الوطن والوطنية!

نشر في 29-08-2007
آخر تحديث 29-08-2007 | 00:00
 أحمد عيسى

الخلاف الثائر بين صحيفة «الوطن» وشركة «الوطنية» للاتصالات أساسه تجاري محض بين معلن وصحيفة، ومضمونه إعلانات مدفوعة الأجر، لكنه مع ذلك دُفع ليكون خلافاً سياسياً بين دولتين خليجيتين، واستخدم فيه أسلوب استفزازي أقرب للابتزاز، كنا نتوقعه من صحيفة صفراء وليس من «الوطن».

تشن صحيفة «الوطن» منذ مطلع الأسبوع هجوماً على «الشركة الوطنية للاتصالات» لأنها قررت إيقاف حملتها الإعلانية فيها، وأرجعت الصحيفة ذلك إلى توجيه قطري سببه نشر «الوطن» كاريكاتيراً مسَّ الدوحة.

الخلاف أساسه تجاري محض بين معلن وصحيفة، ومضمونه إعلانات مدفوعة الأجر، لكنه مع ذلك دُفع ليكون خلافاً سياسياً بين دولتين خليجيتين، واستخدم فيه أسلوب استفزازي أقرب للابتزاز، كنا نتوقعه من صحيفة صفراء وليس من «الوطن» التي نشرت الكاريكاتير، وقدمت درساً بمفاهيم السيادة والتدخل الأجنبي وتهديد الأمن الوطني واستقلالية المؤسسات الإعلامية الكويتية فقط لأن حصتها من الإعلانات تأثرت.

«الوطنية للاتصالات» شركة كويتية استحوذت عليها شركة «كيوتل» القطرية في مارس الماضي وتملكت 51% من أسهمها بأكثر من أربعة مليارات دولار أميركي بإشراف سوق الكويت للأوراق المالية، كما تحتل المرتبة السابعة في الإنفاق الإعلاني محلياً بقيمة 750 ألف دولار خلال النصف الأول من 2007، ولها مطلق الحرية باتخاذ ما تراه مناسباً من قرارات تحقق رؤيتها وتتماشى مع سياستها ومصلحة ملاكها، بما في ذلك مقاطعة صحيفة نشرت كاريكاتيراً مس عاصمة شركتها الأم ولم تعتذر عنه.

في المقابل، فإن صحيفة «الوطن» حرة أيضا إعلانياً وبمضمونها التحريري، فهي مؤسسة إعلامية تخضع لتوجهات ملاكها ومصالحهم، ومن بينها أن رئيس تحريرها الشيخ خليفة الصباح يشغل مقعداً في مجلس إدارة شركة الهواتف المتنقلة، وهي شركة منافسة، وبالتالي فإن احتواء الحملة دعاوى صريحة لمقاطعة «الوطنية» مرده مصلحة تجارية أكثر منه موقفا مهنيا أو سياسيا.

ونقلا عن «الوطن» أمس، فإن نتائج استبيان أجرته تشير إلى أن نصف مشتركي وملاك «الوطنية» مستعدون للتخلي عنها بعد سحبها إعلاناتها من الصحيفة، وإذا سلمنا بهذا المنطق فإن قرار «الوطنية» سليم تماماً كسلامة قرار مساهمها ومشتركها، وإلا كيف نعطي شرعية لمن يريد إيصال رسالته بمقاطعة الشركة لأنها حجبت إعلاناتها عن «الوطن»، ونعتبر قرار «الوطنية» بمقاطعة الصحيفة إعلانيا لإيصال نفس الرسالة تدخلاً سافراً بسيادة القرار الكويتي؟!

ختاما، بين خلاف «الوطن» و«الوطنية» جزئيتان مهمتان؛ أولاهما أننا أمام إشكالية مهنية، علاجها يكمن في إعمال أخلاقيات الإعلام وفصل المسؤولية عن المصلحة، والثانية أن الوطنية، من وجهة نظر «الوطن»، تكون بمقاطعة «الوطنية»، وهنا تكمن المفارقة!!

back to top