حقوق المرأة

نشر في 29-03-2009 | 00:00
آخر تحديث 29-03-2009 | 00:00
في هذه الزاوية تنشر الجريدة• سلسلة من المقالات بأقلام المحامين المتخصصين في قضايا الأحوال الشخصية، بهدف تسليط الضوء على حقوق المرأة، وفي هذه الحلقة يتحدث المحامي محمد حمزة عباس عن التطبيقات العملية للطلاق والفرقة بالإرادة وكيفية وقوعه، وفي ما يلي نص المقال.

شرع الله الزواج لخلقه، وتعبدهم به من عهد ابيهم ادم عليه السلام الى يوم القيامة، وحفه بهالة من النور الالهي، والتوجيه الكريم، وعلى اساس انه اختيار خاطئ، او تقدير غير سليم، او يطرأ عليه ما يوهنه من تنافر الطباع، وتباين الاخلاق، وزوال الثقة فتسود البغضاء والمكاره، وتتعسر الحياة المتحابة، ولا يجدي نصح ولا صلح، ولا تمكن اقامة حدود الله، والاسلام دين واقعي نظر الى ما تعانيه الزوجة من هذه المشاكل، فوضع لها العلاج بنظام الطلاق، وجعله على مرات، ليفسح مجالا للتروي، وعودة الوئام بالطلاق الرجعي او ينهي الشقاق المستحكم بالطلاق البائن.

حكمة تشريع الطلاق:

الزواج في نظر الاسلام اساسه التواد والتراحم حتى يدوم القران بين الزوجين مدى حياتهما، غير ان الحياة الزوجية قد تكشف لكل منهما ما لا يرتضي الآخر من طباع وخلق فيطرأ بينهما الشقاق والتنافر بسبب تباين الاخلاق واختلاف الطباع.

نص المادة 102 من القانون رقم 51 لسنة 1984 من قانون الاحوال الشخصية الكويتي:

«يقع طلاق كل زوج عاقل، بالغ، مختار، واع لما يقول، فلا يقع طلاق المجنون، والمعتوه، والمكره، والمخطئ، والسكران، والمدهوش، والغضبان اذا غلب الخلل في اقواله وافعاله».

طلاق الهازل:

يرى البعض كما ورد في كتب الظاهرية والجعفرية وما روي عن بعض المالكية ان عبارة الهازل ملغاة لانعدام القصد.

ويستدل هؤلاء بأن العبارة ما هي الا كاشفة عن الارادة الباطنة والاحكام، انما تترتب على الارادة في الواقع وان كانت تسند الى العبارة في الظاهر.

طلاق المجنون والمعتوه:

فالمجنون والمعتوه لا يقع طلاقهما بإجماع الفقهاء، لان ارادتهما معدومة اعتبارا، وان وجدت صورة، والفرق بينهما ان المعتوه هو قليل الفهم، مختلط الكلام، فاسد التدبير، لكن لا يضرب ولا يشتم بخلاف المجنون، ويذكر معهما النوم والاغماء.

طلاق المكره:

جمهور الفقهاء لا يوقع طلاق المكره قياسا على عدم ترتب شيء على الاكراه على الكفر، كما في قوله تعالى «الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان» فيرى جمهور الفقهاء ان هذا الطلاق لا يقع ولا يعتد به.

طلاق المخطئ:

المخطئ هو ذلك الشخص الذي سبق لسانه الى امر لا يريد الحديث عنه ولا يقصده، وذلك كزوج اراد ان يصف زوجته بالطهر والعفاف فقال لها: انت طالق بدلا من قوله انت طاهرة وما اشبه ذلك، وطلاق المخطئ من الناحية الدينية لا يقع عملا بحديث «رفع عن امتي الخطأ»، ويرجع الامر فيه الى نية الزوج فإن كان حقا اخطأ في التلفظ به ولم يقصد تطليق زوجته باللفظ الذي سبق لسانه اليه فيجوز له شرعا ان يعاشر زوجته بعد صدور هذا اللفظ الذي اخطأ فيه لان الاعمال بالنيات.

طلاق السكران

 

السكر حالة تعرض الانسان من امتلاء دماغه بالابخرة المتصاعدة اليه فيتعطل معه عقله المميز بين الامور الحسنة والقبيحة، وقد اوردت المذكرة الايضاحية اختلاف الفقه حول وقوع طلاق السكران على النحو التالي:

فذهب فريق الى عدم وقوعه، ايا كان سبب سكره، وقالوا هو والمجنون سواء كل منهما فاقد العقل، وهو من شرط التكليف، فلا يقع طلاق السكران اذا هو مغلوب على عقله.

وذهب آخرون الى وقوع طلاق السكران، لا على اساس ان له ارادة ووعيا كافيين، بل على سبيل عقوبته، ومن باب التغليط عليه، وفرقوا بينهم وبين المجنون بأن السكران ادخل الفساد على عقله بإرادته.

وقد رُئي الاخذ بالقول الاول، لانه الموافق للمصلحة ولمقاصد الشريعة.

طلاق المدهوش:

المدهوش في القاموس: دهش الرجل اي تحير او ذهب عقله من ذهل، وفي تفسير صاحب المصباح في تفسيره للمدهوش هو ذهاب العقل حياء او خوفا.

فالمدهوش لا يقع طلاقه ومثله من اختل عقله لكبر او لمصيبة فاجأته، فمادام في حال غلبة الخلل في الاقوال والافعال لا تعتبر اقواله، وان كان يعلمها ويريدها لان هذه المعرفة والارادة غير معتبرة لعدم حصولها عن ادراك صحيح لقوله صلى الله عليه وسلم «لا طلاق ولا عتاق في اغلاق» وقد فسر الاغلاق بالإكراه وبالجنون وبالغضب.

طلاق الغضبان:

ان الغضب اذا ما اشتد بصاحبه وافقده صوابه واغلق عليه باب القصد، فانه يكون كالمكره، بل اشد منه، واولى بعدم وقوع طلاقه الذي يصدر منه، وهو في هذه الحال لحديث «لا طلاق في اغلاق»، والاغلاق هو الغضب الشديد.

وفي النهاية نجد ان الطلاق في نظر الاسلام اساسه التواد والتراحم حتى يدوم القران بين الزوجين مدى حياتهما غير ان اختلاف الطباع قد يؤدي الى الشقاق والتنافر بسبب تبيان الاخلاق وما هو الا نهاية مشروعة لانفصام الحياة الزوجية بين الطرفين.

back to top