أسئلة تطرحها آسيا على الرئيس الأميركي القادم

نشر في 20-03-2008
آخر تحديث 20-03-2008 | 00:00
 بروجيكت سنديكيت في واحدة من أطول الحملات الانتخابية الرئاسية في تاريخ الولايات المتحدة، لم يهتم أي من الحزبين بالتعامل مع واحدة من أشد قضايا اليوم حرجاً وخطراً: كيف تستطيع الولايات المتحدة أن ترعى اهتماماتها ومصالحها الداخلية في سوق عالمي تشتد فيه المنافسة يوماً بعد يوم؟

لقد بات من المستحيل، سواء في الداخل أو الخارج، أن يفوتنا عُرض وعمق التغير الذي يكتسح العالم الآن، خاصة في آسيا. فبينما بلغ اقتصاد الولايات المتحدة المراحل الأخيرة من التحول الجذري من التصنيع الثقيل إلى الصناعات القائمة على الخدمات، أصبح نجم الصين والهند في صعود سريع، وبات المسلمون في مختلف أنحاء آسيا يطالبون بالاضطلاع بدور أعظم في الشؤون العالمية.

ومع ذلك مازال مرشحو الرئاسة، هيلاري كلينتون وباراك أوباما من الحزب الديموقراطي وجون ماكين من الحزب الجمهوري، مستمرين في التعامل بحذر مع مثل هذه القضايا، بل لقد تحولت معالجة حملاتهم الانتخابية للسياسة الخارجية التي تنتهجها الولايات المتحدة إلى مناقشات لا تنتهي بشأن الحرب في العراق وأفغانستان، والحكمة من اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا (NAFTA).

مما لا شك فيه أن هذا أمر غير مقبول في نظر كل أميركي معني بسلامة ورخاء أبنائه وأحفاده في المستقبل. ويتعين على رئيس الولايات المتحدة القادم أن يطرح فهماً أكثر وضوحاً للكيفية التي يعتزم بها أن يعد الولايات المتحدة لعالم القرن الواحد والعشرين، حيث ترتبط القضايا المحلية بالتطورات العالمية، وحيث قد تؤدي التوجهات والميول العالمية إلى عواقب محلية، وحيث ستضطر السلطة الدولية التي تتمتع بها أميركا إلى مواجهة النفوذ الآسيوي الجديد.

بعد وضع كل ما سبق في الحسبان، ثمة أسئلة خمسة لابد أن تُطرح على المرشحين الرئاسيين الأميركيين:

1 - أصبح لشركات الإنشاء والتكنولوجيا الضخمة مثل «ميكروسوفت»، «آي بي إم»، «سيسكو سيستمز» مقار ضخمة في الهند بالفعل. إلا أننا الآن نرى الشركات الآسيوية وقد بدأت في الاستحواذ على أصول اقتصادية قيمة كانت ذات يوم مملوكة للولايات المتحدة، ومن بين الأمثلة على ذلك الاقتراح المقدم من مجموعة تاتا الهندية بالاستحواذ على «جاغوار» و«لاندروفر» من شركة فورد، فهل تنظر إلى الاستثمارات والحيازات الأجنبية في أميركا باعتبارها تطوراً إيجابياً أم خطراً محتملاً؟

2 - كانت أميركا ذات يوم تعين حدود التجارة الحرة بالنسبة للاقتصاد العالمي الجديد، إلا أن العديد من الأميركيين اليوم يستغلون ذريعة المطالبة بالتجارة النزيهة في فرض سياسات رجعية وميالة إلى الحماية، وبينما يقترح الديموقراطيون إعادة التفاوض على شروط اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا، تراقب الدول الآسيوية بمزيد من التخوف والترقب، خاصة كوريا الجنوبية التي تتساءل في حيرة ما إذا كانت الولايات المتحدة جادة بشأن الاستمرار في عقد اتفاقيات تجارية مماثلة مع واحدة من أقوى بلدان آسيا اقتصادياً وأقدم حلفاء أميركا في المنطقة، فهل أنت مع أم ضد عقد اتفاقيات تجارة حرة مع آسيا؟

3 - تسببت الحرب في العراق والحرب في أفغانستان، بصرف النظر عن المسوغات النسبية التي دعت إلى هذين الحربين، في الإضرار بموقف الولايات المتحدة في نظر تسعمئة مليون مسلم في آسيا، من باكستان إلى الفليبين، ولقد كشف استطلاع للآراء أجرته مؤسسة بيو الدولية في عام 2006، أن نسبة المؤيدين للولايات المتحدة في إندونيسيا، الدولة الإسلامية التي تضم أضخم تعداد للمسلمين في العالم، هبطت إلى ما دون الثلاثين في المئة، فكيف تعتزم في ضوء ما سبق أن تخطب ود المسلمين في آسيا، وكيف تحشد التأييد في الداخل لإقامة روابط أشد قوة مع المسلمين في مختلف أنحاء العالم؟

4 - شاركت جمعية آسيا أخيراً في تقديم دراسة تعليمية جديدة، أظهرت أن براعة الطلاب الأميركيين في عمر الخامسة عشرة على مستوى العلوم تأتي في المرتبة الخامسة والعشرين من بين ثلاثين دولة خضعت للدراسة، كما جاء ترتيب الطلاب الأميركيين متأخراً بصورة واضحة عن زملائهم في اليابان وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ، في نفس الوقت، تناضل كليات وجامعات الولايات المتحدة من أجل اجتذاب أفضل وألمع العقول من الخارج، بعد أن أصبح هؤلاء الطلاب وأساتذتهم عاجزين عن الحصول على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة بسبب القيود المفروضة، وبعد أن أصبح حتى من يحصلون منهم على التأشيرات اللازمة يتعرضون لمنغّصات هائلة ويتعطلون كثيراً قبل السماح لهم بالدخول. كما يشتكي كبار رجال الأعمال، مثل بِل غيتس صاحب شركة ميكروسوفت، من نقص العمالة الماهرة، ويدعون إلى التوسع في منح التأشيرات من ذلك النوع الذي يسمح للمحترفين بالعمل في الولايات المتحدة لفترات قصيرة. فكيف تخطط لمساعدة الطلاب الأميركيين في المنافسة على الصعيد العالمي، بينما تضمن توفير ظروف عادلة في الداخل للطلاب والعاملين الموهوبين من الأجانب؟

5 - تطالب الصين والهند بتنازلات من جانب الولايات المتحدة قبل حتى أن تفكرا في تقليص الانبعاثات الغازية الضارة الناجمة عن أنشطتهما الصناعية. فهل أنت على استعداد للتضحية ببعض النمو الاقتصادي في الداخل، أو هل أنت مستعد لتعريض علاقة الولايات المتحدة بالصين والهند للخطر في سبيل حماية البيئة؟

يتعين على رئيس الولايات المتحدة القادم أن يعمل على إعادة إشراك آسيا، ليس باعتبارها عاملاً مهماً في «الحرب ضد الإرهاب»، بل باعتبارها عنصراً محورياً في خريطة الطريق نحو مستقبل آمن ومضمون ومزدهر. ولابد وأن يبدأ رئيس الولايات المتحدة الآن في الإجابة عن هذه التساؤلات التي تطرحها آسيا.

فيشاكا ن. ديساي | Vishakha N. Desai

* رئيس جمعية آسيا 

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top