حدس والشعبي... الطلاق البائن!

نشر في 04-08-2007
آخر تحديث 04-08-2007 | 00:00
لا بدّ من التسليم بأن القواعد الشعبية للتكتل الشعبي آخذة في الاتساع والتمدد، استجابة لما يطرحه نوابه من قضايا تلامس متطلبات الشارع بشكل أو بآخر، إضافة إلى ما يملكه رموز التكتل من كاريزما لها تأثير كبير في نفوس الناخبين.
 سعد العجمي التصريح الناري الذي أطلقه النائب محمد الخليفة، تجاه قرار الوزير محمد العليم إلغاء جزء من خطة طوارئ الكهرباء 2008، بوصفه القرار بـ «الفيلم الهندي»، تصريح يختزل حالة خصام وعداء بين «الشعبي» و«حدس» وشهر عسل ولّى إلى غير رجعه بين الجانبين، على ما يبدو.

كلنا نتذكر فترة حل المجلس الماضي، التي شهدت تقارباً لافتاً بين الكتلتين، بدءاً بتطابق وجهات النظر حول مشروع تقليص الدوائر، ومروراً بتقديم الدعم خلال الندوات الانتخابية عبر الحضور المتبادل، وانتهاءً بمقايضة الأصوات في انتخابات رئيس المجلس ونائبه.

ولأنها السياسة التي لا صديق ولا عدو دائمين فيها، فإن تحولاً جذرياً طرأ على علاقة وتعاطي الكتلتين بعضهما مع بعض، وصلت أخيراً إلى مرحلة «كسر العظم»، كان الوزير السابق اسماعيل الشطي وقودها، وحماية المال العام عنوانها.

على كل، لسنا معنيين هنا بشرح أسباب الخلاف التي لا أعتقد أنها خافية على أحد، ما يعنينا هو تأثير ذلك على مستقبل المشهد السياسي بشكل عام، عند إجراء الانتخابات وفق الدوائر الخمس، التي تشير التسريبات الصحفية إلى أنها قد تتم قبل العام 2010، على اعتبار أن الانتخابات المقبلة ستكون بمنزلة المنازلة السياسية المفتوحة بين الكتلتين.

بداية، لا بد من التسليم بأن القواعد الشعبية للتكتل الشعبي آخذة في الاتساع والتمدد، استجابة لما يطرحه نوابه من قضايا تلامس متطلبات الشارع بشكل أو بآخر، إضافة إلى ما يملكه رموز التكتل من كاريزما لها تأثير كبير في نفوس الناخبين، وهي حقيقة لا ينكرها عاقل، كما أن الحملات التي تمارسها بعض الصحف والأقلام تجاه تلك الشخصيات البارزه في التكتل قد جاءت بمردود إيجابي لتلك الشخصيات من منطلق «إذا أتتك مذمتي من... ».

على العكس من ذلك، كان موقف الحركة الدستورية من القضايا التي تمس رغبات الشارع، أو النسبة الأكبر منه، كتصويتهم بالإجماع ضد إسقاط القروض، إضافة إلى افتقاد «الحدسيين» شخصية براغماتية تقود تحركاتهم داخل المجلس، ما أفقدهم الكثير من التركيز، وبدا واضحاً أنهم بحاجة إلى فترة زمنية طويلة لإيجاد شخصية مؤثرة بحجم مبارك الدويلة.

مشكلة الحركة الدستورية الأزلية و«الأخوان» بشكل عام، هي اعتقادهم بأنهم يستطيعون أن يقودوا الشارع، دائماً وأبداً، في أي قضية، وتحت أي ظرف، وهذا التصلب والقصور في الفهم السياسي، أضرا الحركة وأفقداها الكثير من مصداقيتها.

ووفق موازين القوى في الانتخابات المقبلة، فإن الكفة ترجح لمصلحة «الشعبي»، الممثَّل بالبدو والحضر والسنّة والشيعة، وكأنه «كويت مصغرة»، عكس «حدس» التي تقوم على أسس إيديولوجية تجعل من إمكان تمددها محدودة، أي إن قواعدها شبه ثابتة قد تنقص، لكنها بالضروره قد لا تزيد.

لذا وبالنظر إلى هذه المعطيات، وتحسباً لانتخابات مفاجئة، فإنني اعتقد أن تحالفات ستقودها بعض الأطراف والأقطاب في مؤسسة الحكم، ستتبلور خلال الفترة القليلة القادمة، ولعل العارفين ببواطن الأمور قد تلمسوا بعضاً من تحركات تمت أخيرا في هذا الاتجاه، وكانت «حدس» غير بعيدة عنها، وذلك لمواجهة «المد الشعبي» المتوقع في الانتخابات المقبلة التي ستكون بمنزلة «الطلاق البائن» بين الكتلتين، وربما أيضا بين مراكز قوى أخرى عُرفت بأنها تتعامل مع الواقع السياسي بنظرية (إللي تكسبه إلعبه)، بعيداً عن لغة المبادئ والقناعات.

back to top