نورية... أكثر من الملك!

نشر في 09-09-2008
آخر تحديث 09-09-2008 | 00:00
 جاسم القامس موافقة ما يسمى بالقوى الوطنية على أن تكون «مطية» لنورية الصبيح وأن تضمنهم كحلفاء سياسيين هو ما يجعلها «سلفية»، وسكوتهم الآن على قرارها إلغاء حصص الموسيقى في رمضان هو استمرار في تنكيس رؤوسهم لها.

لا أعرف كيف أتت وزارة التربية لتتحفنا بأن الفن حرام، خصوصاً في شهر رمضان! فوزارة التربية قررت أن تمنع حصص التربية الموسيقية والتربية الفنية «وذلك تضامنا مع حرمة الشهر الكريم ولتقليل الجهد على الطلبة» على حد تعبير وكيلة الوزارة تماضر السديراوي التي لا أعلم من الذي قال لها إن رمضان يحتاج تضامنها معه! وتطمئننا السديراوي لتقول «على أن يكون الإلغاء فقط في شهر رمضان».. وهنا يبدو أنه من واجبنا أن نرد «ما قصرتي صراحة وكثر خيرك!».. يعني الموسيقى والرسم حرام في رمضان فقط.

إن الخوف الذي ينتاب وزيرة التربية والتعليم العالي نورية الصبيح من استجوابها الذي بدأ النائب حسن جوهر في إعداده جعلها تحاول بشتى الطرق التقرب من أي تيار سياسي يوفر لها غطاء حال تقديم الاستجواب، وهي تعلم أن ما تبقى من فلول كتلة العمل الوطني «بالمخبة» خصوصاً بعد أن وقفت مع تشديد منع الاختلاط في الجامعات الخاصة واستحداث تفسيرات جديدة للقانون، بالإضافة إلى عدم تحركها لمواجهة قانون التعليم الخاص القاضي بمنع الاختلاط في المدارس الخاصة، ووسط كل هذه الخطوات ابتسموا لها ووقفوا معها في استجوابها. فيما تحظى الصبيح بثقة الحركة الدستورية الإسلامية وإن تحرّج بعضهم، فمن السهل استقطابهم مع السلف والنواب الإسلاميين الآخرين من خلال حركات كالتي أعلنتها السديراوي، مع العلم أن هؤلاء النواب حتى لم يطالبوا بإلغاء التربية الفنية والموسيقية خلال شهر رمضان «تضامناً» مع الشهر إلا أن نورية الصبيح أبت إلا أن تكون ملكية أكثر من الملك، وسلفية أكثر من السلف!

إن هذا الاستسلام للقوى الرجعية، والذهاب إلى أبعد مما يتمنون هو تسليم بالواقع والسيطرة الرجعية، بل هو ما يمنح هؤلاء الرجعيين السيطرة، وكأننا نقول «عليكم بالعافية» وهذا التسليم ستكون له تبعاته التي لا يدركها أو لا يكترث بإدراكها أناس مثل تماضر السديراوي ونورية الصبيح (السافرة على فكرة).

في رمضان المقبل، لن يستطيع وزير التربية الجديد –وأنا على شبه يقين أن وزير التربية لن تكون نورية الصبيح- قد لا تعجبه فكرة الصبيح، وقد يعلن رغبته بإعادة تدريس المواد حتى خلال شهر رمضان، لأنه يرى أن «فتوى» علاّمة الإسلام وكيلة وزارة التربية السديراوي ليست صحيحة، وأن منع هذه المواد لا يعني «تضامناً» مع الشهر الفضيل. تصوروا لو أعلن الوزير المقبل هذا الإعلان، فستقوم قائمة النواب، وسيتم تهديده بالاستجواب لأنه يحارب الإسلام. ولنتخيل سنوات بعد ذلك، سيأتي من النواب من يطالب (كما أتى من قبله الطبطبائي وهايف) بأن يتم منع تدريس التربية الفنية والموسيقية طوال العام «تضامناً» مع الدين الإسلامي، وسيكون دليله في ذلك أن وزارة التربية تمنع تدريس هذه المواد خلال شهر رمضان مما يعني حتماً أنها حرام، ولن يكون من الصعب على النواب بأن يأتوا بفتوى تؤيدهم فالفتاوى الآن «الدستة بربع» حسب كل لون وكل مذهب.

موافقة ما يسمى بالقوى الوطنية على أن تكون «مطية» لنورية الصبيح وأن تضمنهم كحلفاء سياسيين هو ما يجعلها «سلفية»، وسكوتهم الآن على قرارها هذا هو استمرار في تنكيس رؤوسهم لها ورسالة لها ولغيرها بأن يمارسوا تماديهم على أمور ألفناها في مجتمعنا ويراها البعض من المحرمات. وتماماً كما منعت الصبيح والسديراوي وغيرهما ممن يسلمون المجتمع لقوى الرجعية بوقف تدريس هذه المواد «تضامنا» مع رمضان، فالأولى من «القوى الوطنية»، أو من يرى نفسه كذلك، أن تضع حداً لممارسات هؤلاء «تضامنا» معنا ككويتيين.

back to top