تجربة نادي حافظ

نشر في 08-03-2009
آخر تحديث 08-03-2009 | 00:01
 آدم يوسف تعود معرفتي بالشاعر المصري نادي حافظ إلى سنة 1996، وهي السنة التي يزاول فيها «ملتقى الثلاثاء» نشاطه في مسرح الخليج. ضم الملتقى في حينها أصواتاً شعرية عربية بارزة أذكر من بينها: الشاعر الراحل محمد يوسف، ومختار عيسى، وعباس منصور، ومحمد عليم، ومخلص ونوس.

لست أدري كيف اقترن اسم حافظ في مخيلتي بقصيدة النثر المصرية، آنذاك، ربما لأنه جلب إلينا ديوان عماد أبوصالح «كلب ينبح ليقتل الوقت»، وأثرنا حوله مناقشات مطولة (الديوان صادر عام 1996) أو لأنه لفت انتباهي في حينها إلى ديوان «ثمة موسيقى تنزل السلالم» لعلي منصور، الديوان الذي لقي احتفاء كبيراً بحسب ما أذكر لحظة صدوره. تطرقنا في بعض أحاديثنا إلى إيمان مرسال وديوانها «ممر معتم يصلح لتعلم الرقص» الصادر 1995.

ليس هذا فحسب، حتى في قصيدة نادي حافظ تجد عوالم خاصة، لا تشبه ما يُكتب من نثر في منطقة الخليج (السعودية، تحديداً تجربة دار الجديد) ولا تشبه كذلك قصائد النثر التي استطعنا الاطلاع عليها من شعراء لبنانيين قبل اثني عشر عاماً.

أصدر حافظ ديوانه الأول «منذور لرمل» 1999، وأتبعه بديوان «به فتنة وتلمع عيناه» 2004. تختلف قصائد الديوانين من حيث عمق التجربة وخصائص اللغة والجملة االشعرية، وإن كنت أعتقد أن لحافظ قصائد أكثر دلالة على تجربته الشعرية، لم تضمن في هذين الديوانين، أذكر منها قصيدة «ليس يحس بمثل هذه المعاني سوى الكرسي الشاغر» التي نشرها في عام 1999، وهي مهداة إلى الشاعرة عالية شعيب، ومن قصائده الأخرى غير المنشورة في الديوانين: «أصحو من نومي بلا قدمين»، و«خذوا أوطانكم عني»، «لا شيء أفعله هذا الصباح»، «لعلنا نتبادل الحياة»، «ليس على رأسه شيء»، «أرواحنا يا دخيل».

يمتلك حافظ أسلوبه الخاص في حياكة نصه الشعري، فهو لا يستسلم للنثرية الخالصة التي يفقد معها النص عنصري الدهشة والمفاجأة، وهو في الوقت ذاته لا يُسلم قارئه إلى الغموض، ولعبة المجاز اللغوي بكل ما تحوي من تصنع، وتكثيف يخلو في بعض الأحيان من العاطفة، وانفعالات الذات. إنها معادلة صعبة التحقق، وهي منبت الشعرية، ومكمن الموهبة.

يقول في قصيدة «وجدتني قرب صوتك»:

(1)

«فجأة/ ضبطت روحي/ تفكر فيك/ فجأة/ وجدتني قرب صوتك/ دون مبرر واضح/ ودون سابق قبلة/ أو: /«بحبك «/ وفجأة/ أصبحت رجلا قديما/ شرقيا/ ورومانسيا/ أصرف الليل/ ـ هكذا ـ/ في تخمين ما سيحدث

بيننا/ في الصباح».

(2)

«ما الذي يجرفني/ إليك/ أيتها البنت/ غير هذي اللغة/ التي تحبو/ بيننا ؟/ ما الذي أريده منك/ غير أن تظلي قريبة من هديلي/ -رغم كل هذه الجلبة- / لأرانا كطفلين أخرسين/ لا يجيدان شيئا/ غير البكاء»؟

(3)

بعد وداعك بشارعين/ تقريبا/ هطلت السماء بشدة/ -رغم جفاف الطقس- /وصار بإمكاني/ بعد شارعين تقريبا/ أن أحرك جفوني/ قليلا/ قليلا».

اللافت في تجربة حافظ تلك القصائد ذات المحور الواحد، هي ليست «قصائد ومضة» وليست تداعياً شعرياً يستسلم للاسترسال الحر، تتراوح بين هذا وذاك، ويجمعها محور واحد، نجد ذلك في قصيديتي «أكلم الأبواب»، و«يدي حزب فاشل».

back to top