اللحظات الأخيرة

نشر في 25-12-2007 | 00:00
آخر تحديث 25-12-2007 | 00:00
 أ.د. غانم النجار

الدور الذي لعبته الدول العربية والإسلامية في صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كان محورياً وأساسياً، وهي مشاركة لم تكن هامشية كما يتصور بعضهم، وكانت مشاركة المملكة العربية السعودية هي الأعلى مستوى من حيث التمثيل فقد مثّلها في اجتماعات الجمعية العامة الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، وكان حينها وزيراً للخارجية.

قام الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، وكان حينها وزيراً للخارجية السعودية، بجمع الوفود العربية والإسلامية المجتمعة في باريس قبيل ساعات من التصويت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر 1948 لحثهم على عدم التصويت ضد الإعلان، خصوصاً بعد الجدل المحتدم الذي مرت به مناقشة المشروع. وأكد للمجتمعين انه في حالة التردد فإنه من الأفضل الامتناع عن التصويت فقط، وكان هذا ما حدث بالضبط فقد تم التصويت على الإعلان من دون اعتراض دولة واحدة.

وكانت اجتماعات اللجنة الثالثة (الاجتماعية والإنسانية) للجمعية العامة قد استمرت من سبتمبر حتى ديسمبر 1948، وهو اجتماع ضم الدول الاعضاء كافة في الأمم المتحدة من دون استثناء، مما خلق مجدداً فرصة إضافية للنقاش والإضافة. وعلى الرغم من أن الانعقادين الأول والثاني للجنة حقوق الإنسان قد حازا على أغلبية تصويتية ساحقة، فإن المشروع المتفق عليه عاد مجدداً برمته إلى التمحيص والمعالجة الشاملة.

ومع أن لجنة حقوق الإنسان كانت قد خصصت خمسة انعقادات طويلة خلال سنتين لصياغة مشروع الإعلان، وجدنا اللجنة الثالثة تعقد 85 اجتماعاً من دون حساب 20 اجتماعا عقدتها لجان فرعية. وعندما قدّم رئيس اللجنة الثالثة تقريره النهائي عن وقائع انعقاد اللجنة الثالثة للجمعية العامة أوضح درجة الدعم الذي حصل عليه الإعلان من الدول المشاركة، حيث قال إنه من أصل 1233 تصويتا فان %88.8 كانت إيجابية، و%3.73 فقط كانت سلبية، كما أن 18 مادة كان قد تم إقرارها دون أي معارضة من أي نوع، وأقرت اللجنة الثالثة الإعلان بـ 29 صوتاً مقابل صفر وامتناع 7 أصوات.

كذلك فان الدور الذي لعبته الدول العربية والإسلامية كان محورياً وأساسياً، وهي مشاركة لم تكن هامشية كما يتصور بعضهم، وقد تم طرح التخوف من أن يحمل الاعلان صيغة غربية طوال المناقشات. وقد كانت مشاركة المملكة العربية السعودية هي الأعلى مستوى من حيث التمثيل فقد مثّلها في اجتماعات الجمعية العامة الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، وكان حينها وزيراً للخارجية، بل إنه كان الوزير الوحيد ضمن الوفود العربية.

كما مثّل السعودية أيضا كل من الدكتور جميل بارودي وصادق إبراهيم سليمان وكانت لهما إسهامات قيمة في الاقتراحات والتصويتات، كما مثّل لبنان د. شارل مالك، الذي لعب دوراً محورياً في رئاسته للجان مختلفة، كما مثّل لبنان كريم عزقول والسيدة جمال كرم حرفوش، ومثّل سوريا د. عبدالرحمن الكيالي ورفيق عشي، كذلك مثّل مصر د. حلمي بدوي بك ود. حسان بغدادي وعدلي أندراوس، ومثّل العراق الأستاذ عيادي، ومثل اليمن أمير الإسلام العيني وحسن إبراهيم.

كذلك كان الدور الذي لعبه مندوب تشيلي سانتا كروز أو مندوب الصين السيد تشانغ أو المندوب الفلبيني رومولو، إضافة إلى الدور الأساسي لإليانور روزفلت والمحوري للقانوني الفرنسي الشهير رينيه كاسان، بمنزلة إضافات مهمة خلقت عن جدارة نجوماً وضعت بصمات على مسيرة الإنسانية.

وهكذا كانت خلطة متنوعة، متعددة، لا ترتكز على ثقافة بعينها، كان المراد منها تعزيز واحترام كرامة الإنسان في محيط الدولة الوطنية الجديدة، فهل وصلنا بعد هذه المسيرة الشاقة الى الأمل المنشود؟

back to top