لصّ القصور والمشاهير صنعته الصحافة وخلّده نجيب محفوظ
الجريمة خلقها البشر. وجدت مذ خلق الله آدم أبو البشر جميعا. هي سلوك عدواني يلحق ضررا بالفرد والمجتمع. لم تنجح أي وسيلة في أي زمان أو مكان لمنع وقوع الجرائم. إنها جزء لايتجزأ من السلوك الإنساني وأحد مكونات الحياة في أي مجتمع، أياً تكن ثقافته أو مستواه الحضاري.
رغم التقدم التقني الذي شهده العالم في مجال اكتشاف الجرائم ومكافحتها فإن المجرمين يقومون في خط مواز بتطوير أساليب جرائمهم في محاولة لتضليل السلطات عن مطاردتهم وإنزال العقاب بهم.بخلاف ما يسمى «المجرم بالصدفة» الذى يرتكب نوعا من الجرائم من دون إعداد أو تخطيط مسبق، ثمة المجرمون العتاة الذين يتميزون بتركيبة إجرامية ذات سمات خاصة وتفشل كل الطرق فى إصلاحهم وتهذيبهم كما تفشل كل أنواع العقاب، مهما بلغت قسوتها، في ردعهم.عالم الجريمة مثير لما ينطوي عليه من رعب وتشويق. وإن كان عالماً صغيراً، إلا أنه يعكس الحياة البشرية بأكملها إذ يمثل حالة الصراع الدائم بين الخير والشر، بين العدل والظلم، بين القوة والضعف، بين الفضيلة والرزيلة.نقدم هذا العالم الغريب في حلقات متتالية، من مصر بلد التاريخ والحضارات المختلفة، بلد الجوامع والكنائس، بلد الهرم والنيل، لكن أيضا بلد «الخط» وريا وسكينة والتوربيني. محمود سليمان بطل «اللص والكلاب» (1 من 3)رغم الشهرة الواسعة التي حظي بها محمود سليمان فهو لا يستحق لقب «سفّاح» إذ لم يكن شخصية دموية تسعى إلى القتل وسفك الدماء. لم يوجه مسدّسه إلى رؤوس ضحاياه، إنما كان يطلق رصاصاته على الأرجل والسيقان للهرب لدى مواجهته مأزقاً. أما القتيل الوحيد الذي سقط نتيجة رصاص مسدسه فكان بواب عمارة أمسك به وفي محاولة للتخلّص منه أطلق رصاص مسدسه على ساقيه فاستقرت إحداها في بطنه ومات متأثرا بها .شهرة هذا اللص صنعتها الصحافة ودخلت الصحف المصرية آنذاك في سباق حول تغطية أخباره. هي التي أطلقت عليه لقب «السفّاح» رغم أنه كان لصا متخصصاً في سرقة الفيللات والقصور والسطو على الأثرياء والمشاهير وأصحاب الملايين ومقتني التحف الثمينة والمجوهرات النادرة ايضاً الذين يحتفظون في بيوتهم بألوف الجنيهات زمن كان الجنيه المصري يساوي جنيهاً ذهبياً.كان يخطط آنذاك لجريمته. كيفية الدخول والخروج. يترقّب المفاجآت. لذا نجح في سرقة فيللات كل من أم كلثوم وأمير الشعراء أحمد شوقي ورئيس وزراء مصر السابق مصطفى النحاس باشا والمليونير سباهي والمليونير بولفارا والدكتور حندوسة وعبد الخالق حسونة أمين عام جامعة الدول العربية السابق وعبد القادر عيد مدير مكتب المشير عبدالحكيم عامر وآخرين من مشاهير مصر وكبارها في ذاك الزمن.كان لصا ذا ذكاء خارق وجسد رياضي رشيق يساعده على القفز فوق الأسوار العالية وتسلق المواسير والجدران. لم يستخدم العنف ولم يحمل مطواة بل أن أدواته كلها عبارة عن بطّارية وعدد من المفكّات. لم يكن له شركاء ، لذا ظل سره محجوباً مدة طويلة وراء شخصيات كثيرة. في النهار هو من كبار الوجهاء والأثرياء ورجل أعمال صاحب مصانع وورش للموبيليا وصاحب أعمال مختلفة. لكن الشخصية التي حرص على الاحتفاظ بها أنه مدير دار طباعة ونشر ودعاية. كان لهذه الدار مقر أنيق بأفخر الأثاث كما وظّف سكرتيرة ومدير مكتب ومستشاراً قانونياً فيها.كان يعتني بمظهره جيدا. يقتني أفخر الشقق. ينزل في فنادق الدرجة الأولى وينادى «محمود بيه» وأحيانا «البرنس» لكنه ظل لغزا محيراً. لا أحد يعرف بالضبط من يكون. هل هو صعيدي من أبو طشت؟ أم من لبنان ؟ كان صعيديّ اللهجة والملامح يتقن اللهجة اللبنانية أيضا. يتمتع بقدر من الثقافة وملمّ بالانكليزية. الغريب أنه كان حارسا لاثنين من رؤساء حكومة لبنان. سرق رئيس الجمهورية اللبنانية الراحل كميل شمعون وارتكب الكثير من جرائم السرقات في لبنان قبل أن يعرف في مصر.شهرة محمود سليمان وليدة الحوادث المثيرة التي ارتكبها فهناك من السفاحين من بالغ أكثر منه حتى امتلأت سجلات الأمن العام بقصصهم وليس اللص الوحيد الذي استوحى منه الكاتب الكبير نجيب محفوظ رائعته «اللص والكلاب». ولد محمود أمين سليمان في طرابلس لبنان عام 1928 حيث أقام حتى 1956. عاش طفولته وصباه وشطراً من شبابه فيها. هناك تعلّم السرقة منخرطاً في العصابات. أدمن الأفيون والحشيش فاستهوته روح المغامرة والترحال. تنقل بين بيروت ودمشق وفلسطين والاسكندرية. لكن إقامته الدائمة كانت في لبنان حيث كان أبوه عاملا بسيطاً تقلب في عدة مهن وانتهى به الأمر سائق حنطور. لم يكمل محمود دراسته فانضم الى الميليشيات اللبنانية. وعمل في حراسة اثنين من رؤساء الحكومة اللبنانية هما: عبد الله اليافي ورشيد كرامي ثم ترك الحراسة ممتهناً أعمال السرقة والسطو على قصور الأغنياء.عام 1952 عاد ابوه والأسرة إلى مصر من دون محمود الذي كان يمضي عقوبة بالسجن لأربع سنوات لسطوه على قصر الرئيس اللبناني السابق كميل شمعون. مع انتهاء مدة العقوبة عاد إلى مصر مطروداً من لبنان عام 1956.استقر محمود في الاسكندرية، ليعاود سريعاً ممارسة هوايته في سرقة القصور والفيللات ليس فى الاسكندرية فحسب بل في القاهرة أيضا. وكان يبيع محصول سرقاته من التحف والمجوهرات الى التجار الذين لا تعنيهم مصادر هذه الأشياء ليحقّق ذلك ثروة كبيرة فافتتح معرضا للموبيليا ثم داراً للنشر والدعاية. تزوّج من ثلاث: كل منهنّ فوجئت بسابقتها. اثنتان لم تحتملا الحياة معه رغم ما يوفره لهما من رغد العيش فطلبتا الطلاق وبقيت الثالثة (نقطة ضعفه ومحور جنونه وشكوكه).القضية الأولى التي وقع فيها «لص القصور» كانت نتيجة السطو على قصر المليونير سباهي، رغم دخوله القصر وهو آهل بالسكان والخدم إلا أنه استطاع الهرب. قبض عليه وهو خارج القصر. قضت محكمة الجنايات بسجنه عامين. حين وزعت صورته على الأقسام ظهرت له عشرات القضايا، لكنه لم يستمر طويلاً في السجن، إذ تمكن من الفرار مترّدداً على المحامين حتى انتهى به الحال أخيرا لدى محام في الاسكندرية وكّله ليتولى قضاياه فحصل له على أحكام بالبراءة. توثقت العلاقة بينهما، ليصبحا صديقين يتبادلان الزيارات العائلية. وانضم إليهما مهندس كيميائي كان صديقا للمحامي. أصبح الثلاثة مقرّبين بشكل غير عادي: لص، محام ومهندس يسهرون معا. يتولى اللص الانفاق على سهراتهم ويمارس نشاطه في السرقة بلا أي عائق.فجأة ... القي القبض عليه ليُسأل في عدد من القضايا ضد مجهول. أدرك أن ثمة من أبلغ عنه خاصة أن التهم الجديدة التي سئل فيها لم يكن أحد يعلم شيئاً عنها. بدأت الشكوك تساوره. من بلّغ بالأمر؟ من يهمه الإيقاع به؟ انحصرت شكوكه في ثلاث: زوجته، محاميه والمهندس الكيميائي. أوصله شيطانه إلى زوجته ومحاميه من خلال ما سمعه وهو في السجن عن زيارات زوجته الكثيرة لمحاميه. انتهى ظنه إلى أن ثمة علاقة ما بين المحامي والزوجة، ثم تمادى في شكه في المهندس أيضا. الثلاثة إذن تآمروا عليه حتى يخلو لهم الجو. وقع ضحية نيران الشك. الى ذلك هو متعلق بزوجته ولا يستطيع الابتعاد عنها رغم كل ما فعلته لذا فكر في الانتقام من الثلاثة معاً.طلب محمود إعادة التحقيق معه من جديد وفي أقواله اعترف بأنه سرق كمية من المجوهرات وأخفاها عند محاميه وصديقه المهندس وشقيق زوجته. كشف للمحقق عناوين الثلاثة بالتفصيل ففتشت بيوتهم لكن رجال المباحث لم يعثروا على شيء. تم التحقيق معهم لكن لم يثبت عليهم شيء فحفظ التحقيق. دخل محمود السجن، وتصور الجميع انتهاء أمره وأنه سيمضي عشرات السنين في السجن عقاباً على عشرات القضايا المتهم بها. لم يرد في خلد أحد أنه يفكر في الهرب متبعاً طريقة على نحو فائق الغرابة. سقط فجأة أرضاً أمام حراس السجن وهو يصرخ «أريد أن أموت، ابتلعت كمية من الدبابيس» وبدا واضحاً سوء حالته، فنقلته إدارة السجن الى مستشفى قصر العيني، حيث أسعف. بعد ثلاثة أيام أمضاها في المستشفى غافل حراسه وتمكن من الهرب.في اليوم التالى لهربه ركب القطار من القاهرة الى الاسكندرية. كان يرتدي بدلة ضابط ويحمل مسدسا حكومياً. قصد الاسكندرية باحثاً عن زوجته ومحاميه والمهندس.كانت زوجته قرأت عن هربه في الصحف، فأخذت طفليها تاركة البيت قاصدة أحد أقاربها في منطقة محرم بك. وصل إليها، ودخل المنزل، حيث تختبئ، من نافذة المطبخ. فوجئت به أمامها فشرعت تصرخ إلا أنه كمّ فمها. لم يشأ أن يخنقها بل تركها محتضناً طفليه، طالباً منها أن تخرج معه لكنها رفضت. شعر قريبها، صاحب المنزل، به فهرول يبلّغ قسم الشرطة، هرع رجال المباحث لكنهم لم يجدوه. فتوقعوا عودته بعد يوم أو اثنين فأعدّوا له كمينا قرب البيت وانتظروه أياماً لكنه لم يحضر. في اليوم التالي لنهاية الكمين عاد محمود إلى المنزل نفسه. طرق الباب باحثاً عن زوجته فلم يجدها. حاول صاحب البيت الإمساك به فأطلق الرصاص عليه وهرب. كانت هذه المرة الأولى التي يطلق فيها الرصاص على أحد لكن الرجل لم يمت لأن الرصاص أصاب رجليه فحسب.وبدأت الصحف تكثر الحديث عنه، ولقب مذذاك «السفاح» ، أما هو فواصل رحلة البحث عن محاميه وصديقه المهندس .بعد أيام من إطلاقه الرصاص على صاحب البيت حيث كانت زوجته تختبىء صدر حكم غيابي ضده بالسجن ستّ سنوات بتهمة السطو على فيللا أمير الشعراء أحمد شوقي. يوم صدور الحكم، في الخامس من رمضان، كان صديقه المهندس الكيميائي يجلس وحده في شقته في كرموز يتناول طعام الإفطار. سمع طرقات على الباب فترك طعامه وقام ليفتح الباب فإذا بصديقه اللص المحترف الذي طالما سهر معه وكان يناديه «محمود بيه».شلت المفاجأة المهندس فلم ينطق بكلمة واحدة. جلس اللص إلى المائدة وتناول بعض الأطعمة بينما صديقه المهندس ينظر إليه مرتعباً. حين أنهى طعامه سحب المسدس وصوبه نحو صديقه قائلاً له : «لن أقتلك، لكني سأجعلك لا تصلح للنساء». ثم أطلق رصاصتين بين فخذيه على جهازه التناسلي وهرب أما المهندس فاستغاث بالجيران ونقل الى المستشفى في حالة سيئة لكنه لم يمت.في جانب آخر كان صديقه المحامي يعيش أيضاً حالة رعب إذ يتقصّى أخباره. علم ببلوغه مخبأ زوجته، ثم صديقه المهندس، مستخدماً مسدسه في الحالتين. بالتأكيد سيصل إليه. هو صديقه وكان مقرباً منه ويعرف أساليب خداعه ومراوغاته، لذا قرر الهرب من الاسكندرية. انتقل للإقامة في القاهرة لدى صديق له في حي المنيل لكن المحامي لم يدرك أن السفاح علم بهربه من الاسكندرية بعد خروجه منها بساعات فتعقّبه الى القاهرة مقتفياً أثره.جريمة القتل الوحيدةفي القاهرة ظل اللص يبحث عن صديقه المحامي في كل الأماكن المتوقع وجوده فيها فلم يجده. هداه تفكيره إلى صديقه المحامي في المنيل لأنّه صديقه أيضا وكان يشارك محامي الاسكندرية في الدفاع عنه. ارتدى بدلة ضابط وحين السحور كان يدور حول منزل محامي المنيل، ثم محاولة الدخول من الشباك، لكنه لم يتمكن من فتحه. شعر به المحامي فأوعز إلى البواب بأن يمسك به ولا يتركه لأنه ليس ضابطا بل هو السفاح الذي تبحث عنه الداخلية كلها. حين طارده البواب وأمسك به أخرج السفاح مسدسه وأطلق رصاصاته على رجليه فاستقرت إحداها في بطنه ونقل الى المستشفى حيث فارق الحياة. هذه هي جريمة القتل الوحيدة التي ارتكبها السفاح.عرف محامي الاسكندرية بما حصل فتملكه الرعب. قصد القاهرة هرباً من السفاح لكن الأخير تعقبه واكتشف مكانه فقتل شخصا في سبيل الوصول له. اتصل ببوليس القاهرة وطلب اليهم توفير الحراسة له حتى يصل الى الاسكندرية ليكون في مأمن بين أهله وأولاده وهذا ما حصل، تحت الحراسة المشددة. في اليوم التالي لعودته اتصل بوكيل مكتبه ليعرف منه أخبار المكتب. قال له الوكيل إن السفاح اتصل به منذ دقائق طالباً منه أن يبلغ الأستاذ أنه لن يتركه، وأنه على علم بعودته الى الاسكندرية، وهو خلفه للإنتقام منه. لازمه الهلع والخوف ليس وحده، بل زوجته أيضا التي باتت تعيش أيامها فى رعب متواصل لا يغمض لها جفن. وطلب الاثنان من بوليس الاسكندرية توفير حراسة خاصة لهما فقام رجال المباحث بتوفير الحراسة الدائمة لهما على مدى 24 ساعة.رصاص في المنزل القديمرغم هذا حدث ما لم يكن في الحسبان. وقعت مفاجأة من العيار الثقيل. فترة السحور، حين كانت الزوجة تجهز الطعام بين أهلها وأقاربها الذين يعيشون معها والطعام فوق المائدة القريبة من باب الشقة، إذا بصوت طرقات خفيفة على باب الشقة. قام الحارس المقيم بفتح الباب وما ان فتحه حتى فوجيء بالسفاح يصوب إليه مسدسه على طريقة الأفلام البوليسية، وحدث ذلك في أقل من دقيقة. انبطح الحارس أرضا كذلك الزوجة. واختبأ الجميع تحت المائدة. أطلق السفاح ست رصاصات أصابت الزوجة وطفلة (ابنة شقيقها) نقلت الإثنتان إلى المستشفى. في التحقيق قالت الزوجة إن محمود كان يحمل مسدسين وقال الجيران إنهم شاهدوا شبحا يقفز فوق أسطح البيوت ودخل في شارع جانبي.كانت هذه الواقعة كافية لتؤكد للجميع قدرات السفاح الخارقة، لذا أصبح منذ ذاك التاريخ حديث الصحف في مصر وخارجها. شغل الناس بأخباره فكان ما ينشر عنه يتسبب بحرج لرجال المباحث، فطلبت الداخلية من المواطنين مساعدتها في القبض عليه ورصدت مكافأة ألف جنيه لمن يساعد في ذلك. كان هذا المبلغ آنذاك ضخماً جداً فانهالت البلاغات متوالية عن ظهور السفاح في أماكن مختلفة بأشكال متعددة لإجادته فن التنكر.بعد ثلاثة أيام ظن الناس أنه سيأخذ أجازة طويلة كي تنام العيون التي تترصده. لكنه في اليوم الرابع اقتحم قصر المليونير بولفارا (صاحب مصانع بولفارا لنسج الحرير في محرم بك في الاسكندرية). تمكن من التسلل الى القصر. شعر به أحد الخدم، فدار بينهما اشتباك انتهى بإطلاقه الرصاص على ساقه ثم فر هارباً.في الليلة التالية استقل السفاح سيارة أجرة، حتى قلب منطقة محرم بك وطلب من السائق التوقف. بعد هبوطه منها أخرج صحيفة من جيبه وأطلع السائق على صورته وسأله: «هل تعرف صاحب هذه الصورة»؟ ارتبك السائق. قال له: «إنه أنا السفاح الذى تبحث عنه مباحث مصر كلها». ثم أعطاه مظروفاً مغلقاً طالباً إيصاله يداً بيد للعقيد البشبيشي، مفتش مباحث الاسكندرية.وصلت رسالة السفاح الى مفتش المباحث فنشرتها الصحف. كان يؤكد فيها أنه لن يكف عن مطاردة زوجته والمحامي حتى يقتلهما لأنه يثأر لشرفه. كانت «حكاية الشرف» هذه مجرد كذبة من أكاذيبه للتغطية على جرائمه ومحاولة كسب تعاطف الناس معه إذ تزوج بثلاث نساء وكانت تربطه علاقات مشينة بعدد من راقصات ومطربات الكباريهات في القاهرة والاسكندرية.السفاح تحت الحصاركانت المطاردات بين الأمن والسفاح تشكل نوعا من التحدي لكلا الطرفين. كان السفاح يخترع كل يوم أساليب جديدة وغير مسبوقة في التخفي والهرب من البوليس. كانت قصص المطاردات هذه تفوق خيال مخرجي السينما، المثيرة منها ما جرى في حي الروضة حين استقل السفاح سيارة تاكسي من شارع محمد علي وطلب من سائقها التوجه إلى الكورنيش في اتجاه المعادي. فتح حواراً مع السائق. قال له إنه يعمل في الكويت منذ خمس سنوات وعانى كثيرا الغربة لكنه يريد تأمين مستقبل أطفاله وهو منذ شهر في إجازة وآخر يوم له فيها الليلة. يريد الطواف في شوارع القاهرة. وظل السائق يطوف به شوارع كثيرة حتى استقر في شارع في منطقة المنيل. كانت الساعة تجاوزت الثانية صباحاً فطلب من السائق انتظاره ريثما يعود إليه بحقيبة سفره. لكنه كان ذاهبا لسرقة شقة سيدة تعيش وحيدة.أثناء انتظار سائق التاكسي له اقترب منه مخبران من المكلفين في العمل في المنطقة. سألاه عن سبب وقوفه. قال انه ينتظر (زبونا) سيعود بحقيبة سفره ثم يتجه به إلى المطار. تحرك المخبران، لكن قبل أن يبتعدا ظهر السفاح وفي يده لفافة صغيرة. كان متجهاً نحو التاكسي. اشتبه فيه المخبران، فطلبا منه أن يتوقف، لكنه...(يتبع)