واحد صفر...صورة صادقة عن المجتمع

نشر في 13-03-2009 | 00:00
آخر تحديث 13-03-2009 | 00:00
جدل وضجة كبيرة أثيرتا حول فيلم «واحد صفر» للمخرجة كاملة أبو ذكري، وأول أفلام كاتبته مريم نعوم، وبطولة إلهام شاهين التي تؤدي شخصية «نيفين» امرأة قبطية أربعينية قطعت شوطاً من السنوات للحصول على حق الطلاق من زوج لا تطيق العيش معه، وتمضي الآن سنوات أخرى للحصول على تصريح بالزواج من رجل تحبه، وحملت منه أيضاً وتوشك أن تنجب، لكن الكنيسة لا توافق.

أما «خارج الفيلم» فيندد رجال دين أيضاً بموقف «واحد صفر»، ويرفع محامون دعاوى ضده، استناداً إلى أن المرأة المسيحية إذا طلبت الطلاق لا يحق لها في طلب زواج ثان.

مشكلة أخرى من مشاكل الأحوال الشخصية بالنسبة إلى المرأة تطرقها السينما المصرية في جرأة (مثل فيلم «أريد حلاً» وغيره)، لكنها هذه المرة تمس المرأة المسيحية في مصر وظروفها.

في الفيلم يقول المحامي (عادل أمين) لنيفين: «أمامك الآن، إما أن تتحوّلي من دينك إلى الإسلام، وإما أن ترفعي قضية على الكنيسة». لكنها ترفض كلا المخرجين، لأنها كما تقول تريد أن ترضي الرب وأن تبقي على ملّتها، بالإضافة إلى أنها تستهول فكرة رفع دعوى على الكنيسة. فتبقى قضيتها معلقة، وتظل هي نفسها «معلقة»، ويزيد على ارتباكها تردد مقدم البرامج «شريف» (خالد أبو النجا) في الزواج منها، ليس تهرباً أو تخلياً عن حب وعلاقة، أثمرت طفلاً، بل لأن الحبيب رجل حائر أقرب إلى الضياع، ما يزيد على أزمة «نيفين».

لكنها ليست المشكلة الوحيدة التي يتطرّق إليها الفيلم، إنها واحدة من قرابة عشرة مشاكل، تتجاور وأحياناً تتداخل على امتداد الفيلم في قالب متوازٍ.

يبدأ الفيلم بشريف يستضيف في برنامجه إحدى مؤديات «الفيديو كليب» (زينة)، وبعد لحظات يسخر من ضعف صوتها ومستوى غنائها، لكنها تبادله العنف بالعنف، ثم نراها في مواجهة لا تقل حدة مع شقيقتها المحجبة التي تعمل في مهنة التمريض (نيللي كريم)، والتي تدين مسلك أختها في عالم الفيديو كليب وارتباطها مع منتج أغنياتها من دون زواج (حسين الإمام)، وفي المقابل تتهمها أختها بغيرة قديمة، وبأن غطاء رأسها أو حجابها لا يعني بالنسبة إليها وإلى بعض من يرتدينه تديناً حقيقياً.

في الوقت ذاته تعيش المغنية بقايا قصة حب مع شاب (أحمد الفيشاوي) يعمل في صالون تجميل، يحلم بالحصول على محل له، فيغضب صاحب الصالون عندما يكتشف نيّته فيطرده وتتعقد حياته.

يتصادم الشاب بدوره مع أمه (انتصار) عندما يحاول أن يحصل منها على مال، وفي مشهد هو النضج في الفيلم نشاهد شجاراً عاصفاً بينهما. على الجانب الآخر تعيش الأم أزمتها الخاصة، فبعد أن فقدت زوجها تبحث عن رزقها بتجميل النساء في البيوت وتبحث عن لحظات تشعر فيها بأنوثتها، هكذا، وغيرها من قصص ومشاكل. والحق أن الفيلم الذي يشهد ميلاد كاتبة سيناريو جديدة موهوبة قدم موضوعه ومعالجته، بتوفيق درامي وجمالي، من خلال مجموعة أبطال تداخلت أو تماست مشاكلهم وشواغلهم من بداية «اللوحة» إلى نهايتها.

وفي هذه اللوحة الممتعة تتوضّح صورة المجتمع بصدق، وبكثير من الشجن والوهج، علماً أن معظم المشاكل تُرك لنهايات مفتوحة، وإن كان مشهد النهاية شمل المصريين كلهم في موقف مفرح، وهو فوز المنتخب المصري في نهائي كأس الأمم الإفريقية بنتيجة واحد - صفر!

إنها لحظة فرح وبهجة يحتاجها المصريون في أثناء معاركهم اليومية الطاحنة والمتصلة منذ يصبحون وحتى يمسون.

تألقت المخرجة كاملة أبو ذكري في أحسن أفلامها إلى الآن، وباستخدام الكاميرا المحمولة وأسلوب مدرسة «الدوغما» بنجاح غير معهود في السينما المصرية، وتألق معها، بالإضافة إلى الممثلين الرئيسين والثانويين كلهم، ونانسي عبد الفتاح التي اهتمت بالتصوير، وبالمونتاج منى ربيع وبالديكور أمين عبد العاطي وبالموسيقى خالد شكري. «واحد صفر» فيلم جميل آسر وأحد أهم أفلام السينما المصرية المعاصرة.

back to top