البنك الدولي يحذر من زيادة الرواتب والحكومة مصرّة على إقرارها
نواب: إذا لم تكن مجزية فستدفع المجلس إلى إصدارها بقانون
بينما ينتظر جميع المواطنين الموظفين في القطاع الحكومي بفارغ الصبر انفراج قضية زيادة الرواتب التي يناقشها البنك الدولي مع الحكومة ممثلة في ديوان الخدمة المدنية، تجدَّد الخلاف بين الحكومة والبنك الدولي بشأن زيادة الرواتب امس، بعد تحذير البنك الدولي من الزيادة واصداره توصية بضرورة تخفيضها او إبقائها على الوضع الحالي من دون زيادة، لعدم إثقال كاهل الباب الأول الخاص بالاجور والرواتب، مؤكداً ان اي زيادة على الرواتب ستزيد العجز الكبير الذي يعانيه هذا الباب.
لكن مصادر حكومية حضرت اجتماع البنك الدولي مع ممثلي الخدمة المدنية والمالية أكدت لـ«الجريدة» ان الحكومة رفضت طلب البنك الدولي تخفيض الرواتب، واصرت على زيادتها، لأنها رغبة اميرية سامية «وهذا الامر وضع البنك الدولي في حرج، نظرا إلى تأكيده المستمر أن زيادة الرواتب ستضع الباب الأول في مأزق كبير وستعرِّض الميزانية الى ازمة مالية لا تحمد عقباها إذا ما هبطت أسعار النفط». وأوضحت المصادر ان البنك الدولي انتقد سياسة الحكومة التي تستمر في الالتزام بتوظيف الكويتيين في القطاع الحكومي، مما يزيد الاعباء على الباب الاول للميزانية، اذ كرر البنك الدولي تحذيره للكويتيين من هذا الامر، وطالب بضرورة ان تبادر الحكومة بتوجيه الكوادر الوطنية إلى العمل في القطاع الخاص. واضافت ان البنك الدولي بيّن ان الموظفين الكويتيين ليسوا في حاجة إلى زيادة رواتبهم «نظرا إلى انها الاعلى عالميا، مقارنة بمستويات الدخل، مشيرا الى أن حل علاج مشكلة التضخم الكبير الحاصل في ميزانية الباب الاول هو اقرار قانون الخصخصة، مؤكدا ان استمرار العمل بالسياسة الحالية لتشغيل الكويتيين في الحكومة لن يغير من الحال شيئاً، انما سيزيد المعضلة الحاصلة في الميزانية، لافتاً إلى أن نصف الميزانية العامة للدولة يذهب إلى الرواتب والاجور «وأن هذا الأمر لم يحدث في أي دولة في العالم». وفي السياق، كشفت المصادر أن اجتماع مسؤولي البنك الدولي مع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، الذي كان من المقرر أن يعقد اليوم أرجئ الى يوم الأحد المقبل، مشيرة إلى أن تقرير الاجتماع سيُرفع إلى مجلس الوزراء في اليوم التالي مباشرة، تمهيدا لعرضه على القيادة العليا. وفي السياق نفسه، تفاعل النواب في مجلس الأمة أمس مع ما انفردت «الجريدة» بنشره أمس بشأن تمسك البنك الدولي بعدم زيادة الرواتب، وقوبل بتصريحات نيابية معترضة على «تدخل جهات خارجية في قضية داخلية يفترض ان تديرها الحكومة»، محذرين من ان عدم اقرار زيادة مقبولة للرواتب سيدفع المجلس الى اصدارها بقانون، لاسيما في ظل الارتفاع الحاد والمتزايد للاسعار الذي حققت اللجنة المالية البرلمانية في ما ادى إليه في اجتماعها امس. وأكد النائب حسين مزيد لـ«الجريدة» ان زيادة الرواتب قرار مجلس الوزراء، و«يجب ألا تشترك جهات اخرى في اصداره، وعلى الحكومة ان تمارس دورها وتقر زيادة مقبولة للمواطنين، وإلا فسنضطر الى اقرار زيادة الرواتب بقانون». وأضاف ان المجلس متعاون مع الحكومة، لكن يجب ان نحسِّن الظروف المعيشية للمواطنين في ظل فوائض الموازنة وارتفاع اسعار النفط، خصوصا ان هناك زيادة ملحوظة في الاسعار. وبدوره انتقد النائب جمعان الحربش استعانة الحكومة بالبنك الدولي لتقديم دراسة عن زيادة الرواتب، مؤكدا انه لا يثق في البنك، ولا في دراسته ولا اجراءاته. وقال «ان من لديه نية جادة لزيادة الرواتب لا يُدخل جهات خارجية في الموضوع»، مضيفا ان الزيادة قضية داخلية تديرها الحكومة، بالمقارنة بين غلاء المعيشة ومستوى الدخل، وعلى ضوئها يتم اقرار الزيادة المناسبة. اما النائب احمد باقر فدعا الى عدم الاستعجال في الحكم على دراسة البنك الدولي قبل الانتهاء منها وتقديمها الى الحكومة، وقال «من المهم ان ننتظر دراسة البنك، ونسمع رأي الحكومة ومن ثَمَّ يكون لنا رأي». وعلى صعيد اجتماع اللجنة المالية البرلمانية المخصص امس للتحقيق في اسباب ارتفاع الاسعار وتحديد المسؤولية في الغلاء، لاحظت اللجنة قصورا في الاجراءات الحكومية تجاه ضبط الاسعار، وقررت دعوة وزيري التجارة والشؤون الاجتماعية والعمل الى اجتماعها المقبل في 4 فبراير. وقال رئيس اللجنة النائب احمد باقر ان الاجراءات الرقابية ليست كافية، ولابد من تفعليها كي ينعكس ذلك على الاسعار، مضيفاً أن وزارة الشؤون أطلعت اللجنة على نتائج دراسة قامت بها شملت نحو 7 آلاف صنف، تبين منها ان الأسعار في الاسواق الموازية أقل منها في الجمعيات، كاشفاً قيام وزارة الشؤون بتجميد لجنة الاسعار في اتحاد الجمعيات التعاونية، مشيرا الى ان الوزارة أطلعت اللجنة على تقرير مهم يتضمن مبررات ايقاف عمل اللجنة. وكشفت مصادر مطلعة أن وزارة المالية تسعى إلى تطوير السياسة المالية من خلال ترشيد الإنفاق الحكومي، وتخفيض المصروفات العامة وحد الإسراف في استخدام الخدمات الحكومية. إلى ذلك، حصلت «الجريدة» على رسالة بعث بها وزير المالية مصطفى الشمالي إلى مجلس الأمة حملت إجابات عن بعض الأسئلة والملاحظات الموجهة من اللجنة المالية تتعلق بظاهرة ارتفاع الأسعار؛ إذ كشف الشمالي من خلالها أن الحكومة تهدف إلى تعديل المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1995 الذي يحظر زيادة الرسوم والتكاليف الواجبة مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات العامة التي تقدمها الدولة إلا بقانون، بحيث تصبح الزيادة من دون حاجة إلى قوانين جديدة، مضيفاً أن الحكومة تسعى كذلك إلى إعادة تسعير الكهرباء والماء حسب شرائح ومستويات الاستهلاك. معللا ذلك بأنه يأتي «للحد من الإسراف في الاستهلاك ومراعاة لعدم زيادة الأعباء على محدودي الدخل». وأشار الشمالي إلى أن الحكومة تسعى إلى ترشيد الدعم الحكومي غير المباشر لخدماتها، وإيصال هذا الدعم إلى مستحقيه، من خلال وضع نظام سعري كفء للسلع والخدمات العامة التي تقدمها الدولة بالشكل الذي يتناسب مع تكلفتها. وبيَّن الشمالي أن وزارة المالية تسعى حالياً إلى تطوير السياسة الضريبية للدولة لخلق نظم ضريبية متطورة وعادلة، موضحاً أن الجزء الأول في ذلك يتركز في تعديل بعض أحكام قانون ضريبة الأجنبي، وهو ما أنجزه مجلس الأمة أخيرا، بينما يتركز الجزء الثاني في تقديم مشروع الضريبة الشامل الذي أعدته وزارة المالية بالتعاون مع المؤسسة العالمية للتوثيق المالي (IBFD). ومن جانبه، اعلن النائب جمعان الحربش ان وزارة الشؤون قررت السماح للجمعيات التعاونية بالشراء المباشر للسلع التي تريدها من دون الالتزام بلجنة الأسعار في الاتحاد التي تم ايقافها، مشدداً على ضرورة تشكيل لجنة من وزارتي الشؤون والتجارة والجمعيات والاتحاد لإدارة عملية الحصول على أفضل الأسعار من التجار، وذلك بعد محاسبة المتسببين من التجار في هذه الزيادات. وكشف الحربش انه يتم التشاور لعقد جلسة خاصة بعد اقرار زيادة الرواتب لاستقراء ما فعلته الحكومة تجاه ضبط الاسعار، ومعرفة ما إذا كانت هذه الزيادات طبيعية أم مفتعلة.