افتتاحية الملك عبدالله وتعاظم الدور
لم تمض سوى ثلاثة أعوام على وصول الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود إلى سدة الحكم وتتويجه ملكاً على المملكة العربية السعودية. وفي ثلاث سنوات حرك الملك الجديد المملكة داخلياً وخارجيا بطريقة لفتت الأنظار في الداخل والخارج.
ففي السياسة الخارجية، دخلت المملكة في عهد الملك عبدالله في مرحلة ما يسمى النشاط السعودي (Saudi Activism)، فرأينا دور المملكة يتعاظم في الملفات الخارجية من قضية السلام العربي الإسرائيلي ومبادرة الملك عبدالله وتفعيلها عربياً في قمة الرياض في 2006، إلى تصريح الملك عبدالله الشهير الذي أغضب أميركا عندما قال عنها إنها قوة احتلال في العراق، إلى الملف الإيراني وأمن الخليج، إلى الدور السعودي في لبنان. وفي ظل قيادة الملك عبدالله، أعلن الأمير سعود الفيصل غضب السعودية من السيطرة الإيرانية على جنوب العراق، تصريح قاله الأمير في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، أيضا أغضب الأميركيين، الملك عبدالله تبنى سياسة خارجية أساسها الصراحة والوضوح في ما يخص الاحتلال الأميركي للعراق، كذلك تبنى موقفاً مختلفاً في حرب إسرائيل و «حزب الله»، والملك عبدالله أيضا هو الذي حقق المصالحة بين المملكة وقطر. كذلك بدأ الملك عبدالله حواراً عالميا حول الإسلام والغرب من خلال مبادرته لحوار الأديان. أما داخلياً، فيبقى الملك عبدالله اليوم من أكثر ملوك السعودية شعبية في الداخل بين أطياف المجتمع السعودي كلها، فسيارات الشباب وكذلك عباءات السيدات تحمل صوره بأشكال مختلفة. الملك عبدالله أقام أيضاً في الداخل مشروعات كبرى أولها مشروع الحوار الوطني الذي دعا إلى الحوار بين أطياف المجتمع المختلفة؛ حوار بين الرجل والمرأة في السعودية، وحوار بين الشيعة والسنة، فهو خلق مجتمعاً مبنيا على الحوار وليس مبنياً على الأوامر العليا. كذلك قام الملك عبدالله بمشروعه الكبير المعروف بجامعة الملك عبدالله للموهوبين، والتي بلغت تكلفتها أكثر من عشرة مليارات دولار أميركي، بمجلس أمناء من علماء عالميين. في عهد الملك عبدالله بدأ التعليم السعودي ينتقل من تعليم الدول النامية إلى بناء جامعات تستهدف الوصول إلى العالمية. كذلك في عهده بدأ مشروع تنظيم بيت الحكم السعودي من خلال هيئة البيعة التي تسهم في تصور واضح لنقل السلطة في المملكة العربية السعودية بطريقة دستورية تشاورية بين أبناء الملك عبدالعزيز وأحفاده المباشرين. شعبية الملك عبدالله بن عبدالعزيز تعود في المقام الأول إلى المبادرات السياسية التي جعلت من السياسة الخارجية السعودية محط أنظار العالم ومتابعته، وفي الوقت نفسه، السياسة الداخلية التي جعلت المواطن السعودي يحس بشراكة في الحكم وقرب الملك من الشعب، ولكن السعوديين يقولون إن الأساس في قبوله الشعبي أنه وجه خير على المملكة، ففي عهده وصلت أسعار النفط إلى درجة لم يكن ليتصورها السعوديون أو أهل المنطقة... «الدنيا وجيه»، كما تقول البادية. الجريدة