جرائم الإنترنت بلا تشريع... ولا عقاب! على التشريع احترام حق الفرد في البحث العلمي... منح النيابة حق التحقيق والتصرف في الجرائم
لم يحاصر المشرع الكويتي بعد الجرائم الإلكترونية بإصدار تشريعات تلاحق مرتكبي هذه الجرائم، فضلا عن كيفية إثباتها والتي بات الواقع العملي يشهد وقوعها بكثرة، وأصبحت وقائعها محل نظر أمام المحاكم الجنائية.
في الوقت الذي تتسابق فيه الدول لإصدار تشريعات لمكافحة الجرائم الإلكترونية، لم يكلف المشرع الكويتي نفسه بعد لإصدار قانون لمكافحة الجرائم الناشئة من جراء استخدام تكنولوجيا المعلومات الحديثة والاتصالات، في حين تفرغ لإصدار قوانين لا تمثل إلا تراجعا على صعيد الحريات التي حرص الدستور على ضمان المزيد منها، لا تضييق الخناق على حريات الناس في عملهم وتنقلهم.وفي ظل التنافس المحموم في دنيا الاتصالات والإنترنت، يشهد الواقع العملي وقوع جرائم مصدرها جهاز الحاسب الآلي أو أن يكون الأخير عونا لمرتكبي الجرائم خاصة في قضايا أمن الدولة، وكذلك أجهزة الهاتف النقال والتي باتت اليوم تستخدم في إتلاف ملك الغير بإرسال فيروس لجهاز نقال آخر ليعمل على تعطيل أداء هذا الجهاز الأخير، وكذلك في استخدام خطوط الهاتف المحمول لارتكاب جرائم السب أو القذف أو التشهير أو حتى بكتابة الرسائل القصيرة أو بوضع صور مخلة بالحياء.تلك الصور التي يشهدها الواقع العملي بلا تنظيم قانوني يحدد إطار التجريم في دنيا المعلومات الحديثة، في ظل وجود نصوص لدى التشريعات المقارنة بمكافحة الجرائم الإلكترونية.شبكةإلى ذلك يقول المحامي خالد جاسم الشمالي «إن المشرع الكويتي لم يواكب بعد التشريعات المقارنة التي استطاعت وضع حد للجرائم المرتكبة من شبكة الإنترنت، والتي في حال وقوعها يستطيع الجهازان التنفيذي ضبط مصدر الجريمة والقضائي محاكمة مرتكب الجريمة، وذلك بعد أن وفر لهما الجهاز التشريعي الأدوات التي يمكن من خلالها محاصرة ما يسمى الجرائم الإلكترونية».ويضيف المحامي الشمالي قائلا «في المقابل إذا ما وقعت جريمة إلكترونية في الكويت فسيقف أمامها الجهازان التنفيذي والقضائي حائرين في كيفية التعامل معها، وذلك لعدم وجود قواعد تشريعية تنظم كيفية التعامل مع هذه الجريمة».ويبين الشمالي أن «القاضي الجنائي لدى نظره أي قضية بها شق إلكتروني فإنه يتعامل مع الوضع العام للجريمة، وذلك لعدم وجود نص صريح وقطعي يعالج الأمر، لافتا إلى أنه إذا ما تم استخدام شبكة الإنترنت في عملية نصب كبرى ترتب عليها سرقة أموال المجني عليه، فإن القاضي الكويتي يطبق نصوص قانون الجزاء الخاصة بجريمة النصب، وفي المقابل سيقع في مشكلة أخرى تتعلق بكيفية إثبات تلك الجريمة في حالة عدم وجود اعتراف من قبل الجاني».خبراءفي حين انتقد المحامي سليمان مبارك الصيفي غياب الدور التشريعي في تعقب الجرائم الإلكترونية وجرائم الاتصالات، مشيرا إلى أن المشرع الكويتي يتعين عليه البدء في وضع تصور كامل لهذه الجريمة، فضلا عن الاستعانة بالخبراء في مجال الحاسب الآلي من أجل وضع التعريفات الملائمة للجرائم الإلكترونية، وأنواعها ومداها والضرر الواقع منها والعقوبات المنصوص عليها، وذلك بالاطلاع على تجارب الدول. ويضيف الصيفي قائلا «يتعين وضع قانون خاص للجرائم الإلكترونية، من دون الزج بأي نصوص في قانون الجزاء الحالي، لافتا إلى أنه يتعين على المشرع، وفي إطار وضع التشريع احترام النصوص الدستورية خصوصا المادة 30 من الدستور، والتي تنص على أن الحرية الشخصية مكفولة، كما يتعين مراعاة حرمة المساكن لدى محاولة ضبط هذه الجرائم، و النص صراحة على إسناد مهمة التحقيق في هذه الجرائم إلى النيابة العامة».الضبطويقول الصيفي «يتعين على المشرع النص صراحة على ضرورة حصول مأمور الضبط في سبيل ضبطه الجريمة على إذن من النيابة العامة لدى تفتيش المسكن وضبط المتهم، من دون أن تترك الأمور لاجتهاد مأموري الضبط القضائي». ويشير الصيفي إلى أن «على المشرع الكويتي لدى وضعه هذا التشريع أن يراعي حق الفرد في الاطلاع على المعلومات والتراسل في شبكة الإنترنت، استنادا إلى ما كفله الدستور من أن حرية البحث العلمي مكفولة، وأن يراعي في مجال العقوبات فتح باب السلطة التقديرية لدى القاضي حتى لا نلزم القاضي مسبقا باتخاذ أحكام قاسية أو اللجوء مباشرة إلى البراءة».صور جرائم الإنترنتيصنف الخبراء الفنيون في مجال الإنترنت الجرائم المرتكبة بأنها تستهدف ثلاث قضايا هي سرية المعلومات وسلامة المعلومات ووجود المعلومات، كما يصنف خبراء الحاسب الآلي جرائم الإنترنت على النحو التالي:• تصنيع الفيروسات وهي الأداة الأغلب استخداما بنشرها بهدف تعطيل وتدمير أكبر عدد ممكن من الأجهزة.• عملية اختراقات الأجهزة الأخرى وتدمير ما تحتويه من معلومات أو نقل معلومات قد تكون شخصية وهو ما يعرض حريات الأشخاص للابتزاز. • تدمير أجهزة الحاسب الآلي عبر تدمير البرامج الرئيسية والتي من دونها يصبح الحاسب الآلي هو والعدم سواء.• انتحال الشخصية بهدف الإضرار بالضحية بأي صورة كانت، وما يترتب عليها من جرائم النصب والاحتيال بالإيهام بإقامة مشروع كاذب.• التحرش الجنسي وهو ما يمثل انتشارا كبيرا خاصة في المنتديات، فضلا عن إرسال رسائل عن طريق البريد الإلكتروني تحتوي على تحرشات جنسية.• الابتزاز سواء في سبيل الحصول على المال أو مقابل ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون.• جريمة السب والقذف والتشهير بسمعة الأفراد والقطاعات العامة والخاصة والحط منها، فضلا عن نشر الصور المخلة بالحياء أو المقاطع التسجيلية أو مقاطع الفيديو بما يخل بالحياء والآداب العامة.