صور رموز المقاومة... والفداوية!

نشر في 22-08-2007
آخر تحديث 22-08-2007 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي

من قرأ في «الجريدة» ومدونة «بالكويتي الفصيح» تفاصيل ما تعرض له الزميل جاسم القامس في أمن الدولة يدرك أن المسألة تتعدى بكثير قضية كان يمكن حلها عن طريق الاستدعاء والتحقيق بالقوانين المتعارف عليها، فالرسالة كانت تخويف جميع المدونين وممارسي حرية التعبير من التحدث بصراحة عن أمور البلد.

تاريخ البشرية زاخر بكثير من الأحداث المهمة، فهناك مثلاً ثورات كثيرة قامت في مختلف بقاع الأرض وغيّرت مجرى العالم وتفاعلت معها الشعوب الحية لتستفيد من دروسها، ومن الطبيعي أن تبرز من تلك الثورات شخصيات استثنائية ألهمت الجماهير وصارت أمثلة يحتذي بها مختلف الأجناس والأعراق، فهناك مثلا الثائر تشي غيفارا الذي لاتزال صوره تعلق في بيوت العديد من الناس وتطبع على عشرات الآلاف من القمصان في العالم كله، وهناك أيضا المهاتما غاندي الذي كانت تجربته لتحرير الهند من الاستعمار البريطاني محل اهتمام وإعجاب الكثير من المثقفين من مختلف الدول.

والشعب الكويتي أثبت من خلال التجارب تفاعله مع الأحداث المحيطة به، فرأيناه يخرج في مظاهرات تأييداً لمصر رافعين فيها صور الزعيم العربي جمال عبدالناصر عند العدوان الثلاثي على مصر سنة 56، وعند الوحدة بين مصر وسورية سنة 58،

وكان الطلاب يخرجون من مدارسهم للمشاركة في تلك التظاهرات وتعرض بعضهم للضرب، كما علقت صور عبدالناصر في بيوت الكثير من الكويتيين لأنه كان مصدر إلهام لمختلف الشعوب العربية حتى ان بعض التيارات مازالت مسماة باسمه مثل التنظيم الشعبي الناصري في لبنان الذي يترأسه النائب أسامة سعد.

وفي سنة 2002 خرج الكويتيون بمختلف أطيافهم تأييداً للانتفاضة الفلسطينية الباسلة رافعين صور رموز تلك الانتفاضة مثل الشهيد يحيى عياش والشهيدين الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، وتكرر المشهد ذاته في سنة 2004 عندما قام الإرهابي شارون باغتيال الأخيرين، وفي العام الماضي خرج الكويتيون مرة أخرى لنصرة الشعب اللبناني ومقاومته البطلة ضد العدوان الصهيوني متجاوزين بذلك الحواجز الطائفية، ورفعت صور سيد المقاومة السيد حسن نصرالله والتي رفعت أيضا في مختلف بلدان العالم، وهذا الالتفاف العالمي لمستضعفي الأرض وأحرارها حول المقاومة وسيدها يدل على أن ما جمع هؤلاء بمختلف أطيافهم هو الحق الذي تمثله هذه الشخصية الاستثنائية في تاريخنا العربي والإسلامي الحديث، التي تم على يدها إذلال العدو الصهيوني لأول مرة في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية، وهو يمثل مصداق الآية «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا» (مريم 96).

لكن يبدو أننا نعيش في العصر الذي وعدنا به الرسول الأكرم (ص)، الذي يأمر فيه الناس بالمنكر وينهون عن المعروف، ومع ذلك فإن المقاومين في فلسطين ولبنان ماضون في طريقهم إلى تحرير الأرض من مغتصبها سواء وجدوا شهادة أو تعاطفا من أحد أو لم يجدوا، لأنهم يدركون أن النصر يأتي من الباري عز وجل وليس من خلقه، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.

رجال أمن أم فداوية؟!

من قرأ في مدونة (بالكويتي الفصيح) و(الجريدة) تفاصيل ما تعرض له الزميل جاسم القامس في أمن الدولة يدرك أن المسألة تتعدى بكثير قضية كان يمكن حلها عن طريق الاستدعاء والتحقيق بالقوانين المتعارف عليها، وهي قضية التعرض للذات الأميرية من قبل مشارك مجهول في منتدى الأمة (وقد مسحت المشاركة بسرعة) مع أن الزميل لا علاقة له بالمنتدى، فاستخدام الكلاب وأسلوب الضرب والإهانات ومهاجمة حرية الرأي يدل على أن الرسالة كانت تخويف جميع المدونين وممارسي حرية التعبير من التحدث بصراحة عن أمور البلد، فهؤلاء لم يتصرفوا كرجال أمن، بل كفداوية لمناهضي حرية التعبير باستخدامهم الأسلوب الاستبدادي الذي تتبعه الأنظمة الشمولية ضد مناهضي سلطتها، معتقدين أن هذا الأسلوب (الذي أكل عليه الدهر وشرب) سينجح في تكميم الأفواه... ونحن بانتظار تفاصيل ما تعرض له زميلنا الآخر بشار الصايغ.

back to top