عمامة المهري ولحية السلطان

نشر في 02-03-2009
آخر تحديث 02-03-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري لدي قناعة منذ زمن طويل، وأصبحت تترسخ يوما بعد يوم، وهي أن الدين والسياسة إن اختلطا فسدا، وإن دخول المتدينين المعترك السياسي أفسدهم، وهم أفسدوا السياسة. والشواهد على ذلك كثيرة.

أقول ذلك وأنا أرى المشهد السياسي الكويتي يتستر بالدين والمشهد الديني يخضع للحسابات السياسية وفق معادلة الربح والخسارة في الصناديق الانتخابية أو في الحسابات الخاصة، وكأن المقصود بذلك إرباك المشهد السياسي الكويتي وهو الذي لا ينقصه الارتباك أساسا.

ويأتي ضمن سياق الإرباك هذا تصريح السيد المهري المطالب بحل مجلس الأمة، وأنا هنا، ومن إيمان مطلق بالديمقراطية وحرية الرأي، أقول للسيد المهري من حقك أن تطالب بحل مجلس الأمة، وحل أي أمور أخرى ترى أنها بحاجة إلى الحل، فهذا حقك الذي كفله لك «الدستور»، ولكن من حقي أنا أيضا أن أناقشك في رأيك هذا. وأسألك أولاً: هل تصريحك هذا بصفتك المواطن محمد المهري؟ أم وكيل المراجع الدينية في الكويت السيد محمد المهري؟

إن كان هذا رأيك كمواطن، فهو حقك كما أسلفت، ولكن أرجو منك ألا تستخدم صفتك الدينية وتسبقها أمام اسمك، مما يعطيني مساحة أكبر وحرية أكثر للنقاش معك وفق القناعات الشخصية لكل منا كمواطنين مهتمين بالشأن السياسي، فإما أن تقنعني برأيك أو أقنعك أنا برأيي، أو يحتفظ كل من برأيه، ففي النهاية الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.

أما إن كان إسباقك لصفتك الدينية قبل اسمك الكريم وظهورك بالعمامة الشريفة، وأنت تصرح مطالباً بحل مجلس الأمة، فلتسمح لي سماحتكم هنا! فأنت قد خرجت من إطار إبداء الرأي، ودخلت في حقل إصدار الفتاوى، وهو حقل ليس لي فيه حرث ولا زرع، ولن أكون مؤهلا لمناقشتك في فتواك تلك، بل إن أقصى ما أطلبه من سماحتكم أن تشرحها لنا بالحجج والأسانيد الشرعية الداعمة لها.

سماحة السيد: تفضلت وقلت في جزء من تصريحك «إن معظم الشعب الكويتي ملّ وسئم من تصرفات ومواقف وكثرة استجوابات أعضاء مجلس الأمة ولذا يطالبون سمو أمير البلاد بحل المجلس ليستريح البلاد والعباد من هذه التصرفات اللامسؤولة والاستجوابات غير الوطنية»، فهل لدى سماحتكم استبيان بنسبة من يطالبون بما تفضلت به؟ أم أن سماحتكم بالإضافة إلى أنكم وكيل المراجع الدينية قد أصبحت وكيلا عن الشعب الكويتي أيضا؟

ويكمل إرباك المشهد السياسي السابق ذكره رئيس كتلة السلف في المجلس، الشيخ خالد السلطان، وآخر إبداعاته في ممارسة دوره السياسي لتحقيق مصالح الشعب الكويتي وفق الدستور الذي أقسم على احترامه، هو لجوؤه إلى فتوى للشيخ الجليل ابن عثيمين، تحرّم شراء الدولة قروض المواطنين، وأنا أسألك ياشيخ خالد: ألا يعني قسمك على احترام الدستور احترام سيادة الدولة؟ أين سيادة الدولة واستقلالها في استيرادكم فتاوى صدرت وفق ظروف مختلفة عن ظروفنا؟ ألا يوجد داخل حدود دولة الكويت مشايخ يفتونك في ما استعصى عليك؟ ما رأيك فيما لو أن أحد زملائك في المجلس استفتى شيخ الأزهر، وأفاده بعكس ما فهمه سماحتكم من فتوى الشيخ بن عثيمين؟

شيوخنا الأفاضل وسادتنا الكرام: أرجوكم رحمة بنا واحتراما للحية والعمامة لا تخلطوا الدين بالسياسة، فإنهما إن اختلطا فسدا.

back to top