رحم النور

نشر في 18-05-2008
آخر تحديث 18-05-2008 | 00:00
No Image Caption
 سليمان الفليح في الكلمة السامية التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، إلى مؤتمر المنظمة العربية الزراعية الذي انعقد في مدينة الرياض في 29 أبريل الماضي، والتي قال فيها (مؤكدا أهمية تعزيز الاستثمار الزراعي في الوطن العربي لتضييق الفجوة الغذائية العربية التي تزداد اتساعا)، قال، يحفظه الله: «إن الأزمة الغذائية العالمية تتطلب المواجهة بتضافر الجهود وتعزيز العمل الزراعي العربي المشترك».

***

وفي الصدد ذاته، ومن خلال افتتاح المنتدى الاقتصادي الإسلامي الذي انعقد في الكويت في اليوم ذاته، أكد أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، حفظه الله، ضرورة العمل على زيادة الاستثمارات فيما بين البلدان الإسلامية وإزاحة الحواجز الجمركية، وتحسين البنى التحتية، ورفع كفاءة وسائل النقل والمواصلات وسبل الاتصالات، وبناء قطاع خاص قادر على الاضطلاع بمهام التنمية في البلدان الإسلامية. وحذر سموه من أزمة شح الموارد الغذائية وارتفاع أسعارها؛ لذلك أعلن عن مبادرة كويتية لإنشاء «صندوق الحياة الكريمة» وبتبرع كويتي مقداره 100 مليون دولار لتوفير السلع الغذائية بشكل سريع للمحتاجين في الدول الإسلامية.

***

وبالطبع، فهذان الخطابان الخليجيان للملك والأمير ينطلقان أساسا من حرصهما على التضامن العربي وتحقيق أحد مقومات الوحدة التي فشل «مدّعو الوحدة» في تطبيقها إلاّ بالشعارات الجوفاء، تلك الشعارات أسهمت في تفكيك تلاحم الأمة وشكلت محاور لا تتفق إطلاقا مع «أهدافها القومية» المعلنة دوما ونعني بذلك العمود: «التكافل الاقتصادي» الذي ظل حلما عائما منذ أن أنشئت جامعة الدول العربية، حتى اليوم.

واليوم ها هي الظروف والمتغيرات «تجبر» العرب على تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع، لاسيما أن العالم مقبل على مجاعة مذهلة بفضل: «أم عابس التي تأكل الأخضر واليابس»، ونعني بذلك أميركا على وجه التحديد؛ لأن أضراس آلتها الهائلة والنهمة لا تشبع ولا تقنع من اجترار الطاقة، فبالإضافة إلى استهلاكها الضخم للبترول لتسيير تلك الآلة، ها هي تتقدم لحصد حقول العالم الخضراء لاستخلاص الطاقة البديلة «الخضراء البديلة: الميثانول» التي تُستخرج من المواد الغذائية «كالذرة والقمح والشعير وكل شيء أخضر»، أي: أنها لم تكتفِ بالتهام حقول النفط بل ستلتهم حتى حقول الغذاء؛ لذلك ليس أمام العرب إلاّ التكافل وتفعيل دور الجامعة العربية من جديد، ونعني بالتكامل توجيه المال العربي إلى الاستثمار الزراعي في البلدان العربية الفقيرة، وإحياء الأراضي البور عبر المشاريع الزراعية التي ستشكل مدخلا اقتصاديا جيدا لتلك البلدان، وتشغيل الأيدي العاملة «الخاملة»، والقضاء على البطالة والفقر فيها، وبالتالي تأمين اللقمة لسائر العرب الفقراء والأغنياء على حد سواء، وبالتالي الاستعداد لمقاومة المجاعة القادمة التي تلّوح بها الدول الكبرى، وتوفير العائد الاستثماري المجزي لأصحاب تلك المشاريع، سواء أكانت عن طريق الحكومات أم الشركات أم الأفراد، وهكذا سنجنّب شعوبنا المجاعة والفقر وإلّا فـ«علينا السلام».

back to top