المتجنس ما عنده ولاء !

نشر في 24-05-2009
آخر تحديث 24-05-2009 | 00:00
 مظفّر عبدالله أول العمود: شيئان متناقضان يرتبطان ببعضهما بشكل كوميدي: كثرة حفلات التكريم وتوزيع الدروع في مؤسساتنا وعجز معظمها عن أداء دوره الوظيفي المطلوب.

***

الحديث عن الجنسية والتجنيس في الكويت يدور في معظمه في إطار عاطفي يتخذ من التصنيف البغيض شعارا للمنح أو الحجب بناء على مقولة: حماية النسيج الاجتماعي! ومما زاد من جرعة ازدراء هذه الوثيقة السيادية رداءة إجراءات المنح التنفيذية، فالحكومة كعادتها منحت للبعض الجنسية وسحبتها لاحقا بسبب الخوف من المساءلة النيابية، وتبن للناس كيف يمكن أن تهدر السلطة التنفيذية مفاهيم الأمن بأشكاله المتعددة، وبات الحديث عن تجنيس دفعة من المستحقين مجالا للمفاوضات والتهديدات والمساءلة، وهو مؤشر جد خطير لكونه موضوعا أمنيا وسياديا.

نقول ذلك بمناسبة ما حمله الموسم الانتخابي الفائت من حديث غريب وخطير عن مزدوجي الجنسية عقب معلومة بثتها إحدى الصحف لتثير موضوعا مهما في الساحة المحلية بطريقة تثير التندر، وكأن الموضوع كان خافيا عن أعين الدولة من قبل! وهو ليس كذلك بالتأكيد.

في الربع الأول من التسعينيات كان هناك حراك شعبي وبرلماني يهدف إلى منح المتجنسين حق الترشح والتصويت في الانتخابات، وهي ممارسة حرموا منها عقودا بقوة القانون، حتى تبلورت الظروف ومنها تغيرات المزاج العام بعد التحرير من الغزو العراقي، حتى حسم الأمر بموافقة مجلس الأمة على تشريع قدمته الحكومة لمنح المتجنسين الحق السياسي، وحدث ذلك في يناير 1994، وجرت المشاركة في الانتخابات اللاحقة في العام 1996 حيث ارتفعت أعداد المشاركين في التصويت من 38 ألفا إلى 630 ألف ناخب.

ومما أثير في بدايات طرح الموضوع بعد التحرير قول البعض إن الفترة الطويلة التي نص عليها القانون بالحرمان من المشاركة السياسية للمتجنسين كانت لأجل اختبار ولائهم... 30 سنة اختبار!! يا له من منطق أعوج... رغم أن التفكير العقلاني كان يجب أن يلغي هذه الفترة أصلا وتكون المشاركة مع منح الجنسية حتى يتعزز مفهوم الولاء مع المنح بالتزامن لا أن ننمي في المتجنس روح الكراهية والبغض تجاه من يمارس حقوقه كاملة.

نقول ذلك لنقارن ما كان يقال عن المتجنسين و«ولائهم المنقوص» بفعل القوانين، وبين السكوت المطبق من الدولة تجاه من خرق القوانين السيادية وحصل على جنسية دولة أخرى سواء كانت عربية أو أجنبية في تحد صارخ لقانون الجنسية الذي يمنع الازدواج ويصنفه كجريمة، بل على العكس من ذلك فقد تبجح البعض في موسم الانتخابات بالقول إن الازدواج لا ضرر منه طمعا في الحصول على حفنة أصوات انتخابية منهم، والآن وقد انكشف هذا الملف فإن الحكومة مطالبة بإعطائة أولولية قصوى لحله بشكل كامل حفاظا على أمن الدولة وتطبيقا للقانون الذي يمنع الازدواج.

أستغرب ممن يرون في الولاء الوطني سلعة نادرة اليوم، فالأمر واضح: الدولة تتساهل مع خرق القوانين بدءا من قانون ربط حزام الأمان وانتهاء بقانون الجنسية، وتمارس صمتها المعهود حتى يتفتق ذهن أحد البرلمانيين، أو رئيس تحرير صحيفة، أو أي مواطن غيور ليثير قضية ما، فتصحو لتكتشف أن جزءا من الهيبة قد تم اللعب فيه.

 

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top