اللهم احم ِالديموقراطية من نوابها

نشر في 24-09-2007
آخر تحديث 24-09-2007 | 00:00
 د. موضي عبدالعزيز الحمود

ينادي بعض أعضاء المجلس بإعداد اقتراح أو تشريع لمد فترة الحصانة البرلمانية ونطاقها في فترات عُطل المجلس وإجازاته، وهذا في رأييّ انحراف خطير في استخدام الأداة التشريعية لإضفاء القُدسية على أعمال النواب وممارساتهم، والتمترس خلف الحصانة البرلمانية الممتدة.

تمر الممارسة الديموقراطية في الكويت، بحكم عمرها القصير نسبياً، بكثير من الأحداث التي ترتب محطات مهمة وعلامات فارقة في مسيرة تطورها سواء بالسلب أو الإيجاب، وذلك حسب الحدث وردة الفعل تجاهه وأسلوب التعامل معه، وآخر هذه الأحداث التي فرضت نفسها على الساحة الديموقراطية في الأيام الأخير، احتجاز النائب الفاضل خضير العنزي من قبل النيابة العامة إثر تصريحاته بشأن إحدى القضايا المُثارة.

ومن دون الدخول في تفاصيل الحدث ومع احترامنا الكامل ودفاعنا عن حق المواطن – نائبا كان أو مواطنا عاديا – في التعبير والنقد، إلا أن تداعيات الحدث تجعلنا نرفع علامات التساؤل والتنبيه إلى خطورة المعالجة للموقف بشكل عام ومن قبل أكثر من طرف، وإلى خطورة الانحراف في استخدام السلطة بشكل خاص، ولعل أول هذه التداعيات وأهمها هو التدخل السياسي للتأثير على قرار السلطة القضائية التي نحرص جميعا على النأي بها عن أي تدخلات، سواء كانت اجتماعية أو سياسية، وهو موقف ثابت يجب أن نتفق جميعاً بشأنه وأن ندعمه من دون النظر إلى الشخص المعني في هذه القضية أو تلك، فالنائب في النهاية مواطن خاضع لنظام الدولة وسلطاتها، وله مطلق الحق في اختيار أسلوب الدفاع عن نفسه من دون الحاجة إلى اللجوء إلى وساطات سياسية أو شفاعة من أي نوع.

وثاني هذه التداعيات مناداة بعض أعضاء المجلس بإعداد اقتراح أو تشريع لمد فترة الحصانة البرلمانية ونطاقها في فترات عُطل المجلس وإجازاته، وهذا في رأييّ انحراف خطير في استخدام الأداة التشريعية لإضفاء القدسية على أعمال النواب وممارساتهم والتمترس خلف الحصانة البرلمانية الممتدة في مواجهة المواطن العادي، أو في مواجهة السلطات العامة، في حال تعدي النائب بالفعل أو القول على أي منهما وارتكابه خطأ يضر بمصالح المواطنين أو المصلحة العامة.

لا أعتقد أنكم ستختلفون معي حول خطورة اضفاء العصمة على النواب وتصريحاتهم وأفعالهم وأعمالهم، وإهدار حقوق الآخرين من الذين أوصلوهم وائتمنوهم على كرسي النيابة ولهم الحق في محاسبتهم.

لقد أوضح الحدث الأخير وأسلوب التعامل معه أن نوابنا الأفاضل أو بعضاً منهم يبالغون في تمييز أنفسهم عن الآخرين، وها هم يسعون إلى تمييز أنفسهم من ناحية المساءلة تجاه السلطة القضائية، كما ميزوا أنفسهم من قبل بالمكافآت والمميزات وجيوش العاملين.

إننا نتساءل: لماذا كل هذا التمييز؟... ولسان حالنا يقول اللهم احم ديموقراطيتنا من أبنائها ونوابها الذين أسرفوا على أنفسهم.

والله الموفق ،،،

back to top