المصفاة الرابعة

نشر في 24-08-2008
آخر تحديث 24-08-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي أعترف بأنني أجد حرجاً كبيراً، وينتابني شعور بالخجل عند انتقاد شخصية بحجم ومكانة وتاريخ النائب أحمد السعدون. هذه الشخصية التي كان لها باع طويل في العمل الوطني وساهمت في وضع بصمة رائدة في الحياة السياسية والبرلمانية بالكويت، من خلال حماية الدستور والدفاع عن الديمقراطية. فيكفي أحمد السعدون شرفا وفخرا أنه كان قائدا للعمل على إعادة الحياة البرلمانية عندما اغتالت السلطة الدستور وعطلت مجلس الأمة، وجاءت لنا بما يسمى المجلس الوطني المسخ.

بداية وابتداء، يشهد الله أن في الوقت الذي كنا نقف فيه مع «ربعنا» في التحالف والمنبر، وهم يخوضون معركة الانتخابات الأخيرة، كانت ولاتزال لأحمد السعدون مساحة عظيمة في قلوبنا. فقد كنا نخاف عليه من الإخفاق والسقوط لا لشيء، إلا لأننا نعتقد أن تاريخ السعدون النظيف يشفع له بأن يواصل مسيرته في الدفاع عن الدستور والمال العام.

لكن في الآونة الأخيرة بدأنا نلاحظ أن نظرية المؤامرة قد بدأت تحتل فكر وهاجس السيد السعدون بدرجة قد يكون مبالغا فيها أحيانا. فلقد صرح ولأكثر من مرة بأنه يؤمن تماما بنظرية المؤامرة، وهذه لعمري طامة كبرى... عندما تصبح كل قضية أو مشروع أو مناقصة أو تصريح أو اجتماع، في نظر «بو عبد العزيز»، عبارة عن مؤامرة يترتب عليها التهديد والوعيد ويدخل فيها البلد في دوامة واحتقان سياسيين نتائجهما لا تختلف كثيرا، من وجهة نظري، عن تلك الاستجوابات التي يطرحها بعضهم، وتكون النتيجة من ورائها التعطيل بدعوى الإصلاح.

إن السيد السعدون والتكتل الشعبي يقودان هذه الأيام حملة مستغربة على مشروع استراتيجي يتوقف عليه مستقبل الصناعة النفطية في الكويت. فلقد تعالت فجأة الاتهامات والتصريحات عبر الإيحاء بوجود سرقة عن طريق ما يسمى مشروع «المصفاة الرابعة»، وهنا لنا تساؤلات عدة: أين كان الإخوة من هذا المشروع أثناء حملتهم الانتخابية؟ ولمَ لم يتم الاعتراض أو الاستفسار عن هذا المشروع خلال الجلسات الست قبل إقفال دور الانعقاد لمجلس الأمة؟ وما الدليل على وجود تلك التجاوزات أو التلاعب؟ ولماذا لم يتم توجيه أي سؤال إلى الوزير المعني بدلا من حرب التصريحات الصحفية؟

في ظني أن هذه الطريقة العدائية في الاعتراض والتي تستخدم فيها مواقف وأحكام مسبقة في التخوين والسرقة، لا تخدم بل تضر كثيرا عجلة التنمية والتطور في البلاد. قد يكون أحمد السعدون على صواب، وقد تكون «نظرية المؤامرة» صحيحة أحيانا، ولكن ما ندعو إليه هنا هو اعتماد أساليب وأدوات حديثة في الإصلاح والتطوير تكون قائمة أولا على افتراض حسن النية والشفافية والمستندة ثانيا على الدراسة التفصيلية والنظرة المستقبلية لمصلحة الدولة.

***

رحم الله السياسي المحنك سامي المنيس الذي تمر علينا هذه الأيام ذكرى وفاته، فلا يسعنا إلا أن نستذكر بكل فخر واعتزاز مواقفه الوطنية والرائدة في الدفاع عن الدستور والحقوق والحريات.

back to top