فضة قلبها أبيض رهان ناجح للدراما الكويتية سعاد لعبت دوراً جديداً وهدى تألقت في الشخصية الشريرة
رغم ازدحام الفضائيات بكم هائل من الأعمال الدرامية فإن الدراما الكويتية استطاعت أن تتميز ببعض الأعمال، ومن بينها مسلسل «فضة قلبها أبيض».
لا يختلف إثنان على تميز مسلسل «فضة قلبها أبيض» الذي يعرض على شاشة تلفزيون الكويت كعرض أول في توقيت مناسب قبل الإفطار، وهو موعد ملائم لأن يراه نسبة كبيرة من المشاهدين، وقد أفلح تلفزيون الكويت بادراجه في هذا الموعد، وكذلك مسلسل «التنديل» بعد الإفطار.الاختيار أكثر من موفق لمقدمة مسلسل «فضة قلبها أبيض» من حيث الكلمات والألحان والأداء لصوت غير مستهلك هو للفنانة السعودية مشاعل، وكلمات عذبة تعبر عن مكنون العمل، صاغتها الرائعة فتحية عجلان، ولحن جميل لعادل المسيليم، مع كادر الصور والرسومات للشخصيات التي تحبها أو تكرهها فضة، تقول كلماتها:«أنا فضه أنا فضه وداخل عروقي فرح مهضوم حقه، ما خطيت بهالحياة في هالحياة... بس الزمن قاسي في مده وجزره، من عقب عينج يا يمه... سدوا ابواب المحبة واظلموني، من عقب عينج يا يمه... اخطفوا فرحي يا يمه من عيوني، اتحدى الخوف والناس الغريبة اللي من روحي قريبة، قلتي يا يمه الصبر، قلت الزمن غدار، واقدار تضم الفرح وتفرّح الغدار».يبدأ المسلسل من خلال الراوية (صوت الفنانة القديرة سميحة أيوب) التي تعلق قائلة: تخرج الشمس صباحاً (صورة لشروق الشمس)، وتخرج شعرة بيضاء في رأس امرأة كل يوم (فايقة تنظر لشعرها)، يخرج طفل من بطن أمه (الدكتور عادل يوّلد احداهن)، يلعب الزمن مع الجميع غميضه عدا طفلة واحدة التي نسي الزمن البحث عنها، فبقيت مختبئة تعد إلى ما لا نهاية (فضة). امرأة خمسينيةفضة امرأة خمسينية تعاني إعاقة عقلية، فيتوقف عقلها عن النمو ويبقى عند مستوى طفلة في سن العاشرة من عمرها، ترث عن أبيها ووالدتها منزلاً وعمارة ومحلات وتمتلك سيارة ولديها سائق خاص، فضة هي الكبيرة لثلاثة إخوة غير أشقاء (من أم أخرى) فهد (فيصل المسفر) وفايقة (هدى حسين) وفوزية المطلّقة (عبير الجندي) لها ابن وابنة في عمر المراهقة، جميع الإخوة لا يعاملون فضة معاملة حسنة يضحكون عليها ويجعلونها مادة للسخرية.تسكن الجارة الجدة أمينة (اسمهان توفيق) بالقرب من منزل فضة، ويعيش معها ابناها البكر عدنان (حسين المنصور) الذي تزوج مرتين وطلّق فلديه من الأولى مليكة (فاطمة الصفي)، ومن الثانية نورة (شجون الهاجري)، أما ابن أمينة الثاني فهو الدكتور عادل (خالد أمين) وزوجته دلال (مرام) وابنتاه. أما زينات، وهي مربية فضة فلديها ابنة شابة اسمها سحر (مريم عبد الوهاب) تتزوج عرفياً من الرجل الغني قتيبة، لكنه يتخلى عنها عندما يعلم أنها حامل منه، فيسرق ورقة الزواج العرفي منها، ويحاول قتلها بفتح أنبوب الغاز في شقتها لكنها تفلت من الموت بأعجوبة، وتبقى في حملها رغم محاولتها الخلاص منه بشتى الطرق لاسقاطه، وبالمصادفة يتعرف د. عادل على سحر، ويبدأ الحب يسري في قلبيهما. أما عدنان فهو مهمل جداً تجاه ابنتيه، اللتين تهربان من الجامعة وتهملان دراستهما، والصغرى نورة تقع ضحية علاقة حب، وهنا يتدخل العم د. عادل لينقذها منه.دلال تعلم أن زوجها د. عادل قد تغيّر نحوها، وتكتشف خيانته لها مع سحر، فتحاول أن ترجع إليه صوابه، لكنه هائم في بحر ملذاته ومراهقته.نص مُحكمبعد مرور 17 حلقة من المسلسل نستطيع القول إن الساحة الدرامية الكويتية كسبت مؤلفة جديدة، لديها مقدرة على كتابة نصوص بشكل محكم ومتعدد الأحداث الفرعية التي تصب كلها في الحدث الرئيس، وبحرفية شديدة في صياغتها للأحداث واحداث حالة من الترقب لدى المشاهد، وقد تميزت بتسليط الضوء على ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال فضة التي لا تعي ما يحدث من حولها، لكنها محبة للخير تكره كل الأشرار، فالرسالة واضحة أن هناك بعض الذئاب البشرية التي تستغل هذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة.لكن ملاحظتنا حول النص تبقى في كيفية تحول الإنسان العاقل المحب لزوجته وبناته وهو د. عادل إلى شخص ينجرف نحو شهوة أو مراهقة ويدمر منزله بسببها، هذا التقلب لم يكن مقنعاً. كما نقول إن الكاتبة ستبقى رغم اختلاف معالجتها الدرامية لهذه القصة في مقارنة مع فيلم «توت توت» الذي قدمته الفنانة المصرية نبيلة عبيد، وجسدت فيه دور كريمة تلك الفتاة المتخلفة عقلياً، وبين مسلسل «سارة» للفنانة حنان ترك الذي عرض في 2006. بالنسبة إلى الممثلين نقول إن الفنانة القديرة استطاعت أن تتجدد في دور «فضة» المركب، ولعبته بصورة يتعاطف معها كل من يشاهدها، وإن كان البعض قد رأى أن الدور غريب على سعاد، كما تألقت أيضاً الفنانة هدى حسين في شخصية الشريرة فايقة التي أعمى قلبها حب المال فاستغلت أختها المسكينة، وجسد كل من خالد البريكي وخالد أمين وحسين المنصور واسمهان توفيق وعبير الجندي أدوارهم بتميز، ويبقى الاكتشاف مريم عبد الوهاب من مميزات المسلسل، إضافة إلى الظهور الجيد لفاطمة الصفي وشجون الهاجري. أما غافل فاضل فقد قدم رؤية اخراجية مناسبة للنص واظهر امكانات الممثلين. ويبقى أن نقول: ماذا لو تم الاستغناء عن الراوية في المسلسل؟ لكان أفضل بالطبع، فمسلسل «فضة قلبها أبيض» غني لا يحتاج لراوٍ.