استقالات الوطني الكردستاني : معركة للإصلاح أم لخلافة مام جلال؟
في ظل الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الدقيقة التي يمر بها العراق، يبدو أن الأهداف التي رسمتها القيادة السياسية الكردية لم تتحقق كما كان مخططاً لها، خصوصاً أن العقبات والعراقيل التي توضع في طريق تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي أضافت مزيداً من التعقيدات على الوضع الكردي في العراق، الذي يعيش أصلا أزمات ومشاكل أبرز عناوينها قانون النفط، والوضع القانوني لقوات «البشمركه» الكردية، ومسار العملية الديمقراطية في العراق الجديد والمطالب بتعديل الدستور. وكل ذلك بات موضع بحث ونقاش بين المشرعين العراقيين والكتل السياسية والأحزاب وبعض الاطراف الاقليمية والدولية المؤثرة في المشهد العراقي والمتأثرة بالعقدة الكردية.
وإلى جانب هذه التعقيدات، برزت في الايام الاخيرة خلافات كردية داخلية، مع إعلان خمسة من اعضاء المكتب السياسي وكبار قياديي حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي يتزعمه الرئيس جلال الطالباني استقالاتهم من الحزب. وعلى رأسهم الرجل الثاني في الحزب كوسرت رسول نائب رئيس إقليم كردستان- العراق. الاستقالات الخمس قُدِّمت تحت شعار مكافحة الفساد المالي والاداري في الحزب، الا ان الدافع الحقيقي بحسب المراقبين، هو الصراع على خلافة الطالباني أو «مام جلال»، كما يدعوه الأكراد. ويقول المراقبون، ان هذا الصراع ليس حديثا، فقد بدأ منذ ثلاث سنوات باستقالة الرجل الثاني في الحزب آنذاك نوشيروان مصطفى، وأيضا تحت شعار رفض الفساد المالي والإداري في الحزب. وتمكّن مصطفى لاحقا من بناء هامش يساعده على التحرك باستقلالية عن «الاتحاد الوطني» تحت شعارات منسجمة مع الشارع الكردستاني، مما أدى الى التفاف مجموعة من الحزبيين والمثقفين الأكراد حوله، وصولاً الى اعلانه رغبته في خوض الانتخابات النيابية المقبلة بلوائح مستقلة عن «الاتحاد الوطني». وكانت أربعة أحزاب كردية مشاركة في حكومة وبرلمان إقليم كردستان العراق أعلنت صراحة قبل فترة أن العائق الأول والأكبر امام اجراء اصلاحات في الأقليم، هما الحزبان الكرديان الرئيسيان، حزب «الاتحاد الوطني» بزعامة طالباني و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني. ولا يستبعد المراقبون ظهور قوائم مستقلة اخرى في كردستان الى جانب قائمة نوشيروان، مع فشل كل محاولات الاصلاح داخل الحزبين الرئيسين التي تنعكس فشلا على محاولات اصلاح الحكومة وتفعيل أدائها في الإقليم. وبعد ثلاث سنوات من استقالة نوشيروان من منصب نائب رئيس «الاتحاد الوطني»، يبدو الأخير مرتاحا إلى عزمه المشاركة في الانتخابات، مرتكزا إلى معارضة كردية شعبية وبرلمانية. ويأمل ان تقود خطوته الى فتح الباب أمام عشائر كردية معروفة في اقليم كردستان العراق لتحذو حذو العشائر الكردية في الموصل التي فقدت الأمل بالحزبين الرئيسين وخاضت الانتخابات المحلية الأخيرة على اللوائح العربية ضد الحزبين الكرديين. ويتساءل مراقبون أكراد هل مسلسل الاستقالات من حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» هو للإصلاح ام معركة على خلافة «مام جلال»؟، ويجيب آخرون: «القاعدة الكردستانية العريضة قادرة على التمييز وستجيب في صناديق الاقتراع». ويرى البعض أن الرئيس العراقي سيتدخل في اللحظات الأخيرة للانتخابات لاستيعاب الجميع تحت عباءته عبر طرح مرشح تسوية يمنع انتصار أي من الأقطاب. ومن المرجح أن يلعب نائب رئيس الوزراء العراقي القيادي في «الاتحاد الوطني» برهم صالح المقرب من الرئيس العراقي والمقبول من بقية الأطراف، دورا مهما خصوصاً أنه ليس قطبا خلافيا.