على هامش فيلمه الجديد حول الطفل المولود رجلاً براد بيت لـ الجريدة: لا أُريد أن أضيِّع سنواتي هباءً

نشر في 05-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 05-02-2009 | 00:00

في فيلم The Curious Case of Benjamin Button، المقتبس عن قصة لـ ف. سكوت فيتزجيرالد، يبدو بنجامين باتون طفلاً من عالم آخر: هو صغير بحجم رضيع، لكنه يبدو كرجل مسن بتجاعيد وجهه وسحنته... لقد وُلد وهو في الثمانين.

نشاهد بنجامين، كما يؤديه براد بت، في مراحل عمره كافة، في رحلة مزدوجة: كلّما كبر بدنياً، تغيّرت إمارات وجهه وبدا أصغر من يوم ولادته، وحين يقترب من الخمسين يبدو شابّاً في العشرينات، وبعد ذلك يتراجع حجمه ليبدو في السادسة عشرة، إلى أن يعود طفلاً بعد رحلة اكتشف فيها الحياة بـ{المقلوب».

على رغم غرابة القصة، أراد براد بيت والمخرج ديڤيد فينشر أن يأتي الفيلم واقعياً، وأن يلتمس المشاهد حسّاً صادقاً في العرض. كان باستطاعة بيت اختيار أكثر الدروب سهولة، فيمثّل الدور على نحو من التشخيص المسلّي الذي يستند الى الغرابة بحد ذاتها، فيوزّع المفردات الاستعراضية ويسجّل خلال ذلك نقاط أداء سهلة ومسليّة. لكنه عوض ذلك عالج المسألة بعمق وأثراها بحركات واقعية كما لو كانت الشخصية حقيقية فعلاً. 

رُشح الفيلم لـ 13 أوسكاراً أميركياً و10 جوائز «بافتا» (جائزة بريطانية توازي الأوسكار بأهميتها)، وبيت مرشّح أيضاً في هاتين المسابقتين، وهو يعلم أهمية فوزه بإحدى الجوائز، على رغم أنه في حديثنا معه رفض التطرّق إلى الموضوع لأن أحداً، كما يقول، لا يعلم كيف سيتّجه أعضاء «أكاديمية العلوم والفنون السينمائية» التي تمنح الأوسكار بأصواتهم. 

ظهر بيت في 40 فيلماً، ولفت إليه الأنظار منذ البداية حين مثّل في «ثلما ولويس» (1991) شخصية شاب يخوض مغامرة عاطفية قصيرة مع امرأتين تكبرانه بسنوات هما سوزان ساراندون وجينا ديڤيز. وقد اكتفى بالظهور كنجم وسيم  في «أوشن»، لأن السلسلة لم تتطلّب منه ولا من رفاقه جورج كلوني ومات دايموند أي جهد فني. وبدا طموحاً في «تروي» وغير مقنع في دور الإيرلندي في Snatch، لكنه في معظم أفلامه الأخرى، كان الممثل الذي يتجاوز مسألة جاذبيّته ووسامته ويقدّم أداء جيّداً. ساعدته وسامته في بلوغ النجومية، لكنها في الوقت ذاته وضعته في متاعب عاطفية حين تعلّقت به أنجلينا جولي فأخذته من جنيفر أنيستون التي لم ترضَ الاستسلام، فقاتلت للاحتفاظ بزوجها، لكنها خسرت المعركة.

The Curious Case of Benjamin Button ثالث لقاء بين بيت والمخرج ديڤيد فينشر الذي كان استعان به للمرّة الأولى عام  1995 في فيلم «سبعة»، ثم في «نادي القتال» عام1999 .

يقول المخرج فينشر أنه حين عرض عليك دور بنجامين باتون كان شرطك الوحيد أداء الدور في مراحل حياة الشخصية كلها.

أردت أن أضمن أن ماهية الشخصية التي سأجسدها مترابطة. إنها شخصية صعبة والاكتفاء بأداء مرحلة أو اثنتين منها سيقلّل من أهميتها. 

كيف كان استعدادك للفيلم، علماً أن الشخصيّة تتطلّبيت جهداً كبيراً في الماكياج والغرافيكس؟

كما قلت المسألة كانت بالغة الأهمية بالنسبة إلي، لكن الصعوبة لم تكن في الماكياج، بل في الحفاظ على التتابع الزمني: أين أنا الآن، وكيف أنتقل من مرحلة الى أخرى من دون أن أخطأ في التواصل مع الشخصية؟ كان عليّ أن أبقى سيّد اللعبة، ويقظاً دائماً.

لكن يبدو الماكياج غير موجود إلا في حدود طبيعية جداً.

هنا يكمن النجاح. لقد أخذ منّا الماكياج جهداً وساعات طويلة.

عن كم ساعة نتكلم؟

يقول فنانو الماكياج: «ساعتان وتكون جاهزاً»... هذا هراء (يضحك). الحقيقة أننا كنا نمضي أربع ساعات ونصف. وفي اليوم الأول أمضينا ست ساعات قبل أن أصبح جاهزاً. 

في  هذه الحالة متى كنت تذهب الى مكان التصوير؟

أحياناً في الثالثة والنصف صباحاً كي أكون جاهزاً في السابعة أو الثامنة.

حين نشاهد الفيلم تتوالى في خاطرنا أسئلة كثيرة حول الحياة والموت والتضحية، هل بعث الفيلم فيك خواطر مماثلة؟ هل استنتجت عظة ما؟

نعم، ولا أمانع في البوح بهذه المسألة. حين بدأنا تصوير الفيلم كان المخرج ديڤيد يمر بأزمة خسارته والده الذي توفّي قبل التصوير بنحو شهر. وكان كاتب السيناريو أريك روث خسر والدته بينما كان يكتب الفيلم. وخلال التصوير خسرت أنجلينا جولي والدتها. بالتالي كانت فكرة الموت والأبدية في خواطرنا جميعاً. وبصراحة المسألة التي بقيت في بالي بعد انتهاء التصوير ثم تجددت حين شاهدت الفيلم هي أنني لا أدري إذا كنت سأموت غداً أو بعد 10 أيام أو بعد 40 سنة. هل أنا في منتصف العمر أو قريباً من نهايته. لذلك عليّ التأكد من أني لا أضيّع سنواتي الباقية، قليلة كانت أم كثيرة، هباءً.

 إنه فيلم حزين. عندما كنت أشاهده في صالة العرض سمعت بعضاً من الحضور يبكي.

الفيلم كما ذكرت سابقاً يدفع بنا إلى التفكير بمسائل كثيرة عن الحياة والموت، على رغم أن القصّة في حدّ ذاتها ليست واقعية. والشكر لديڤيد فينشر الذي صنع فيلماً فاق التوقعات كافة، يمتزج فيه الخيال بالواقع، فتصبح القصّة غير مستحيلة لأن الأساس فيها المشاعر والدواخل الإنسانية. لا أستطيع القول إني بكيت، لكني حضرته مع مجموعة من السينمائيين وسمعت البعض منهم يبكي حين انتهى الفيلم. (يضحك)... شاهدت المحارم الورقية في الأيدي. تصوّر لو أن هذا لم يحدث، لكان الفيلم أخطأ في إصابة هدفه.

هل تفكّر بالأوسكار هذه الأيام؟

نعم أفكّر بأن الفيلم ترشّح لثلاث عشرة جائزة، لكني أحاول الحفاظ على برودة أعصابي. إذا فزت بإحدى الجوائز فسيكون الحدث عظيماً بالنسبة إلي... وإذا لم أفز سيشعر بروعة الجائزة ممثل آخر. أنا لست مستعجلاً. 

لكن توافق على أن هذا الفيلم هو فرصة ذهبية تستحق عليها الأوسكار؟

أعتقد أنه فيلم أوسكارات لكن كذلك الحال بالنسبة الى أفلام وممثلين ومخرجين آخرين . أليس كذلك؟  

قبل نحو 10 سنوات وبعد تصوير «خطف» سألتك، ماذا يعني لك التمثيل؟ فأجبيتني: «إنه البحث عن أدوار ترضيني فنيّاً»... اليوم، هل ما زلت تبحث عن الأدوار نفسها؟

أبحث دوماً عن أدوار ترضيني كممثل، وأعتقد أن هذا أمر طبيعي.

تعاونت في «لعبة جاسوسية» مع روبرت ردفورد، سمعت أن مشروعاً جديداً سيجمعك به.

نقول دائماً إننا نريد مشروعاً نحققه معاً، لكن الفرصة لم تتسنَّ بعد. الرغبة في التعاون موجودة، لكننا نريد فيلماً نتفق كلانا على أنه مناسب.

ما الذي تغيّر في عملك أو في منهجك خلال السنوات العشر الأخيرة؟

أحب الآن عملي أكثر من أي وقت مضى. لكني أعتقد أن التغيير الذي تتحدّث عنه هو أنني الآن أكثر خبرة وأستطيع أن أقرر ما إذا كنت أريد هذا الدور أو ذاك من دون الحاجة إلى وقت طويل. كذلك صرت حريصاً على نوعية الأدوار لأن أولادي سيرون الأفلام التي أمثّلها وأريدهم أن يكونوا فخورين بما أقوم به.

عن أي نوع من الأدوار تتحدّث؟

التي تحتوي على ما يشغل البال.

أفلام كثيرة تشغل البال، لكنها لا تنجح تجارياً.

النجاح يتحقق بيتوافق عناصر الفيلم. مثلاً The Curious Case of Benjamin Button ربما كان ليفشل إن أخرجه مخرج آخر، أو أدى بطولته ممثل آخر. ثمة طرق كثيرة لنجاح فيلم ما بصرف النظر عما إذا كان جادّاً أو لا.

لكنك شاركت في أفلام لأنك اعتقدت أنها ستكون أفضل مما جاءت عليه، أليس كذلك؟

ربما. كل ممثل ينظر إلى بعض أفلامه بعد سنوات على إطلاقها ويتعجّب لماذا شارك فيها.

هل «أوشن 11» و«أوشن 12» و«أوشن 13» من بينها؟

  ماذا؟ (يضحك) لم تعجبك هذه الأفلام؟

ليس من وجه للمقارنة بين شخصيتك في فيلمك الجديد ودورك في سلسلة «أوشن».

تلك السلسلة تختلف في كل شيء. إنها قصص خفيفة والبطولة فيها مشتركة. وكانت المشاركة فيها ممتعة. كنّا مجموعة من الأصدقاء نعمل معاً.

مضت أعوام على تعاونك مع أنجلينا جولي، هل من مشاريع سينمائية مقبلة؟

لم نبحث الأمر أخيراً. نحن بحاجة الى مشروع يستحق أن نعمل عليه معاً، لكننا لم نجده بعد.

يقول البعض إنكما تحضّران لفيلم بمثابة جزء ثان  من «مستر ومسز سميث».

لم نستلم سيناريو جاهزاً بعد. قرأت هذا الأمر في الصحف، لكني لا أعرف عنه شيئاً محدداً.

ذلك الفيلم كان واحداً من الأعمال الترفيهية. لا أقصد التقليل من قيمة هذه الأعمال، لكن الممثل فيها يصبح مدير أعمال يهتم بالربح أكثر من الفن.

إطلاقاً. «مستر ومسز سميث» يلبي رغبة الجمهور الذي يحب أفلام الحركة، لكن فكّر في أولئك الذين لا يحبّون هذه الأفلام. أنا متأكد أنهم لم يكترثوا للفيلم.

هل النجومية أمر ثابيت؟ وهل تعتقد أن الجمهور مخلص للممثلين اليوم كما كان مخلصاً لهم في زمن بعيد مضى؟

سؤال جيّد. أخشى من أن تكون إجابيتي عنه افتراضات. أولاً، كان جمهور الأمس على علاقة أفضل مع ممثليه المفضّلين من جمهور اليوم، لكن الظروف تختلف كثيراً، بالنسبة إلى الجمهور وإلى الممثل وإلى السينما ككل.

أما بالنسبة إلى الجزء الأول من السؤال، فلكل منا ذروة يبلغها ثم يسقط عنها. والسؤال، كم من الوقت يستطيع البقاء على القمّة؟ لا أدري إذا كنت أجبيت عن سؤالك أو لا، لكني لا أستطيع الحديث في هذا الموضوع من دون ذكر أمثلة ولا أريد أن أفعل ذلك. 

back to top