زوجي صديقي... هذا أروع ما في حياتي!
هل فكرتِ أن تكوني صديقة لزوجك؟ سؤال يبدو عابرًا لكنه أمر بالغ الاهمية. فوفق خبراء النفس والاجتماع ترتفع معدلات الطلاق، لا سيما المبكر منه، نتيجة عدم التوافق الفكري بين الأزواج وغياب الصداقة بين الطرفين، والاكتفاء بممارسة الحياة الزوجية في إطارها التقليدي. تُرى هل يؤمن الأزواج العرب كلّهم بهذه النظرية التي أثبت العلماء صحتها؟
أن تنشأ صداقة بين الزوجين، فهذا معناه دوام الحياة الزوجية في أمان واستقرار. كما تحترم أصدقاءك وتقدرهم وتخاف عليهم يجب أن تعامل زوجتك بالطريقة نفسه، كذلك عليها هي الأخرى مشاركتك شؤون حياتك وشجونها، فيصبح كلّ منكما شريكاً للآخر وصديقاً له. في هذا السياق توضح نسرين محمد (33 عامًا): «أشعر بالسعادة مع زوجي، منذ ارتبطنا قبل خمسة أعوام تقريباً. فهو يؤمن لي متطلباتي كلها لي ولطفلتنا. المشكلة الوحيدة التي أعاني منها أنّه يتعامل معي كزوجة فحسب، فيما يتعامل مع زميلته في العمل كصديقته المقربة، يناقش معها أموراً عادية بعيدة عن العمل، فيقتنع برأيها في أيّ مسألة يستشيرها فيها، حتى لو كان رأيي عكس رأيها. هذا الأمر يزعجني جداً. أودّ لو انعكست الأمور لاصبح أنا صديقته، مثلما أنا حبيبته وزوجته وأم ابنته، علماً أنّه شخص مثالي ولا مجال للشكّ فيه، لكنني أشعر أن شخصاً آخر يشاركني فيه». من جهتها تشرح ولاء عبد الفتاح (28 عاماً): «تزوّجت بعد قصة حب ربطتني مع زوجي منذ كنّا في الجامعة. بدأت علاقتنا كأصدقاء، تفهّم كلّ منا الآخر وأدركنا أننا سنكون زوجين مثاليين وهذا ما حدث بالفعل، ما زلنا نتعامل معًا مثل صديقين أو زميلين في الجامعة. قد تقع خلافات بيننا، لكنها من النوع العادي الذي لا يؤثر على حياتنا الزوجية، إذ سرعان ما نتدارك الأمور وتعود المياه إلى مجاريها. زوجي صديقي وربما هذا أروع ما في حياتي الآن، كنت أخشى كثيرًا أن أتزوج زواجًا تقليديًا من شخص لا أعرفه، لكن الحمد لله وفقت في حياتي». تقارب الأعمارتتمنى أسماء شعبان (18 عاماً طالبة في كلية التجارة في جامعة القاهرة) أن ترتبط بأحد أصدقائها وأن يكون عمره قريباً من عمرها، لكي يسود التفاهم بينهما. تروي شعبان: «خطبت إحدى زميلاتي إلى رجل يكبرها بأحد عشر عاماً وهما مختلفين في كل شيء، ودائمي الشجار حول أتفه الأسباب. فكرت أن أنصحها بإنهاء هذه العلاقة وانتظار فرصة أفضل مع شاب يكون تفكيره قريبًا منها، لكنني خفت أن تفهمني خطأ. عمومًا وفقها الله في حياتها وأتمنى أن تحاول مصادقته وفتح باب الحوار معه، فالحياة السعيدة الهانئة بين الزوجين تبدأ بالصداقة». مشاركة ومصارحة يؤمن كمال سيد (44 عامًا، متزوج منذ 10 أعوام ولديه ثلاثة أطفال) أن ضغوط الحياة اليومية تدفع كلّ زوج إلى أن يكون صديقًا لزوجته، يناقشها في أمور حياته العملية وخططه المستقبلية، فهذا من شأنه أن يخفّف عنه الضغط. ويقول: «زوجتي أقرب الناس إليّ ومن حقها أن تعلم عني كلّ شيء، وأن تشاركني الحياة بحلوها ومرّها. لا يمنع هذا الأمر من اللجوء إلى الأصدقاء في أحيان كثيرة مع الحرص على عدم تجاهل زوجتي. تسير حياتنا الزوجية في مركب واحد وعلينا التشاور في كلّ كبيرة وصغيرة لنعبر سوياً إلى بر الأمان». يعارض عبد الحميد حسين (54 عامًا، تاجر ملابس) مقولة الصداقة بين الزوجين ويعتبر أن حبّه لزوجته لا يعني استشارتها في كلّ شيء. يشرح في هذا المجال: «ثمة أمور قد لا تفهم فيها زوجتي فألجأ إلى الأصدقاء أو الأقارب. على سبيل المثال، قد أتعرّض إلى أزمة مالية في تجارتي، فألجأ إلى استشارة صديق مقرّب إليّ يفهم في هذا المجال وغالبًا ما أصل إلى حلّ. أما زوجتي فهي سيدة طيبة، لا تفهم إلا في شؤون المنزل ورعاية الأبناء وهذا أيضًا دور مهم جدًا». مفتاح السعادةيعلّق الاختصاصي في علم النفس محمد عبد المولى على هذه المسألة قائلاً: «يجب ان تبنى الحياة الزوجية على التفاهم والتواصل بين الطرفين. ولا يتوافر ذلك بين أي زوجين إلا إذا انطلقت علاقتهما من مبدأ الصداقة، لكن يجب عدم التوقف عليها فحسب بل من الضروري أن تتنوع طبيعة العلاقة بينهما وفق الموقف نفسه، هذا ما ينادي به خبراء النفس في الغرب، بناء على دراسات علمية حديثة». ويؤكد عبد المولى أنّ الامر يتطلب من الزوج مثلاً أن يؤدي دور الأب مع زوجته في الوقت الذي تمارس فيه هي دور الابنة، موضحاً أنّه إذا مرّ الرجل بمحنة ما في عمله مثلاً يجدر بزوجته أن تؤدي دور الأم الحنون التي ترعى ابنها فتوجهه وترشده إلى الصواب. ينطبق الأمر نفسه على الصداقة، فهي تستدعي أن يكون كلّ من الزوجين صديقاً مع الآخر في الوقت المناسب. المهم هنا هو أن يتعلّم كل منهما متى يجدر به أن يؤدي دوراً ما من هذه الأدوار. الصداقة أمرٌ جميل وأجمل منه أن تكون قائمةً بين زوجين، لأنّها أول مفاتيح السعادة الزوجية.