ليونارد نيموي... الشخصيّة الصادقة في Star Trek
هوليوود- بالنسبة إلينا، ما زالت رؤية ليونارد نيموي يضحك غريبة. طوال عقود، كان نيموي الوجه الجامد لسيّد سبوك، الكائن الفضائي في مسلسل Star Trek، لذا من المخيف بعض الشيء أن نرى ابتسامة عريضة ترتسم على وجهه وهو يوجّه تحيّة رئاسيّة مميّزة جداً. قال نيموي، 78 عاماً، وهو يؤدي الإشارة الخاصّة بشخصيّة سبوك: «خلال الحملة الانتخابيّة، ألقى باراك أوباما التحيّة عليَّ على طريقة سبوك الخاصّة خلال حفلة لجمع التبرّعات. كان أمراً لا يُنسى. كذلك، ألقى عليّ تيموثي ليري التحية بالطريقة نفسها ذات مرّة. يحصل ذلك معي في غالبية الأحيان».
يحاول جيل جديد كامل من المعجبين تعلّم كيفيّة فصل الأصابع للقيام بإشارة سبوك، مع صدور الجزء الحادي عشر من فيلم Star Trek الذي حقّق أرباحاً طائلة على شباك التذاكر، بما يعادل 76 مليون دولار، في أول نهاية أسبوع يُعرض فيه.بالنسبة إلى مخرجي الفيلم، يمثّل نيموي صلةً حيّة مع تاريخ العمل المميّز الذي بدأ عرضه في الستينات: Wagon Train to the stars.يعمل في هذا الفيلم فريق عمل جديد وشابّ: كريس باين، 28 عاماً، بدور الكابتن جايمس ت، وكيرك وزاكاري كينتو، 31 عاماً، بدور سبوك. لكنّ نيموي (بفضل عقدة القصّة المبنيّة على الانتقال بالزمن) سيؤدّي دوراً رئيساً كشخصيّة ثانية لسبوك الذي يظهر بصورة الزائر الجديّ الأشيب القادم من المستقبل والمُلاحَق من كائن الرومولان المحتال نيرو (إيريك بانا) في رحلة دمويّة. وفقاً لباين، يعطي وجود نيموي العمل «قبولاً مهماً جداً من الجمهور، وكأنّ الشعلة تُسلَّم إلى جيل جديد». ووصف المخرج ج.ج. أبرامز مشاركة الممثّل القدير في الفيلم «بالأمر الأساسيّ لتحقيق هدفنا خدمةً لتاريخ Star Trek واحتفالاً به عبر هذه القصّة وتقديم شيء جديد ومشوّق».لم يتوقع نيموي أبداً لصق هاتين الأذنين مجدداً. كان حذراً في تعامله مع أبرامز وكاتبَي السيناريو روبرتو أورسي وألكس كيرتزمان. لكن بعد سماع وجهة نظرهم حول الفصل الأخير من الملحمة الفضائية، شعر بالحماسة. دور أساسيأضاف نيموي، وعلى وجهه ابتسامة مخيفة: «إنها المرّة الأولى والوحيدة التي يقول لي فيها مخرج: لا يمكننا القيام بهذا الفيلم من دونك ولن نفعل. لقد قال أبرامز ذلك. إنه تصريح قويّ جداً. وحين تشاهدون الفيلم، سترون أهميّة الدور في القصّة». يؤدّي نيموي دور «الشخصيّة الصادقة» في الفيلم، كما يقول أورسي. هذا القول بمثابة نقد غير مقصود لويليام شاتنر، أي كيرك الأصليّ، الممثل الذي سعى إلى الحصول على دور في هذا الفيلم الجديد الذي كلّف 140 مليون دولار. ما زال نيموي وشاتنر صديقين حميمين بعد تلك السنوات كلّها، وأحد أسباب ذلك إدراكهما لأهميّة الصمت عند اللزوم.صرّح نيموي في هذا السياق: «أمضينا، أنا وبيل، بعض الوقت معاً. نحن نتناول العشاء من وقت لآخر. أتعاطف معه لأنني أُخرجت من شركة Next Generation films أيضاً. هكذا تسير الأمور». عُرض آخر فيلم مثّله نيموي من سلسلة Star Trek عام 1991، وقد شعر بأنه منفيّ حين شاهد إصدار أربعة أفلام ستار تريك متتالية من دون شخصيّة سبوك. على عكس شاتنر، وصل نيموي إلى مرحلة لم يعد فيها يكترث بالقيام برحلة أخرى خارج «المركبة الفضائية».أضاف نيموي: «في أفلام شركة Next Generation، لم أظهر أبداً وقُتلت شخصيّة كيرك. بدا الأمر وكأنّ أحدهم كان يحاول رسم خط فاصل بين المسلسل الأصلي الكلاسيكيّ وطاقم عمل الشركة. استغنوا عن شخصيّتي وقتلوا شخصيّة بيل. افترضت أنّ الأمر انتهى. لم أشعر بالسعادة حيال ذلك، لكني كنتُ بخير. أدّيتُ دوري لوقتٍ طويل وأردت بعدها فعل أمور كثيرة. لم أنظر إلى الخلف». بعد تلاشي عالم ستار تريك من حياته، ركّز نيموي على حبّه للفن والتصوير الذي رافقه طوال حياته. هو وزوجته سوزان باي عضوان في جمعيّة الفنون المحليّة؛ وقد تكلّم بفخر عن برنامج أعدّاه لجمع الأموال لمساعدة الفنّانين. بالنسبة إلى شخص مثقّف، كان بعض جوانب مسيرته المهنيّة كممثّل في ستار تريك قاسياً قليلاً لاستيعابه. اعترف نيموي بأنّ المعدّات والشعارات الجذّابة أصبحت في غالبية الحالات أهمّ من الشخصيات نفسها. وفقاً له، الوضع مغاير في الفيلم الجديد.أضاف نيموي: «إنه عمل ضخم غنيّ بلحظات رائعة وحميمة تحدّدها الشخصيات. زوجتي ليست من هواة أفلام التشويق ولا الخيال العلميّ ولا المغامرات. هذا الفيلم ليس من النوع الذي سنذهب لمشاهدته معاً. هي تحترم معنى «ستار تريك» بالنسبة إلينا على الصعيد المهني وكمصدر للتنعّم بأسلوب عيش رائع. لكننا شاهدنا هذا الفيلم معاً، وقبل ربع ساعة من نهايته، استدارت نحوي وقالت: «لا أريد أن ينتهي هذا الفيلم. إنه أمر بالغ الأهميّة». شغف كبيرحاز نيموي ثلاثة ترشيحات لنيل جائزة إيمي عن دور سبوك. وبفضل هذا الدور حصل أيضاً على موقع خاص في تاريخ التلفزيون كأهمّ رمز للكائنات الغريبة إلى جانب سوبرمان. تماماً مثل جورج ريفز الذي جسّد دور «رجل الفولاذ»، وطالما انزعج نيموي لأنّ دوره هذا طبع مسيرته المهنيّة وحصر مهنته كممثّل في هذا النوع من الأدوار. مع ذلك، هو يحتفظ دائماً بشغف عميق تجاه شخصيّة سبوك الذي ظهر بصورة الرجل المثاليّ الذي كرّس حياته للعلم وواجه صراعاً داخلياً مع عواطفه المكبوتة. تابع نيموي: «حين تكلّم هؤلاء، أعادوا إحياء شعور في داخلي. استعدتُ الاتّصال بأمر كان يهمّني. كان شغفي كبيراً تجاه Star Trek حين كنّا نعمل عليه. أحياناً كانت تنشب خلافات حول مضمون الحلقات والأفكار والمواضيع وكيفيّة التنفيذ. لم نكن، أنا ومنتج البرنامج جين رودينبيري، نتّفق دائماً وكنّا نتعارك أحياناً. جاء منتجون آخرون إلى البرنامج ونشبت معارك معهم أيضاً. كانت الصداقات بيننا تنتهي، جدّياً، بسبب مشاهد معيّنة.بعد عرض مسلسل Star Trek في التلفزيون، ظهر نيموي في فيلم Mission:Impossible وقدّم برنامج In Search of، وأدّى أدواراً في أفلام تلفزيونيّة منوّعة فضلاً عن أدوار مسرحيّة. لكن طالما دارت مهنته حول شخصيّة سبوك. كذلك، أصبح مخرجاً، وهو عمل سعى إليه خلال مهنته ويعتبره «فكرة خطرت له بعد ما حققه فعاد لينفّذها». من أفلامه: Star Trek III: The Search for Spock-1984، وStar Trek IV:The Voyage Home -1986، علماً أنّ هذا الأخير حقق أعلى عائدات على شباك التذاكر في عالم الإنتاج، مع أنّ الفيلم الجديد سيتخطى قريباً فيلم Voyage Home الذي حصد 109 ملايين دولار محلياً.عاطفةاعتبر نيموي مشاهدة الفيلم الجديد «تجربة عاطفيّة جداً بالنسبة إليّ. يعيد الممثلون في الفيلم خلق التفاعل بين الشخصيات، وهو كان أمراً بالغ الأهميّة في المسلسل الأصليّ. لم أتوقف يوماً عن الاهتمام بستار تريك، لكنّ هذا الفيلم جعلني أهتمّ أكثر له».في أحد مشاهد الفيلم الجديد، يلتقي نيموي وكينتو ويتبادلان الحديث، الأمر الذي يختلف عن أصول القصص المصوّرة، لكنه أعطى نيموي مشهداً أخيراً مؤثراً مع صديقه القديم سبوك، كان بمثابة تسليم الدور إلى الجيل القادم.ختم نيموي قائلاً: «بالنسبة إليّ، كان ذلك المشهد بمثابة حلم يجمع بين أب وابنه في حديث حميم، لإعطاء الإبن بعض الأفكار والإرشاد والعاطفة والحبّ. كنتُ أؤدي دوري الحقيقيّ في الحياة اليوم. ليس عليّ أن أمعن البحث عن الدور الذي أؤديه في هذا الفيلم. أظنّ أنها النهاية. لكن هل تعلمون؟ هذا ما قلته عن شخصيّة سبوك سابقاً».