شعوب مكلومة!

نشر في 17-08-2008
آخر تحديث 17-08-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي «نساء المنكر»، و«سعوديات»، و«بنات الرياض»، و«حب في السعودية»... هذه كلها عبارة عن عناوين لروايات رائعة تحاكي واقع المجتمع السعودي بشكل خاص والمجتمع الخليجي بشكل عام، والقاسم المشترك بين تلك الروايات كلها، هو سطوة السلطة الدينية في المجتمعات الخليجية وسيطرتها على الحياة الاجتماعية، وتدخلها السافر في حريات الناس وجثومها على أنفاس تلك الشعوب، خصوصاً الاضطهاد الديني ضد المرأة بممارسات يحظرها الإسلام، بل الإنسانية جمعاء.

القصص والأحداث كلها الواردة في تلك الروايات، هي قصص من الواقع الخليجي كما قلت، وهي أحداث حقيقية تعبر عن مقدار وحجم قوة ونفوذ واستبداد بعض شيوخ الإسلام السياسي، وأن أي مطالبة بحقوق أو حريات للمرأة بوجه خاص يُعد، في نظر بعض أولئك الشيوخ من باب «قلة الحياء». لو أردنا أن نفتح الباب على مصراعيه للحديث عن ظلم واضطهاد السلطة الدينية للمجتمع والمرأة والرجل في الخليج، لاكتشفنا كثيرا من المآسي، ولتأكد لنا أن «المارد الديني» يمارس أقصى درجات الدكتاتورية بمباركة وإيعاز من السلطة السياسية.

وخذ على سبيل المثال تلك اللجنة المسماة «لجنة محاربة الظواهر السلبية»، التي شكلها نواب الأمة المنتخبون للأسف وتحت سمع ومرأى ومباركة من الحكومة، التي لم تستطِع الحد من غلو بعض أصحاب اللحى المغرمين بالنزول إلى الشوارع والاحتكاك بعباد الله، خصوصا النساء وترديد مقولتهم المشهورة «تغطي يا مرة».

أستغرب وأتساءل دائماً: لماذا لا يعي شيوخ الحسبة أن زمن الدولة الدينية قد ذهب، وأن الحقائق والدلائل كلها تؤكد أننا نعيش في مجتمع مدني تنحسر فيه السلطة الدينية وتغيب وتبتعد عن التدخل في حقوق وحريات الناس صباحاً ومساءً. إن المجتمعات الخليجية ليست مجتمعات ملائكية ولا مجتمعات مُحاطة بالرياحين والزهور، بل هي مجتمعات مكلومة ومغلوبة على أمرها... والروايات السابقة هي عينة فقط وتشكل غيضاً من فيض مما أصاب الناس من ظلم وجور السلطة الدينية، وأعتقد أنه توجد في كل دولة خليجية عشرات الروايات والقصص الواقعية التي تعبر بشكل دقيق عن معاناة المرأة الخليجية وحسرتها وحزنها، من جراء مجموعة الأوامر والنواهي التي تفرضها السلطة الدينية. بل إن الطامة الكبرى أنه في الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول الخليجية تتحلل من قيود السلطة الدينية، نجد أن «عواء الثعالب» قد بدأ ينمو ويجد له محلا وأرضاً خصبة في المجتمع الكويتي... وأعتقد أنه يتعين أن يتحرك أركان النظام لتقويض سلطة ذلك الشبح المخيف الذي يرغب في خطف المجتمع إلى المجهول.

back to top