افتتاحية تسوية تلد أزمات...
هكذا انتهت أزمة الاحتقان السياسي التي عاشتها البلاد بعد تهديد النائب أحمد المليفي باستجواب رئيس الوزراء، ومن ثم تأجيله... انتهت على رأي البعض «لا رئيس الوزراء غالب ولا النائب مغلوب»، وحقيقة الأمر غير ذلك، فالمغلوب على أمره هو البلد، فهو الذي يدفع ثمن الأزمات وثمن الاحتقان السياسي الذي يؤخر أعماله ويربك أولوياته.
الأزمة تنفرج، لكنها تلد أزمات تتوالى وتستمر على حساب مصالح الناس وهمومهم، و«التسوية» جاءت لحفظ ماء الوجه على حساب البلد ومستقبله، الذي أصبح في مهب الريح، لا يعلم إلا الله مجراه ومرساه. كرست هذه «التسوية» عرفاً، وثبتت مبدأ في العمل السياسي الكويتي، فمن له مطالب أو مصالح أو أهداف تخصه من النواب، فما عليه إلا التلويح باستجواب رئيس الوزراء حتى ينشد مبتغاه، وينتهي الأمر بـ«تسوية» تحفظ ماء الوجوه لتريق كل الماء الذي في وجه الوطن، وكل الدم الذي في شرايين ديمقراطيته... فماذا لو تكرر ذلك؟! يبقى أن لجوء الإدارة السياسية إلى الحل الدستوري والاحتكام إلى الامة هو الخيار الأسلم، مادام صعود رئيس الوزراء منصة الاستجواب أمرا مرفوضا، وهو ما يحفظ للوطن ماء وجهه قبل الآخرين، وإن كان الخيار لا يسعد كثيراً من النواب. لكننا بين ما سُمِّي تحية قدمها مجلس الوزراء إلى النائب أحمد المليفي بتشكيل لجنة متابعة لملاحظات ديوان المحاسبة، ولجنة تحقيق بكشوف الجنسية وسحبها من خمسة... رد عليها النائب بما سُمِّي أيضا تحية أحسن منها، وبين الحديث عن العنب أو الناطور وتأجيله للاستجواب... بين هذا وذاك ضعنا... حالنا حال الضياع الذي يعيشه الوطن للعبث السياسي «حكومة ونوابا». عبث يتحمل مسؤوليته الجميع في عدم إدراكهم المسؤولية أو اختزالها بتسويات وترضيات، فإن كان الخطأ في توقيت تقديم الاستجواب، فإن الخطيئة في الخروج منه بهذه الصيغة وبهذه التبريرات. إذا كان هذا هو الأسلوب المتبع للهروب من الأزمات فإنها قد تنفرج، لكنها ستلد أزمات، وكان الله في عون البلد الذي أصبح بعض أبنائه خصومَه! الجريدة