الناقد التشكيلي هشام قنديل: كيد النساء لحامد ندا كشفت ألاعيب سماسرة اللوحات!
الفنان التشكيلي الراحل حامد ندا (1924 – 1990) الذي تمزج أعماله بين الواقعية الشعبية والصوفية حصل على «حق العودة» مجدداً إلى ساحة الفن التشكيلي بعد حادث السرقة الشهير لاثنتين من لوحاته من بينهما لوحة «كيد النساء».
ما إن كشفت الجهات الأمنية المصريّة النقاب عن لغز سرقة اللوحتين اللتين اشتراهما الناقد التشكيلي المصري هشام قنديل (مدير «أتيليه جدة للفنون التشكيلية» ومسؤول «بينالي جدة الأول»)، حتى التقته «الجريدة» في حوار حول تفاصيل الحادث الذي انتهى بعودة اللوحتين إلى القاهرة واسترداد قنديل الأموال التي دفعها نظير اللوحتين وتكريم وزارة الثقافة المصريّة له على أمانته.ما هي طبيعة عملك في السعودية؟أعمل منذ 25 عاماً عضواً في اللجان العليا الخاصة بالفنون التشكيلية ومسؤولاً في «بينالي جدة الأول» ومديراً لـ «أتيليه جدة للفنون». يتطلب عملي شراء لوحات لكبار الفنانين أو استعاراتها، بالإضافة إلى حرصي على اقتناء لوحات نادرة. أثناء إجازاتي الصيفية في مصر استعداداً لإقامة معرض كبير عن الفن التشكيلي المصري، انتهزت الفرصة واشتريت بعض الأعمال لكبار الفنانين مثل جاذبية سري ومكرم حنين وآدم حنين وفاروق حسني (وزير الثقافة المصري) وعمر النجدي وفرغلي عبدالحفيظ وتحرّيت الدقة وراء كل عمل أقتنيته.ما الخطوات المتّبعة لاكتشاف اللوحة المقلّدة من تلك الأصليّة؟للأسف، يقلّد البعض الأعمال الأصلية، لذا ألجأ إلى أسلوب التوثيق، من خلال فنانين عاصروا صاحب العمل أو من خلال تلامذته، كي أتأكد من أصلية العمل، وذلك ما حدث تماماً مع لوحتي الفنان حامد ندا، فقد حرصت على أن أوثقهما من د. صبحي الشاروني الذي أعطاني شهادة موثّقة لهما من الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلي.كيف التقيت عادل ناجي الوسيط في عملية بيع اللوحتين المسروقتين؟ناجي سمسار لوحات، تعرفت إليه في غاليري «بيكاسو» في القاهرة، وعرض عليّ عملين لمكرم حنين وصلاح عناني، فأشتريت منه عملاً لحنين. بعد يومين اتصل بي مجدداً وعرض عليَّ عملين للفنان حامد ندا، أحدهما «كيد النساء». أعجبت بكلتا اللوحتين، وطلبت منه توثيقهما وسألته عن مالكهما فتهرّب مني، اعتقدت أنه يخشى ألا يتقاضى عمولته إذا تعاملت مع المالك مباشرة. وثّقتُ اللوحتين لدى الشاروني وتأكدت من أصليتهما واشتريتهما بمبلغ مائة ألف جنيه، وتقاضى ناجي خمسة آلاف جنيه عمولة، وزيادةً في التحري عرضت اللوحتين على د. صبري منصور (من تلامذة حامد ندا) المسؤول العام في معرض «مائة عام على الفنون التشكيلية في مصر»، فأكد أصلية اللوحتين أيضاً.ماذا حدث بعد سفرك إلى السعودية وبحوزتك اللوحات؟ أثناء تحضيري لمعرض الفن التشكيلي في مصر، تلقيت اتصالاً من الفنان محسن شعلان (رئيس قطاع الفنون التشكيلية في مصر)، وأوضح لي أن الأعمال التي اشتريتها مسروقة من دار الأوبرا المصرية، فعدت إلى مصر في 5 أكتوبر (تشرين الأول) وقابلت وزير الثقافة فاروق حسني وأعدت اللوحتين وكرِّمت. ماذا عن دور الأمن المصري في التوصّل إلى السارق؟اهتمت وزارة الداخلية المصرية جيداً بالقضية وعاملتني معاملة غاية في الرقي، وأثناء التحقيقات أشرت إلى أني اشتريت اللوحتين من شخص يُدعى عادل ناجي، وكان ذلك أول الخيط الذي يرشدنا إلى السارق الحقيقي.حاولت الاتصال بناجي مراراً، لكنه لم يجب، ثم هاتفني وطلب مني إعادة اللوحتين، قائلاً إنه سيعيد إليّ ثمنهما، وأعطاني موعداً، لكنه لم يحضر وكان يراقبني للتأكد من عدم اصطحابي أفراد الشرطة الذين استطاعوا ببراعة التخفّي والإيقاع به.بعد إلقاء القبض على ناجي، اعترف أنه يبيع اللوحات لمصلحة مدير المسرح الصغير في دار الأوبرا عادل سعيد الذي كان نزع اللوحتين من إطارهما وأخفى الإطارات في دورة المياه الملاصقة لمكتبه في دار الأوبرا. كشفت «كيد النساء» ألاعيب السماسرة.هل استعدت المبلغ الذي دفعته مقابل اللوحات؟نعم، الحمد لله، المال الحلال لا يضيع.من خلال عملك في السعودية، هل تصادفك لوحات مقلّدة؟طبعاً. ثمة لوحات مقلّدة كثيرة في السعودية.ماذا عن أحدث الفاعليات التشكيلية بين مصر والسعودية؟سيقام معرض للفنون التشكيلية السعودية بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية، ممثّلةً بقطاع الفنون التشكيلية في مصر وأتيليه جدة للفنون الجميلة في دار الأوبرا المصرية، يضم نخبة كبيرة من الفنانين التشكيليين السعوديين، وذلك في بداية شهر مارس (آذار) العام المقبل. سيفتتح المعرض وزير الثقافة المصري فاروق حسني، وسيكون نافذة مسلّطة على المشهد التشكيلي السعودي الذي شهد تقدماً كبيراً في العقد الماضي.