الخطيب ومسجد شعبان وأنصاف الحقائق!

نشر في 25-09-2008
آخر تحديث 25-09-2008 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي لا أحد ينكر الدور المهم للدكتور أحمد الخطيب في الحياة السياسية والديمقراطية في الكويت، فهو أحد واضعي الدستور الذي ننعم به، والذي يميزنا عن بقية دول المنطقة. كما كانت له وقفات وطنية في كثير من الأحداث التي مرت بالبلاد خصوصا في حقبات الانقلاب على الدستور. لذلك، من الطبيعي أن تثير مذكراته الكثير من ردود الأفعال، خصوصا أنه يعتبر شاهدا على 50 سنة تقريبا من الحياة السياسية. ولعلّي أقف مدافعا عن وجهة نظره التي تتناول بعض رموز الحكم المعادين للديمقراطية والتي تشهد مواقفهم وأفعالهم على ذلك، فالشمس «لا تغطى بمنخل». لكن ليسمح لنا أستاذنا القدير والفاضل الدكتور أحمد أن نتوقف قليلا عند روايته عن أحداث مسجد شعبان لأنها لم تكن دقيقة ولا منصفة لمن قاموا بتلك الندوات.

فالدكتور يقول إن التجمعات بالمسجد بدأت بطرح طائفي ثم تحول إلى وطني عند تدخل بعض العناصر الوطنية الشيعية، وهو كلام غير صحيح. فالندوات كلها من بدايتها إلى نهايتها كانت تتحدث عن الشأن العام مثل الإسكان والتوظيف والصحة والصحافة والمساواة، بل إن أهم المطالب كانت بعودة العمل بالدستور والديمقراطية بالبلد. نعم تحدث السيد أحمد المهري في إحدى الندوات عن مشكلة المساجد «وهي مشكلة حقيقية»، لكنه كان موضوعا هامشيا بالنسبة للمطالب العامة التي من أجلها أقيمت تلك الندوات، ولو لم يكن الطرح وطنيا منذ البداية لما قام التجمع الدستوري آنذاك بالاجتماع واتخاذ قرار المشاركة بتلك الندوات عبر المرحوم سامي المنيس والمحامي مصطفى الصراف، في وقت كان الدكتور مسافرا، إضافة إلى مشاركة شخصيات أخرى مثل الأستاذ أحمد الديين ورئيس اتحاد نقابات العمال الكويتيين آنذاك الأستاذ ناصر الفرج. أضف إلى ذلك أن القائمين على الندوات كرروا مطالبهم بعودة البرلمان والعمل بالدستور عندما حققت وزارة الداخلية معهم بعد انتهاء الندوات ولم يطالبوا بمطالب فئوية وطائفية.

أما حديث الدكتور عن احتمال حدوث مواجهات مع قوات الأمن في الندوة الأخيرة وبأنه أنقذ الموقف عبر توجهه إلى المسجد والتحدث إلى الحضور وتهدئتهم، فأيضا كلامه غير دقيق. فلم يكن هناك أصلا توجه لدى الحضور للتظاهر والاشتباك مع قوات الأمن حتى يأتي الدكتور لينقذ الموقف، وحتى لو كانت هناك نية للتظاهر، فما العيب في ذلك؟ ألم يكن الدكتور أحد المشاركين بدواوين الاثنين التي شهدت عدة مواجهات بين المواطنين المتظاهرين والشرطة التي ألقت عليهم القنابل المسيلة للدموع؟!

ثم كيف يربط الدكتور هذه الأحداث بحديث جنرال إيراني قبل ذلك بعشر سنوات عن احتمال تدخل إيران لحماية الشيعة في الكويت؟ وكيف للدكتور وهو السياسي المخضرم أن يصدق مثل هذا الكلام السخيف؟! فالشاه المقبور لم يكن يهتم بالشيعة في بلده حتى يهتم بالشيعة في بلدان أخرى لأنه كان مجرد أداة لتطبيق المشروع «الصهيوأميركي» في المنطقة. ولو افترضنا أن هواجس الدكتور في محلها وأن الأطماع القومية لا تتغير بتغير الأنظمة، فهل كان يعتقد الدكتور أن الجمهورية الإسلامية «التي لم يمض على تأسيسها سنة واحدة آنذاك» كانت «فاضيه» إلى هذا الحد لكي تغزو بلداً آخر بالرغم من التحديات والمؤامرات الداخلية التي تواجهها والتوتر بينها وبين عراق صدام حسين ومحاولة أميركا وأد الثورة من بدايتها؟!

من ناحية أخرى، فبينما كان الدكتور يذكر في مذكراته أسماء الشخصيات المشاركة في الأحداث التي تناولها، لم يذكر أسماء الشخصيات سواء المنظمة أو المتحدثة بهذه الندوات مثل سيد أحمد المهري سيد عدنان عبدالصمد ود. محمد نصير ود. منصور غلوم ومصطفى غلوم وخالد خلف، وفي ذلك إجحاف للدور البارز التي لعبته هذه الشخصيات وغيرها في المطالبة بعودة الحياة الدستورية في البلاد. كما لم يتطرق إلى تضحيات عائلة السيد عباس المهري والظلم الذي تعرض له أفرادها بسحب جنسياتهم وتسفيرهم، فكل ما فعله الدكتور الخطيب هو اختزال أحداث مسجد شعبان بشخصه، وكأن حماية الدستور والمطالبة بالديمقراطية والحريات هي (ماركه مسجلة) باسم الليبراليين دون غيرهم، بينما كانت أحداث مسجد شعبان تظاهرة وطنية جمعت السنة والشيعة والمتدينين والليبراليين تحت سقف واحد.

back to top