ملبورن 1956: السوفييت يتفوقون على الأميركيين ويهاجمون المجريين برميل بارود الحرب الباردة ينفجر في حوض كرة الماء

نشر في 24-07-2008 | 00:00
آخر تحديث 24-07-2008 | 00:00

نالت أستراليا شرف استضافة النسخة السادسة عشرة من الألعاب الأولمبية في المؤتمر الثالث والأربعين للجنة الأولمبية الدولية الذي انعقد في الثامن والعشرين من ابريل 1949، وقد تفوق الأستراليون بفارق صوت واحد على بوينس أيرس الأرجنتينية، التي لم تكن الوحيدة المنافسة بل كانت مدن لوس أنجلس وديترويت وشيكاغو ومينيابوليس وفيلادلفيا وسان فرانسيسكو الأميركية ومكسيكو المكسيكية أيضا في سباق التنافس على احتضان الألعاب. نظمت الدورة ما بين الثاني والعشرين من نوفمبر والثامن من ديسمبر 1956 في ظل مقاطعة العديد من الدول لأول مرة في التاريخ الاولمبي، ولأسباب متعددة كلها سياسية. وامتازت الدورة بأنها الأولى التي أقيمت في المنطقة الجنوبية لنصف الكرة الأرضية حيث المسافة بعيدة والطقس مختلف الأمر الذي ولد اعتراضات عدة.

نالت مدينة ملبورن الاسترالية عام 1949 سبق الترشح لتنظيم العاب الاولمبياد السادسة عشرة عام 1956، بفارق صوت واحد عن العاصمة الأرجنتينية بوينس ايريس.

وللمرة الأولى خرقت الألعاب وحدة المكان والزمان، فنظرا إلى القوانين الاسترالية المتعلقة باستخدام الحيوانات أقيمت مسابقات الفروسية من 10 إلى 17 يونيو في ستوكهولم.

كانت ألعاب سيدني الأولى خارج القارتين الأوروبية والاميركية، ونظمت من 22 نوفمبر إلى 8 ديسمبر أي في الشتاء الأوروبي-الاميركي، والصيف الاسترالي الحار. كما أثرت صعوبة الانتقال وغلائه من القارة الاسترالية واليها في تحجيم عدد المشاركين الذي تدنى عما كان عليه في دورتي لندن 1948 وهلسنكي 1952، إذ حضر 3148 رياضيا بينهم 371 امرأة من 67 بلدا. وشاركت للمرة الأولى كل من كينيا وليبيريا ومالي وألمانيا بقسميها وتايوان وأوغندا وفيجي وإثيوبيا.

التنافس الشريف رد على الصراعات بقوة

صادفت ألعاب ملبورن الحرب الباردة في أوجها، فخريف بودابست وسحق الدبابات السوفييتية المعارضة المجرية بدأ في 4 نوفمبر، والنتيجة التراكمية أكثر من 20 ألف قتيل والغضب والحقد المتفاقمان «سينفجران» تعبيريا في ملبورن أيضا، وشنت إسرائيل مع إنكلترا وفرنسا العدوان الثلاثي على مصر في 5 نوفمبر، وبدأت الثورة الجزائرية تتفتح، والصين التي تعارض الاعتراف بجزيرة فورموزا (تايوان) قاطعت الألعاب، كما قاطعها لبنان ومصر والعراق احتجاجا على «العدوان الثلاثي» وهولندا وإسبانيا وليختنشتاين وسويسرا احتجاجا على الغزو السوفييتي للمجر، غير أن رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الاميركي أفري بروندج أعلن أن الألعاب حاجة ماسة «والصراع القائم في العالم هو بين الدول والأنظمة وليس بين الشعوب، والألعاب الاولمبية تنافس رياضي شريف بين الأشخاص ويجب أن يستمر». وهذا ما حصل واقترن في النهاية بطابور عرض وداعي مشترك ومختلط بين الأعراق والأجناس والجنسيات، كان ردا قاسيا على الصراعات والنزاعات والأطماع التي تدفع الشعوب دائما ثمنها لحما ودما وتشريدا وخسائر في ممتلكاتها.

تضمنت ألعاب ملبورن 151 مسابقة في 19 لعبة هي: ألعاب القوى والتجديف وكرة السلة والملاكمة والكانوي كاياك والدراجات والفروسية والمبارزة وكرة القدم والجمباز ورفع الأثقال والهوكي على العشب والمصارعة والسباحة والخماسية الحديثة والغطس والرماية والزوارق الشراعية وكرة الماء.

السوفييت في الصدارة للمرة الأولى

واحتل الاتحاد السوفييتي الصدارة للمرة الأولى برصيد 98 ميدالية (37 ذهبية و29 فضية و32 برونزية)، في مقابل 74 للولايات المتحدة (32 و25 و17) و35 لاستراليا (13و 8 و14).

وبمبادرة من اللجنة الاولمبية الدولية، تبارت الألمانيتان في بعثة مشتركة وسارت مجتمعة في طابور العرض الافتتاحي، وحصد أبطالها 6 ذهبيات و13 فضية و7 برونزيات، ولبسوا بزات رياضية «ثورية» منسوجة من مادة البرولاستيك التي كانت بداية «فتح» في تصنيع الألبسة الرياضية.

وباتت الألعاب أيضا بداية عصر انتصارات استرالية في ألعاب القوى والسباحة. وإذا كان العداء رون كلارك لفت الاهتمام في حفلة الافتتاح الضخم حين تسلم الشعلة الاولمبية وأوقدها بعدما حملها 2752 رياضيا ورياضية، فإن مواطنته الشقراء الجميلة كاتي كاثبرت (18 عاما) شدت الأنظار في الجري وحصدت لبلدها ثلاث ذهبيات في الـ100 م والـ200 م والبدل 4 مرات 100م. ودشنت انتصاراتها برقم اولمبي في المئة متر مقداره 11.5 ثانية، وسجلت 23.4 ثانية في الـ200 م.

الهواء يمنع مورو من تحطيم رقم قياسي

أما مثيلها عند الرجال فكان الاميركي هنري بوبي مور الذي حقق انتصاراته تحت أنظار مواطنه الأسطورة جيسي اوينز لكن الهواء العاصف أعاق تحطيمه رقم 100 م، فاكتفى بتسجيله 10.5ث.

وعرفت الابتسامة الاسترالية أكثر مع جيل السباحين المميزين، وفي مقدمهم جون هنريكس (19 عاما) الذي قاد ثلاثية بلاده في الـ100 م حرة، فحل لورين كراب ثانيا وفيت ليش ثالثا، وأسهم أيضا في ألقاب البدل كلها وتسيد موراي روز سباقي 400م حرة و1500م.

وشهد الحوض دخول مسابقة جديدة هي سباقات الفراشة واقتصرت على 200م رجال وعاد لقبه للاميركي وليام يورزيك و100م سيدات وفازت به مواطنته شيلي مان.

واستخدمت الزانة المصنوعة من الألياف الزجاجية للمرة الأولى في مسابقة القفز بالزانة من قبل اليوناني جيورجيوس روبيناس الذي حل ثالثا (4.50 م)، في مقابل (4.56 م) للاميركي بوب ريتشارد الذي احتفظ باللقب.

ولمع نجم آخر في سماء ألعاب القوى هو الاميركي باري أوبريان الذي دفع الجلة مسافة 18.57 م، مطورا رقمه الذي منحه ذهبية هلسنكي أيضا بـ1.16 م.

ميمون فاجأ الكثيرين

وكان العنوان الكبير لسباق الماراثون الفرنسي الجزائري الأصل ألن ميمون، الذي فاجأ كثيرين بإعلانه خوض المسافة، سعيا إلى تتويج ذهبي طال انتظاره، وبعدما لفت الأنظار ببروز في سباقي 5 آلاف و 10 آلاف متر في دورتي لندن وهلسنكي.

تميزت المنافسة في ملبورن بالكر والفر على طريقة سباقات الدراجات على الطريق. وكان الاميركي كيلي تقدم في منتصف المسافة بمثابة جرس الإنذار لميمون علما بانه شعر بتثاقل قدميه وألم في رأسه عند الكيلومتر الـ36، لكنه قرر الصمود والمواجهة بمختلف السبل مستعيدا ذكريات ومواقف منذ أيام طفولته المعذبة، فزادت عزيمته و«استعاد» قوته وخفة حركته، ودخل الاستاد فشعر بتهليل 120 ألف متفرج وكأنه «قصف رعد». كانت الساعة تقارب السادسة مساء ودار حول المضمار لفة هي الأسرع في سباقات الماراثون (1.4دقيقة)، منهيا السباق ومسجلا 2.25 س.

فرنسي آخر كان محط اهتمام في ملبورن هو بطل المبارزة كريستيان اوريولا، احد أكثر المتوجين في العالم إذ حصد اللقب العالمي 9 مرات. وفي الاولمبياد، أحرز فضية الفردي وذهبية الفرق في الشيش عام 1948، وذهبية الفردي والفرق عام 1952، واحتفظ بذهب الفردي وأسهم في حصد فضية الفرق في ملبورن. وكانت المبارزة عرفت في حينها تطورا جديدا تمثل بإدخال تقنية اللمسات الكهربائية، ما سمح بدقة ووضوح اكبر في منح النقاط غير أن أسلوب المتباري وتحرك اللاعبين اختلف، فالمتسابق بات موصولا بسلك معدني «مكهرب»، وأصبح التركيز على من يسبق في لمس منافسه، ما جعل المبارزة التي هي بمثابة «محادثة خفية وترقب مثير ومناورة ذكية تعتمد على حركات محددة، وبات التدريب ينصب على تقوية الساقين والسرعة في الانقضاض من دون أي خداع مباغت».

اشتباك سوفييتي- مجري ساخن

أما المقابلة بين السوفييت والمجريين فكانت ساخنة، ورفض المجريون مصافحة منافسيهم لكن الحقيقة المرة في العلاقة المتأزمة بين الطرفين انفجرت لاحقا وكان مسرحها حوض كرة الماء حيث تواجه منتخباهما في مباراة تحولت إلى ملاكمة مائية صبغت بالدم.

نشب الاشتباك في الدقيقة 12 من المباراة، عندما تقدم المجريون -4 صفر، وكانت المدرجات تغلي بأغلبية من المجريين يصرخون «ليعود الروس إلى بلادهم» وترد الأقلية « أنكم فاشيون».

ويبدو أن حكم المباراة السويدي سام سوكرمان كان يتوجس شرا من اللقاء فطلب من الطبيب المناوب يونغ كيرسي أن يكون في الحوض لمساعدته حين تدعو الحاجة.

وصدقت توقعاته حين وجه فلاديمير بروكوف لكمة «جارحة» إلى أرفين زادور، ولما صبغ دمه مياه الحوض هاج الجمهور وصرخ «قتلوا زادور»، علما بانه أصيب بجرح بسيط فوق حاجبه.

ولما عاد زادور إلى القرية الاولمبية تلقى برقية دعم من شيخ اميركي قتل الشيوعيون ابنه في كوريا، وأعلن تبنيه للاعب المجري الذي رفض الفكرة والتخلي عن عاداته وبيئته.

لكن صورة الاختلاط الودي والمحبب بين الوفود في اختتام الألعاب لم تشجع المجريين كلهم على العودة إلى ديارهم. فمن أصل 112 شخصا تشكلت منهم البعثة، عاد 44 منهم فقط، ولم يضموا المتوجين الفائزين بميداليات ذهبية وبينهم أبطال كرة الماء وبقي 16 في استراليا وتوجه 52 إلى الولايات المتحدة.

لاريسا لاتينينا

لا يملك أحد سجل لاريسا لاتينينا في الجمباز، لاسيما في الألعاب الأولمبية، وهذا يشمل السيدات والرجال وكل المسابقات: 18 ميدالية منها 9 ذهبيات، حصدتها في ثلاث دورات اولمبية من 1956 الى 1964.

وليس من عجب في أن تبقى الأوكرانية احدى اعظم بطلات هذه الرياضة، وهي التي لم تخسر في مسابقة الفردي العام طوال سبع سنوات متواصلة. واضافة الى ما ذكرناه آنفا نلفت الى أن سجلها يضم 50 ميدالية بينها 25 ذهبية في الألعاب الأولمبية وبطولة العالم وبطولة أوروبا.

ولابد من التذكير ان ذهبياتها الأولمبية التسع تضعها على قدم المساواة مع ثلاثة رياضيين عمالقة هم: الفنلندي بافو نورمي، والأميركيان مارك سبيتز وكارل لويس.

تعلمت لاريسا في صغرها الرقص الكلاسيكي، وكانت ابنة عامل المرفأ الذي قتل خلال الاحتلال النازي لأوكرانيا وهي قادرة على أن تكون احدى نجمات باليه البولشوي لو لم يستهوها الجمباز.

وقد كانت لها اليد الطولى في تغيير تقنية الحركات الأرضية فادخلت اليها تشكيلات ومناورات جديدة تماما على ألحان كانت تضعها بنفسها!

بوريس شاخلين (1932- 2008)

لاعب جمباز سوفييتي من أعظم من شارك في الألعاب الأولمبية، كان طويل القامة بالنسبة الى لاعب جمباز الأمر الذي سبب له إزعاجاً في الحركات الأرضية، حاز في مسيرته ثلاث عشرة ميدالية أولمبية، سبع ذهبيات وأربع فضيات وبرونزيتين، وأحرز في دورة ملبورن 1956 ذهبيتين في الفرق وحصان الحلق، ثم نال في اولمبياد روما أربع ذهبيات وفضيتين وبرونزية، وجاءت ذهبياته على أجهزة، حصان الحلق، حصان القفز، والمتوازي الجهاز الأرضي، ثم نال في اولمبياد 1960 ذهبية وفضيتين وبرونزية، ويعتبر أكثر الرياضيين تتويجاً اولمبيا بشكل عام. كما انسحب تألقه على بطولة العالم حيث نال أربع عشرة ميدالية بين 1954 و1962، منها ست ذهبيات.

أخبار أولمبياد بكين 2008

أعلنت كوريا الشمالية أن وفدها المشارك في دورة الألعاب الأولمبية (بكين 2008) يضم 60 رياضيا سيسعون الى التنافس على الميداليات في عشر لعبات مختلفة.

وذكرت وكالة أنباء كوريا الشمالية (كيه.سي.إن.إيه) أن الوفد يضم نجم الجودو كي سون هوي الفائز بميدالية ذهبية في أولمبياد أتلانتا 1996.

وأوضح رئيس اللجنة الأولمبية الكورية الشمالية يون يونج ­بوك أن هدف بلاده خلال الدورة التي تقام الشهر المقبل يتمثل في نيل عشر ميداليات متنوعة من بينها ذهبية واحدة.

وشاركت كوريا الشمالية بوفد ضم 36 رياضيا في تسع لعبات بأولمبياد أثينا 2004، وخرجوا بأربع فضيات وبرونزية واحدة.

• أكدت العداءة اليونانية ايكاتيريني ثانو، التي اقصيت من اولمبياد بلادها عام 2004، بسبب تهربها من فحص للمنشطات، انها ستشارك في اولمبياد بكين المقرر من 8 الى 24 الشهر المقبل، حسب ما ذكر محاميها نيكوس كولياس لوكالة فرانس برس.

وقال كولياس: «ثانو تريد المشاركة في اولمبياد بكين والاتحاد اليوناني لالعاب القوى وضعها على لائحة المنتخب الاولمبي اليوناني».

وستعلن اللجنة الاولمبية اليونانية خلال الاسبوع الحالي اللائحة النهائية للرياضيين المشاركين في اولمبياد بكين.

ولن تكون مشاركة ثانو مضمونة حتى وان كانت ضمن تشكيلة منتخب بلادها، لان عليها ان تنتظر ايضا موافقة اللجنة الاولمبية الدولية التي تتخذ قرارها في اوائل الشهر المقبل.

• أعلن البطل الأولمبي السويدي كريستيان اولسون امس الاول أنه لن يشارك في منافسات الوثب الثلاثي بدورة الألعاب الأولمبية المقبلة (بكين 2008)، بسبب تعرضه لإصابة في الفخذ.

وأعلن اولسون (28 عاما) قراره عقب مشاركته في لقاء «جالان» بالعاصمة السويدية ستوكهولم، حيث حقق ارتفاعا قدره 17 مترا في أفضل محاولة له احتل بها المركز الثالث قبل الانسحاب.

•­ أعلن اليخاندرو بلانكو رئيس اللجنة الأولمبية الاسبانية أن بلاده تتوقع الحصول على ست ميداليات ذهبية خلال مشاركتها في دورة الألعاب الأولمبية (بكين 2008).

وأعرب بلانكو عن أسفه لعدم تأهل المنتخب الأسباني لكرة القدم لمنافسات اللعبة في بكين، لكنه أكد أن وفد بلاده قوي للغاية وقادر على تحقيق أكثر من ميدالية.

• فشلت العداءة المخضرمة الجامايكية الاصل السلوفينية الجنسية ميرلين اوتي في ان تصبح وفي سن الثامنة والاربعين اول رياضية تشارك في الالعاب الاولمبية للمرة الثامنة، بعد اخفاقها في تجارب انتقاء المنتخب السلوفيني امس الاربعاء في ماريبور.

ولم تنجح اوتي خلال سباق 100 م في تسجيل زمن يخولها ان تكون ضمن المنتخب الذي سيشارك في اولمبياد بكين المقرر من 8 الى 24 الشهر المقبل.

(د ب أ، أ ف ب)

back to top