم، بالتالي تربّوا في ظروف غير طبيعية أثرّت في شخصيتهم وحاولت استلهام سلوكيات منهم. أحب تجسيد الأدوار الغريبة والجديدة التي تترك أثراً في المشاهد ولم تعد تعنيني الأدوار التقليدية».

back to top