خلطة عجيبة تنتظر من يفك رموزها
أبصرت أمس الحكومة العتيدة النور بعد طول انتظار، ومشقة عناء التوقعات والتنبؤات بتركيبتها السياسية وسندها البرلماني والسياسي والاجتماعي، فأتت الحكومة الجديدة - القديمة لتثبت صحة التوقعات بصعوبة اكمال مسيرة المجلس الحالي لمدته القانونية لأسباب يتحمل مسؤوليتها طرفا العلاقة في السلطتين التنفيذية والتشريعية. فملامح الحكومة الخامسة لسمو الشيخ ناصر المحمد منذ توليه منصب رئاسة مجلس الوزراء والثانية في المجلس الحالي هي نسخة مستنسخة عن سابقتها، في ما عدا خلوها من تمثيل قوتين سياسيتين وأخريين اجتماعيتين. فخروج ممثل الحركة الدستورية (الأخوان المسلمين) وسحب التحالف الوطني الديمقراطي صفة تمثيل الوزيرة د. موضي الحمود له، وكذلك غياب التمثيل القبلي للمطران والعجمان، جعلت الحكومة بغطاء نيابي - سياسي شبه أحادي يدعمه التجمع الاسلامي السلفي (السلف) بشكل رئيسي والائتلاف الاسلامي (عدنان عبدالصمد) بصورة جزئية بسبب محدودية تمثيله البرلماني.
لا شك بأن إعادة تشكيل الحكومة الجديدة بعد أزمة سياسية دامت لأكثر من شهرين، بنفس الوجوه مع تعديلات طفيفة للغاية تنبئ بأن قرار المواجهة متخذ وأن حسم تبعاته مرجأ لفترة زمنية معلومة، وأن البلد بسبب حسابات خاطئة ستدفع ثمنه، وإلّا كيف يمكننا أن نفسر عودة 12وزيرا ممن وقعوا على كتاب استقالاتهم بسبب عدم التعاون مع المجلس الحالي لنفس مواقعهم السابقة دون حتى تدوير للحقائب الوزارية، وكيف لهم أن يرمموا علاقاتهم مع أعضاء نفس المجلس الذي وصموه بعدم التعاون وغياب العمل الجماعي لمصلحة البلد؟!... بالتأكيد أن عودة عدد من الوزراء على الأقل ممن كانوا على حافة المساءلة السياسية هو عمل لا يمكن أن يكون من الحصافة والحنكة السياسية، ولا يمكن تبريره إلا بنوايا تسخين الساحة السياسية وتحضيرها لأمر ما. ولا يمكن أن يميز أيضا أي محلل سياسي او مهتم بالشأن العام ملامح الحكومة، فهي ليست حكومة تكنوقراط ولا ائتلاف وتحالفات قوى سياسية ولا حكومة وحدة وطنية ولا خلافه، ويمكن وصفها بأنها خلطة عجيبة لا نعلم من يمتلك شفرة فك رموزها، فهل هذه الحكومة قادرة على توفير مظلة البقاء الحكومي والبرلمان حتى نهاية الفصل التشريعي، كما يتمنى سمو رئيس الحكومة ؟... بالتأكيد لا يمكن أن توفر الحكومة الجديدة تلك الامكانية سواءً كان ذلك من ناحية التمثيل النيابي لها أو حضور وقوة أداء أعضائها مع احترامنا الكامل لهم جميعا، كما أن معضلة رئيس الحكومة الدائمة في إمكان اعتلائه المنصة للمساءلة السياسية المشهرة أمامه ستبقى قائمة دون حلول أو وقاية في ظل الوضع الحكومي الجديد، ولذلك فإن القراءة الأصوب لمهمة التشكيلة الحكومية الجديدة هي المواجهة وما سينتج عنها من أيام صعبة سياسيا ستشهدها البلاد في الأسابيع القليلة المقبلة.