د. عبير عصام الدين: الشيكوريا نبات فاعل لعلاج أمراض الكبد
عرف المصريون عشب الشيكوريا (يعود أصله إلى الكلمة المصرية كتتشوريوم) منذ خمسة آلاف سنة، وكانوا يأكلون أوراقه كخضار. كان الأطباء العرب أول من نصح باستخدامه كعلاج، وظل حتى أوائل القرن السابع عشر الميلادي يستخدم كغذاء وعلاج ممتاز للكبد.
يُعتقد أنه استُخدم كبديل للقهوة منذ العام 1806 عندما منع حصار نابليون وصول المواد المستوردة إلى القاهرة، كذلك أثناء الحربين العالميتين. استكمالاً للأبحاث العلمية التي أجريت على هذا النبات منذ القرن الثامن عشر وحتى الآن، أنجزت د. عبير عصام الدين، أستاذ الكيمياء الحيوية المساعد، دراسة مبتكرة استطاعت من خلالها استخلاص سكر الفركتوز ذي الخصائص العلاجية من نبات الشيكوريا، التقتها «الجريدة» في الحوار التالي:ما هو التعريف العلمي لنبات الشيكوريا؟الشيكوريا نبات عُشبي غضّ ينتمي إلى العائلة المُركبة، يتراوح ارتفاعه بين 30 إلى 100 سم، ساقه جوفاء، أوراقه قليلة مكسوة بشعيرات خشنة، يزهر بين شهري يوليو وأغسطس (تموز وآب) وأزهاره مستديرة وتتميز بوجود فجوات، يتدرج لونها من الأصفر إلى البرتقالي وتتفتح بطريقة عجيبة صباحاً وتقفل بإحكام مساءً. جذوره غليظة ومخروطية الشكل، تتعمق في التربة وتنبعث منها جذور جانبية. موطنه الأصلي أوروبا والبحر المتوسط والصين والهند.ما هي العناصر العضوية والكيماوية التي تجتمع في هذا النبات؟يحتوي على مواد تعرف بـ{اللاكتونات السيسكوتربينية»، دهون، أصماغ، مواد دباغية، زيوت طيارة بالإضافة إلى بعض المعادن المهمة مثل الكالسيوم، البوتاسيوم، الصوديوم، الحديد، المغنيزيوم، المنغنيز، النحاس والفسفور، وكذلك مواد سكرية، أحماض أمينية، نشاء، فيتامينات (أ) و (ب)، والجزء المستخدم من النبات هو أوراقه وجذوره.كيف استفاد الطب القديم من الشيكوريا؟ اعتبر أطباء العرب، منذ القدم، نبات الشيكوريا من الأعشاب المغذية والمفيدة للصحة، كذلك الصينيون والأوروبيون والهنود. كان الأطباء الصينيون والعلماء الهنود يستخدمونه لعلاج الرشح، الأنفلونزا، تَجمُّع الماء في الرئتين، التهاب الكبد، القُرح المعوية، مشاكل الأسنان، الجروح الداخلية وغيرها. أما العرب فكانوا أول من اكتشف أن هذا النبات فاعل جداً لإدرار البول.أما اليونانيون والرومان القدماء فاستخدموه في الغذاء، وابتداءً من القرن الثالث عشر نصح أطباء جامعة «ويلز» البريطانية باستخدامه كأحد الأعشاب المفيدة في علاج كثير من الأمراض.ما هي خصائصه العلاجية الحديثة؟زيادة الإفرازات في المرارة التي تساعد في هضم الدهون، يمنع تجمع الحصى في المرارة، يخفف الشعور بالانتفاخ قبل فترة الحيض لدى النساء، يخفف نسبة السوائل في الجسم لأنه يدر البول، ما يساعد في انخفاض ضغط الدم.تحتوي أوراقه على نسبة جيدة من البيتاكاروتين (Beta Carotene) وفيتامين ج، وهي تساعد في حماية خلايا الجسم من الضرر والتأكسد. بالإضافة إلى أنه يساهم في تخفيض معدل السكر في الدم، ويؤدي دوراً مهماً كمضاد للالتهاب، وفي التخفيف من الأعراض التي يشعر بها المرضى المصابون بداء التهاب المفاصل.إلى جانب الاستعمالات الطبية، هل يمكن استعماله كمكمل غذائي؟نعم. يمكن تناول نبات الشيكوريا طازجاً مع السلطات كفاتح للشهية، ويمكن صنع شراب من أوراقه، عن طريق غلي حوالي 15 غراماً منها لصنع كوب ويترك لعشر دقائق ثم يُتناول ثلاث مرات يومياً، وهو يفيد المدخنين خصوصاً، لأنه يقتل البكتيريا الموجودة في الفم الناتجة من عملية التدخين، كذلك يسهل عملية الهضم، لأنه من النباتات المهدئة للقولون.هل يحظى نبات الشيكوريا بالاهتمام عالمياً في مجال البحث الطبي؟يحظى راهناً بمكانة كبيرة بين النباتات الطبيعية ذات الفوائد الطبية العالمية، وتعتبر جذوره أحد العقاقير المسجلة في دستور الأدوية الأميركية كعلاج فاعل لأمراض الكبد، وفي ألمانيا اعتبر المتخصصون في علم النبات أن جميع أجزاء نبات الشيكوريا صالحة لعلاج أمراض الكِلى، وسُجل في الصين كأفضل المواد الطبيعية إدراراً للبول وعلاجاً لضغط الدم، كذلك نجح الصينيون في علاج أمراض الشُعب الهوائية والجهاز التنفسي بواسطة استعمال جذوره.ما هي الإضافة التي تركز عليها بحثك الخاص بنبات الشيكوريا؟النتيجة الأهم التي توصلت إليها من خلال دراستي لخواص نبات الشيكوريا وتركيبه هي إنتاج مادة أنزيم الـ{أنيولنيز»، التي يمكن استخدامها في تحليل مادة الأنيولفين والحصول على سكر الفركتوز المتميز بانخفاض سعراته الحرارية، ما يساعد في امتصاص نسبة الحديد الزائدة عند الأطفال والكالسيوم عند السيدات، خصوصاً في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، بالإضافة إلى أنه يمنع حدوث سرطان القولون، أيضاً سكر الفركتوز له ميزة أخرى اقتصادية، إذ لا تحتاج زراعته إلى تكاليف مادية كبيرة مقارنة بالنباتات الأخرى التي يُستخلص منها السكر مثل قصب السكر والبنجر.