الحال والحل: نساء الكويت بين النضال والبناء

نشر في 03-06-2007
آخر تحديث 03-06-2007 | 00:09
 نادية علي الشراح نحن جزء من كيان الدولة، ونحمل كل خواص سكانها، نتعايش بصعوبة مع انقساماتها السياسية الطائفية والقبلية والفئوية، ونعاني كل الأمراض التي ورثناها من نظام الـ25 دائرة، ولكن يجمعنا، رغم الانقسام، فشلنا في إيصال امرأة كفؤ واحدة في الانتخابات التشريعية الأخيرة إلى سدة اتخاذ القرار.

يذكر التاريخ أن الثورة تأكل أبناءها، هكذا قيل عن تجربة الثورة الفرنسية، والأمثلة كثيرة، ولعل المبرر أن القائمين على معظم الثورات والحركات الضاغطة لتغيير أنظمة وقوانين غير عادلة في العالم بدأوا بنوايا طيبة وبمجموعات بشرية متكاتفة ولأغراض ومبررات إنسانية وعقلانية، ووصلوا إلى مبتغاهم أو هدفهم، ولكن ماذا بعد نجاح الثورة ؟ أليس من المفروض أن يكون مشروع الدولة معدا ومكتملا؟

لقد تم تغييب نساء الكويت لأكثر من 40 عاما من عمر الدستور لمبررات وحجج بعضها شرعي وآخر اجتماعي، ولكنهما كانا مجرد غطاء سياسي في معظم الأحوال، مما استدعى حشد النساء المؤمنات بالقضية لقواهم في مشروع ثورة على تلك القيم والمبررات المتخلفة، سارت متزنة وسلمية على نمط المهاتما غاندي، وتكللت بالنجاح -ولو متأخرا- وكانت أولى ثمراتها إجراء أول انتخابات نيابية بمشاركة نساء الكويت، ترشحا، وانتخابا.

ومنذ اليوم الأول لذلك الحدث الكبير، وحتى مضي حول كامل عليه، ما يزال التساؤل يلازمني: هل كان الحماس في مشاركة نساء الكويت في الحياة البرلمانية وبنسبة 59.5 % تعبيرا عن الغضب، نتيجة لإقصائهن سنوات تعادل أكثر من عمر جيل كامل من البشر أم تنفيذا لدوافع استكمال النضال أم تحديا متزامنا مع الظروف السياسية التي سبقت الانتخابات أم انها ارتأت أن الآوان قد آن للتحول من الغضب والنضال إلى الاستمتاع بنشوة الكرامة الإنسانية وبأهمية المشاركة الإيجابية؟

لقد تحقق الحلم المشروع والعزيز، وأنجزت أهداف الثورة ولا مجال للاستمرار بالغضب، فقد آن الأوان للتحول من الغضب العاطفي، إلى تعزيز تمكين مشاركتنا في جميع المجالات، وفي كل اتجاه، من دون قيود أو مبررات سياسية واجتماعية، ولا حتى شرعية.

نحن جزء من كيان الدولة، ونحمل كل خواص سكانها، ونتعايش بصعوبة مع انقساماتها السياسية الطائفية والقبلية والفئوية، ونعاني كل الأمراض التي ورثناها من نظام الـ25 دائرة، ولكن يجمعنا رغم الانقسام، فشلنا في إيصال امرأة كفؤ واحدة في الانتخابات التشريعية الأخيرة إلى سدة اتخاذ القرار، ونحن نصف المجتمع، وغيابنا أوتغييبنا حتى الآن عن التمثيل في جميع مجالس إدارات المؤسسات المالية والاقتصادية من دون استثناء ونحن 41.7 % من إجمالي قوة العمل، وهذا هم ثان، وقبولنا الرشوة للتقاعد المبكر لملازمة البيوت تحت مبررات تنتهك كرامتنا وإنسانيتنا ممن يدّعون الدفاع عن المبادئ الإنسانية وهو هم ثالث.

ولا بد من البدء في رسم مشروع الدولة، ولعل من الأجدى أن نبدأ بتحديد ملامح ذلك المشروع، وتحديد أهدافه الرئيسية، بالاتفاق على الدعوة إلى لقاء مشترك بين الناشطات منهن للتخطيط لإشراك نساء في أي قائمة تنوي خوض الانتخابات النيابية القادمة، إذ يبقى لنا هدف -رغم كل اختلافاتنا- في أن تلتزم القوائم والتكتلات السياسية التي سوف تخوض الانتخابات البرلمانية على نظام الـ5 دوائر، بإشراك نساء في قوائمها، والاتفاق على عمل مشترك ضد كل من يستثني النساء من قوائمه.

إنه هدف تحويل الثورة التي حققت حلم الاعتراف بمشاركة النساء في سلطة اتخاذ القرار وترجمة هذا الحلم إلى واقع يحتم أن يترجم إلى تمثيلها في أهم مؤسساته، أو البرلمان، حينها فقط يقرن القول بالعمل، ويتوقف إقصاء نساء الكويت عن مشروع بناء الدولة.

back to top