اتعب عالنوخذة !

نشر في 05-03-2009
آخر تحديث 05-03-2009 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي لا يمكن بأي حال من الأحوال لأي شخصية أن تكون «نوخذة»، فالنوخذة يحتاج إلى شروط ومواصفات للوصول بالسفينة إلى بر الأمان، خصوصاً نوخذة السفر على اعتبار أنه سيغيب عن الديرة لعدة شهور، ومعه في المركب عشرات «البحرية» من مساعدين وبحارة.

في خضم هذا الديربي المثير من الاستجوابات والإضرابات والإشاعات والتصريحات والاجتماعات لكبار الأسرة وصغارها، آثرت أن تكون هذه الزاوية في هذا اليوم بعيدة عن السياسة وهمومها وأوجاعها، وأستميحك عذراً عزيزي القارئ، فالرأس «متروس» بالأفكار والرؤى والهموم، فلنأخذ قليلاً من الراحة، ولنعد إلى الوراء قليلاً لنتحدث عن تاريخ الكويت البحري، فعلى الرغم من أنني لست باحثاً في التراث، لكن بما أنني ابن لأسرة «بحرية» فلدي قدر بسيط من المعلومات التاريخية.

ففي التاريخ البحري الكويتي كانت هناك شخصية «النوخذة» وهو يعني لغير الناطقين باللهجة المحلية ربان السفينة وقائدها الأول، وهناك نوخذة «غوص» ونوخذة «سفر».

ولا يمكن بأي حال من الأحوال لأي شخصية أن تكون «نوخذة»، فالنوخذة يحتاج إلى شروط ومواصفات للوصول بالسفينة إلى بر الأمان، خصوصاً نوخذة السفر على اعتبار أنه سيغيب عن الديرة لعدة شهور، ومعه في المركب عشرات «البحرية» من مساعدين وبحارة... فإذا لم يكن «النوخذة» يتمتع بشخصية قوية، ولديه مواصفات القائد من شدة وصرامة وحنكة ومعرفة بكيفية «إدارة السفينة» فإن الأمواج ستتقاذفها، وستضيع في البحور المتلاطمة الأمواج.

و«النوخذة» هذا يمارس صلاحياته على السفينة من خلال مساعديه الذين يحل بعضهم محله أثناء فترة الراحة، والجميع على السفينة يأتمر بأوامره، وينتهي بنواهيه، فما يقوله النوخذة على الجميع أن يقول «تم».

و«البحرية» إن لم تكن هناك شخصية تتمتع بالقوة تضبط تصرفاتهم، وتكبح جماحهم، وتحد من شهواتهم، فستتعطل عملية سير السفينة، وستدب الفوضى، وستضيع «الطاسة»، والنوخذة لا يشاركه أحدٌ في قراراته، ولذلك قيل في الأمثال «المركب اللي عليه نوخذتين يطبع»، وفي الحقيقة فإن «النوخذة» يجب أن يكون لديه نوع من الدكتاتورية في قراراته، وهذه الدكتاتورية مطلوبة أحياناً لأنه يحمل أمانة عظيمة في عنقه، فالنوخذة همه الوحيد هو أن يصل بالسفينة والبضاعة والبحرية إلى شواطئ الأمان.

على العموم هذه المهنة انقرضت بسبب تطور الحياة البحرية وظهور السفن والمكائن البحرية الحديثة، لكن وبحسب ما أظن أنه يجب على كل مسؤول أن يكون «نوخذة» في عمله!!

back to top