تنويه واعتذار... وآهات

نشر في 08-01-2009
آخر تحديث 08-01-2009 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي في البداية أعتذر للقراء الكرام عن عنوان المقال السابق، حيث إنه كان عنوان المسودة التي أرسلتها بالخطأ إلى التحرير بدلا من النسخة المصححة التي كان عنوانها «أجيبوني يا أساتذة»... وكان مستهل السؤال في آخر المقال «بماذا تصفون الإمام الحسين(ع)... لذا لزم التنويه والاعتذار؟

***

لعل أقبح ما في هذه الحرب الصهيونية ضد أهلنا في غزة هي صور الضحايا الأبرياء (وكل ضحايا غزة أبرياء)، خصوصا صور الأطفال والنساء التي تذكرنا بصور المجازر الصهيونية في حرب تموز «يونيو» 2006. تلك المشاهد تنتج تعاطفا إنسانيا طبيعيا وتلقائيا، فتنزف العيون دموعا ويكون القلب مهموما طوال اليوم. ومع ذلك لا أعتقد أن أحدا منا يستطيع تخيل ما يعانيه أهالي الضحايا من عذاب.

في أول يوم من هذا العدوان الإرهابي الصهيوني كنت أشاهد المجازر وصور الأطفال الشهداء في التلفاز بينما كان طفلاي الصغيران يلعبان ويضحكان أمامي، فتساءلت في نفسي عن حال الآباء والأمهات الذين فقدوا أطفالهم في تلك المجازر، وهم يرون فلذات أكبادهم وقد ذهبوا بـ«شربة ماي»، وعن حال الأطفال الذين لن يروا آباءهم مجدداً؟

وفي ليلة رأس السنة، استيقظت ابنتي الصغيرة وهي خائفة من مسامع الألعاب النارية المنطلقة من مكان قريب، فتساءلت عن حال مئات الآلاف من أطفال غزة، وهم يسمعون أصوات الصواريخ الحقيقية بالقرب منهم، وتساءلت عن حالهم لحظة وقوع تلك الصواريخ على منازلهم لتحول أجسادهم إلى أشلاء، وتساءلت عن حال ذلك الرجل الذي فقد زوجته وبناته الثلاث في قصف على منزله بينما كان هو خارجا لتأمين ما تيسر من الطعام لهم، وتساءلت... وتساءلت من دون نهاية... إنها فعلا مأساة لا يملك الإنسان إلا أن يؤنب فيها نفسه وهو يعيش في نعمة الأمن وتوافر كل شيء، ومع ذلك لا يشكر النعمة من حيث لا يدري.

ومع كل هذا الألم وهذه المعاناة، تجد هؤلاء المساكين راضين بقدر الله ومصممين على الصمود مهما كان الثمن، وهزني خصوصا ذلك العجوز الذي سُئل عمن يريد أن يناشد، فأجاب بأنه لا يناشد أحداً ولا يشتكي لأحد، ولكنه يحمد الله على كل شيء ولا يناشد سواه، فتذكرت الإمام الحسين (عليه السلام) في عاشوراء، وهو يخاطب الباري (عز وجل) حين قال: «إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى»، و كذلك زينب (عليها السلام) في عاشوراء أيضا حين قالت: «ما رأيت إلا جميلا». وما هذه المظاهر إلا أدلة أخرى على أننا نشهد معركة كربلاء ويوم عاشوراء في غزة هذه السنة كما شهدناها في جنوب لبنان في 2006.

وعلى النقيض تماما، نجد من بيننا من تجرد من كل المشاعر الإنسانية ليفرح ويهلّل لما يجري من مجازر، فنرى أقلامهم الهابطة تبث سموماً، حتى أن بعضهم يستشهد بآيات قرآنية نصرة للصهاينة ولتبرير مجازرهم كلها، والمصيبة أن هذه الظاهرة ليست محصورة في مجموعة قليلة من الكُتّاب، بل إنها ظاهرة موجودة في مجتمعنا ولو لم تكن تمثل الأغلبية. لذلك، لا ألوم الصحف العربية ولا عبدالباري عطوان عندما يستشهدون بهكذا أطروحات لتعكس ما يعتقدون أنه جزء من مجتمعنا، وللتدليل على انسلاخنا من هويتنا، ويساعدهم على ذلك مَن يظهرون في الفضائيات من حين إلى آخر من أجل الدفاع المستميت عن كل ما هو أميركي! اللهم اخزِ الصهاينة ألف مرة واخزِ كل الخونة المساهمين في هذه الحرب مليون مرة... آمين.

***

في خضم الدعاء المستمر لأشرف وأطهر الناس الذين يحاربون بالنيابة عنا في غزة، أترككم مع مقطع من دعاء الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) المسمى بدعاء الجوشن الصغير: (وعزتك يا كريم، لأطلبن مما لديك، ولألحن عليك، ولأمدن يدي نحوك مع جرمها إليك، يا رب فبمن أعوذ، وبمن ألوذ، لا أحد لي إلا أنت، أفتردني وأنت معولي، وعليك متكلي) اللهم انصر واحفظ أهل غزة ورد كيد الصهاينة المعتدين إلى نحورهم... آمين.

back to top