مدفع الإفطار بدأ من مصر باسم الحاجة فاطمة وفي الكويت سمي الوارده
مع التمدن وتطور الحضارة في شتى المجالات يصبح الحديث عن صور الحياة في الماضي نوعا من الذكريات، ومنها ما يتعلق بصور الحياة خلال شهر رمضان المبارك في المجتمع الكويتي القديم كاستخدام المدفع وقت الافطار، وهناك عدة روايات عن بداية استخدام المدفع أشهرها ان الوالي في مصر محمد علي باشا كان قد اشترى مدافع حربية جديدة، وفي ذات يوم من ايام شهر رمضان كانت تجرى الاستعدادات لتجربة مدفع منها فانطلق صوت المدفع مدويا في نفس لحظة غروب شمس ذلك اليوم، اي مع أذان المغرب، فاعتقد الناس ان هذا تقليد جديد فسألوا الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان في وقتي الافطار والسحور، وتحول اطلاق المدفع بالذخيرة الحية الى ظاهرة رمضانية.ومن الروايات المشهورة ايضا تلك التي يرجع تاريخها الى عام 859 للهجرة، ففي هذا العام كان يتولى الحكم في مصر وال عثماني اسمه «خوشقدم»، وكان جنوده يقومون باختبار مدفع جديد جاء هدية من صديق الماني، وتمت التجربة وقت غروب شمس احد ايام شهر رمضان فظن المصريون ان تقليدا جديدا قد استحدث، لكنهم لم يسمعوا صوت المدفع بعد ذلك.
وتتابع الرواية فتقول إن بعض علماء الدين والوجهاء ذهبوا لمقابلة الوالي لطلب استمرار عمل المدفع في رمضان فلم يجدوه والتقوا زوجته التي كانت تدعى «الحاجة فاطمة» التي بدورها نقلت طلبهم للوالي فوافق عليه، فأطلق بعض الناس اسم «الحاجة فاطمة» على المدفع. وعن استخدام مدفع الافطار في الكويت يذكر الباحث في التراث الشعبي احمد بن برجس أن مدفع الافطار عادة رمضانية بدأت في العاصمة المصرية القاهرة ومنها انتشرت في بعض الدول العربية. وقال بن برجس في لقاء مع «كونا» إنه كان يقوم على مدفع الافطار قديما رجل اسمه فايد، وظل يقوم بهذا العمل حتى الثلاثينيات من القرن الماضي، ثم جاء بعده ابن عقاب وهو صاحب قهوة شهيرة تقع شمال سوق «البشوت». وبين ان ابن عقاب كان يقدم قهوته لاهل البادية الذين يأتون من الصحراء، وقبل غروب الشمس يدخل الى غرفة في مقهاه ويأخذ عمودا له رأس مكور على استطالة ومن الأسفل يميل الى النحافة، فيحمله على كتفه ويسير مارا بساحة «المباركية» عبر شارع الامير في مسجد السوق الكبير، ثم يواصل سيره حتى قصر السيف ويمر بالبوابة حتى ساحة «البنديرة».واوضح انه حين يصل الى غرفة من الصفيح لها بابان احدهما كبير يطل على البحر مباشرة وآخر أصغر حجما يطل على البر، وبداخل هذه الغرفة مدفع ذو فوهة واسعة فيقوم بإدخال كيس من البارود طوله قدم تقريبا ويدفعه بهذا العمود، وقال: إن ابن عقاب يأتي بعد ذلك بقطع من الخرق البالية الملقاة على ساحل البحر فيقوم بعصرها ويحشرها بفوهة المدفع، ويضع قليلا من البارود في ثقب يصل الى كيس البارود فيقول له البعض «يا ابن عقاب المدفع أمس صوته ضعيف» فيرد عليهم «حاضر ستسمعون اليوم صوتا مدويا جدا».واضاف ان ابن عقاب كان ينظر الى ساعته القديمة جدا، وعندما تغيب الشمس في الافق مع توقيت ساعته يشتعل البارود الذي في فوهة المدفع، فيدوي صوته مجلجلا لتسمعه احياء الكويت كلها، وقال بن برجس إنه عند الغروب يحتفل الأولاد يوميا بانطلاق مدفع الافطار ويطلق عليه باللهجة المحلية «الوارده»، حيث يجتمعون بالقرب من مكان المدفع منذ العصر وعندما يطلق المدفع يأخذون بالتهليل.يذكر أن المدفع الحالي الموجود في قصر نايف جاء كإهداء من مملكة البحرين في سنة 1992، وهو صناعة انجليزية زنة 25 رطلا ويرمي هذا المدفع طلقة واحدة في اليوم وتحديدا مع أذان المغرب، ويشرف عليه ضابط وثلاثة افراد وينقل عبر التلفزيون. واعتبارا من شهر رمضان الحالي سيسمح لألفي شخص بدخول قصر نايف لمشاهدة المدفع اثناء الرمي.