آمال:
 السّلَف الغربي ... والتأمينات

نشر في 07-05-2009
آخر تحديث 07-05-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي «السّلَف الغربي»... والتأمينات

السلف في الكويت سلفان اثنان، واختلافهما ليس فكرياً بل اقتصادي ومناطقي، كما ذكرت سابقا، فالسلف الشرقي، أي سلف الضاحية والشويخ والشامية وغرفة التجارة لا يستهلك الدين عمّال على بطال كما يفعل السلف الغربي، سلف الفروانية والجهراء وتيماء والصليبية، الذي يعتمد على «ثقافة» العجائز وكبار السن الأميين. وكلاهما يجد لبضاعته «شرّاية».

السلف الشرقي، سلف المال والأعمال، يضع الدين في تجوري محفوظ في السرداب، ولا يستخدمه إلا عند الضرورة، صفقة أو مشروع استقرار أو عقد بي أو تي - أو عقد «باء ألف تاء» كما في اللغة الفصحى التي يستخدمها السلف كأداة جريمة - أما عند الضرورة القصوى فسيستخدم الدين المودع في حساباته في سويسرا، إذا كانت الصفقة عليها القيمة، مشروع لوجيستي أو صفقة مع الجيش الأميركي أو عقد نفطي أو ما شابه... هم تجاوزوا حكاية المرأة السفور وصوتها العورة وتنورتها، هذه الأمور تركوها للسلف الغربي الذي لا يمتلك رصيدا من الدين إلا ما في محفظته المهترئة.

ولذلك لا تحتاج فتاوى السلف الغربي إلا إلى ضماد من المستوصف ومَرْهم بسبعمئة وخمسين فلسا من الصيدلية المناوبة تضعه على الخدش ولزّاق جروح و»غدا شرّك»، لكن الموت الحمر هو في فتاوى السلف الثقيل، السلف الشرقي، قرصته والفقر، فتوى واحدة وستهتز البورصة وتقع على وجهها وتنزف دماً من خشمها، أما إذا أصدر «كتيّب فتاوى» فستجتمع أوبك لمناقشة الأمر.

والصورة هذه ذكرتني بموقف حدث مع أحد الوزراء رواه لي مدير مكتبه، يقول صاحبنا: جاء أحد النواب المتدينين البسطاء، من جماعة التنورة حرام والتدخين مكروه، إلى مكتب الوزير ليتوسط لموظف كي يسافر في «مهمة رسمية» يستفيد منها الموظف نحو ألف وخمسمئة دينار، وهو مبلغ له وزنه عند الموظف ذاك، وبعد خروج النائب والموظف دخل نائب متدين «حوت» مع أحد ملاك الشركات واجتمعا بالوزير لمناقشة مشروع ثقيل! بالضبط هذا هو حال السلف الشرقي والسلف الغربي.

وقبل أيام، خرج إلينا السلف الغربي من ديوانيته الصفيح بحثا عن لقمة يسد بها رمقه، فحرّم التصويت للنساء، فصفق له الأمّيون بأيديهم، بينما صفقت له الديرة بيدها وخدها. هذا السلف لم يصدر فتوى عن التأخير في بناء مستشفى جابر والهرولة لعقد صفقات مليارية لوزارة الدفاع، ولم يصدر فتوى عن استهتار الحكومة بالبيئة التي تلوثت أكثر من تلوث عقول البعض، ولا فتوى عن عدد العاطلين عن العمل في بلد تكفل بتوظيف الأشقاء أبناء الكرة الأرضية... السلف الغربي لا تهمه الأمور هذه كلها فلن يصفق له أحد ولن ينتبه له أحد لو أفتى فيها، ثم إنه أصلا لا يفهم مثل هذه الأمور، فابن تيمية لم يتطرق إلى موضوع مستشفى جابر، والله العظيم.

***

عليّ عشاء في مطعم بحري للعبقري الذي فكّر في صياغة الاعلان التلفزيوني لرئيس البرلمان الأسبق أحمد السعدون. بالفعل هذا هو الذكاء وهذه هي القدرة على القراءة الصحيحة، روح يا سيدي الله يسعدك كما أسعدتنا وأدهشتنا بهذا الاعلان المهيب لهذا الشامخ المهيب. 

back to top