وجهة نظر مخرجون ونجوم... تصادم أم تناغم؟

نشر في 20-05-2008
آخر تحديث 20-05-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين فجَّر الموقف الأخير للمخرج المصري عمرو عرفة برفضه استكمال إخراج فيلم «بوشكاش»، الذي يؤدي بطولته محمد سع، قضية قديمة متجددة في السينما، تتعلق بتزايد مساحة تدخل الممثل في اختصاص المخرج.

ليس سعد وحده من بين النجوم سواء في الكوميديا أو غيرها، الذي يطلب لنفسه في «العملية الفيلمية» أوسع وأبعد من أداء دوره كممثل. فالنجوم يقومون بهذا المسلك بدافع القلق وما يتصورونه حفاظاً على أسمائهم وأوزانهم في الساحة والسوق، والمخرجون من ناحيتهم، خصوصا إذا كانوا حريصين على مهنة ومهمة الإخراج وطبيعتها التوجيهية القيادية، لا يرتضون مساساً بحقوقهم أو تدخلاً يشوش على الرؤية والعمل والمسؤولية، مهما كان حجم واسم النجم.

أما المخرجون الذين لا يعتدّون بمهنتهم وخصوصيتها وقيمتها، وهم كثيرون (ازدادوا في السينما المصرية في السنوات الأخيرة مع الأسف) فهم مخرجون مفصلون يأتي بهم النجوم كي ينفذوا رؤيتهم وليس ليبدعوا.

وما زالت ذاكرة السينما تحفظ خلافات بلغت حداً بعيداً، مثلما حدث بين المخرج محمد خان والراحل أحمد زكي، إذ لا يكاد يخلو عمل بينهما من نقاشات حادة، لكنهما على رغم الخلافات المستمرة، كانا لا يلبثان أن يعودا الى العمل والتعاون لإنجاز فيلم جديد، لماذا؟

لأن كليهما يقدر الآخر، وكليهما يلتمس العذر للآخر.

فالمخرج الكبير والممثل النجم لا يستغني أحدهما عن الآخر وإن كان الأول يتفهم قلق الفنان وهواجسه، إلا أنه يحول دون تدخله في عمله بطريقة مزعجة، وعلى الممثل أن يعرف أهمية ومسؤولية الإخراج كقيادة ورؤية كلية للعمل، وحين يصر يتراجع المخرج.

إذن هي علاقة شد وجذب، لكل من الطرفين مبرراته وحيثياته، وكذلك وسائله وخطوطه الحمر، إنه صراع حقيقي، والثقة وحدها تخفف منه.

كان نجيب الريحاني نجماً كبيراً ونيازي مصطفى مخرجاً في العشرينات من عمره، عائداً لتوه من دراسة السينما في ألمانيا، وعليه أن يخرج أول أفلامه «سلامة في خير» من بطولة الريحاني ومعه حسين رياض وراقية إبراهيم وغيرهم (عام 1937)، وكان الصدام محتوماً، ويتحدث عن ذلك صراحة «الريحاني» في مذكراته، وعن مدى قلقه، فكيف له أن يطمئن أو يأمن على اسمه وفيلمه، وهو يضعهما في يد مخرج شاب مبتدئ. فمهما كانت التقديرات الإيجابية للشاب الموهوب التي أكدها كثر، إلا أن عمله وشخصيته وقيادته في الأستوديو، ملاحظاته وتوجيهاته، والنتيجة النهائية ، كلها عوامل جعلت الريحاني يرتاح ويرضى، بل ويدخل في تجربة أخرى مع المخرج نفسه.

حتى الآن، حين نشاهد «سلامة في خير» نلحظ مدى الاتقان الفني والدراية في العمل، إنه فيلم كبير في وقته ولا يزال (رغم مرور سبعين عاماً) فيلماً كبيراً، متقناً ومشوِّقاً.

وفي المرحلة نفسها، نذكر محمد عبد الوهاب ومدى ثقته في المخرج محمد كريم والتفاهم بينهما، أم كلثوم ثم فريد الأطرش مع أحمد بدرخان، فاتن حمامة مع هنري بركات، وصولا إلى سعاد حسني مع علي بدرخان...

إنها الثقة والقدرة على التفاهم والتناغم، بين المخرج والممثل، هي ما يطمئن الجانبين ويخفف من غلواء التعارض أو التباين.

كذلك ما زلنا نتذكر خلافات سعاد حسني مع المخرج المتميز سيد عيسى في فيلم «شفيقة ومتولي»، حتى أنه لم يستكمله بعد تصوير مشاهد مهمة، وقد أنقذ يوسف شاهين الأمر بحصوله على حق إنتاجه وإخراجه ثم تسلم منه علي بدرخان مهمة الإخراج ، ليصبح فيلمه مع الاحتفاظ بالمشاهد التي صورها عيسى. لا ننسى أيضاً عدم رضا سعاد عن عملها مع المخرج شريف عرفة في فيلم «الدرجة الثالثة». كلما بلغ النجم موقعاً مهماً ومميزاً ازداد توتره للحفاظ عليه، ومن هذه الوجهة نستطيع أن نلتمس له الأعذار، لكن عليه ألا ينسى أبداً أو يتجاهل أن المخرج، في أي عمل فني، هو الموجِّه و»المايسترو» الذي يدير العملية الفنية برمتها، ووحده يرى الفيلم بكامل حجمه ومعالمه!

back to top