التحليل الفني استراتيجية ومضاربة وليس وسيلة للتنجيم على مديري الصناديق والمحافظ التسلح بالتحليلين الفني والأساسي أو الفشل

نشر في 21-04-2008 | 00:00
آخر تحديث 21-04-2008 | 00:00
No Image Caption

لم يكن التحليل الفني شائعا إلا بين عدد قليل من المضاربين، إذ كان الكثيرون في سوق الكويت للأوراق المالية والأسواق الخليجية يعتبرونه نوعاً من التنبؤ بالغيب أو الشعوذة، لكن الوضع اختلف تماما الآن، وأصبح الكثيرون من المتداولين والمضاربين يستخدمونه لتحديد وتشكيل استراتيجيتهم للتداول.

تندرج طرق تحليل الأدوات المالية والاستثمارات ضمن خانتين أساسيتين، هما: التحليل الأساسي والتحليل الفني، يعتمد الاول على خصائص الشركات لتقييمها وتقييم أدواتها المالية سواء كانت أسهما أو سندات أو غيرها، في حين يأخذ التحليل الفني منحى مختلفا كليا، فهو لا يعتني بأي شكل من الأشكال بقيمة الشركة أو السلعة، إذ يهتم المحللون الفنيون بتبدل الأسعار في السوق فقط.

وعلى الرغم من كل الأدوات المتوافرة، فان التحليل الفني لا يعتمد إلا على العرض والطلب، لتحديد الاتجاه، وما اذا كان سيكمل في المستقبل أم لا، بمعنى آخر يعمل التحليل الفني على فهم التغيرات في السوق عبر دراسة السوق نفسه، وليس مكوناته.

وبشكل عام فالتحليل الأساسي يعتمد على الظروف الاقتصادية وظروف الشركة، وذلك من أجل تحديد سعر السهم الحقيقي الذي ينبغي أن يباع به السهم، اما التحليل الفني ‏فهو لا يعنى بتحديد السعر الحقيقي للسهم، أي لا يهتم بتجميع أو تحليل أي بيانات أو معلومات متاحة (مثل ‏الأخبار الاقتصادية وغيرها)، ذلك لأنه ينصرف في الأساس إلى تتبع حركة الأسعار في الماضي على أمل ‏اكتشاف نمط لتلك الحركة يمكن منه تحديد التوقيت السليم للقرار الاستثماري، فحركة الأسعار في الماضي تعد ‏مؤشرا يعتمد عليه في التنبؤ بحركتها في المستقبل.‏

اهتمام متزايد بـ«الفني»

وقد ازدادت أخيراً شريحة العاملين في مجال التحليل الفني في اسواق المال العربية بصفة عامة وفي سوق الكويت بصفة خاصة، بوصفه علما يستطيع المحلل من خلاله قراءة اتجاهات السوق والحالة النفسية للمتعاملين، في حين يطالب آخرون بضرورة الحد من كثرة التحليلات التي انتشرت في السوق، لاسيما أن جزءا منها يعتمد على أسس غير سليمة مما يضر بالسوق.

ويؤكد خبراء أنه لا ينبغي المفاضلة بين التحليلين الفني والأساسي، إذ ان التحليل الأساسي مهم جدا والتحليل الفني لا يقل عنه أهمية، لأن المستثمر الذكي يستطيع أن يعرف متى يستعمل هذا التحليل ومتى يلجأ إلى ذاك، واغلب المؤسسات المالية إن لم يكن كلها تستخدم النوعين، فيمكن من خلال التحليل الأساسي اختيار الأسهم، بينما يمكن من خلال التحليل الفني متابعة حركة السهم والتعرف الى سلوكه.

ويقولون: إن الفرق بين التحليلين يكمن في ان لكل تحليل مؤيديه ومستعمليه، فيخدم التحليل الفني عادة المضاربين الذين يدخلون على السهم لفترة وجيزة لا تتعدى اسبوعاً على أقصى تقدير، اما التحليل الأساسي فيلقى إقبالاً كبيراً من المستثمرين طويلي الأجل.

وقد يكون التحليل الفني احد أقدم الطرق للتعاطي مع الاسواق المالية، اذ يعود تاريخه الى ما بين 1900 و1902، وتم تطوير مفهومه بين 1922 و1932 بواسطة خبراء اقتصاديين عمدوا إلى مراقبة الاسعار وتصرفات السوق وأعطوا توقعات مستقبلية، ومنذ ذلك الحين طورت الأساليب عبر رسوم بيانية، وأضحى الكثير من المستثمرين في الأسواق يعتمدون التحليل الفني في دخولهم إلى الأسواق أو خروجهم منها.

مزايا وعيوب

يتهم أنصار مدرسة التحليل الأساسي دائما التحليل الفني بأنه السبب وراء تزايد المضاربات وتقلبات السوق، ويؤكدون أن العودة الى التحليل المالي سبيل البورصة الوحيد لاستعادة التوازن، مشيرين الى ان أغلبية المتعاملين في البورصة تحولوا من مستثمرين إلى مضاربين، اذ انهم يتداولون حسب توصيات التحليل الفني بشراء الأسهم، ويبيعونها بعد يومين من شرائها سواء في حال الارتفاع أو الانخفاض، لأنها حققت المستويات المستهدفة وفقا لهذه التوصيات، وحتى في تعاملات الشراء والبيع في الجلسة ذاتها، وذلك بغض النظر عما إذا كانت هذه الأسعار حقيقية وتعبر عن سعر عادل للأسهم أم لا.

وقال خبراء بسوق المال: إن الاعتماد على التحليل الفني أدى إلى نشر ثقافة المضاربة بشكل أكثر حدة، وإن كانت هذه المرة بشكل مقنن وعلمي لأنها تتحرك وفق أرقام محددة.

ولفتوا إلى أن جميع المتعاملين في السوق لا يسألون عن ارباح الشركات، التي يشترون أسهمها وعن مدى توسعاتها في المستقبل أو مشروعاتها أو أي شيء عن أدائها المالي، وتقتصر اهتماماتهم على مستويات الدعم والمقاومة التالية للأسهم التي يرددها التحليل الفني.

واكدوا ان الاعتراض الأساسي على فلسفة التحليل الفني تتعلق ‏بمدى سرعة استجابة أسعار الأسهم لما يطرأ على قوى العرض والطلب من تغيير، فالاعتقاد بأن اتجاها معينا ‏في الأسعار يستمر لفترة طويلة من الزمن يقوم على افتراض أن المعلومات الجديدة التي من شأنها أن تحدث ‏تغييرا في العلاقة بين العرض والطلب لا يستجيب لها السوق بسرعة، بل عبر فترة زمنية طويلة، والذي قد ‏يرجع إلى وجود فئة من المستثمرين يحصلون على المعلومات بسرعة، ويجرون عليها التحليل ويتخذون على ‏أساسها القرارات الاستثمارية، وذلك قبل غيرهم من المستثمرين.‏

الاستجابة للمعلومات الجديدة

اما أنصار التحليل الفني فيعترفون بأن أسعار الأسهم تستجيب للمعلومات الجديدة التي تحدث تغييرا في قوى ‏العرض والطلب، ولكنهم يقولون إن هذا التغيير في العلاقة بين العرض والطلب يمكن الوقوف عليه من خلال ما ‏يجري في السوق نفسه، أي من خلال حركة الأسعار فيه دون الحاجة إلى المجهود الذي يبذل في تحليل كمية هائلة ‏من بيانات ومعلومات الاقتصاد والصناعة والشركة.‏

ويلخص الخبراء مزايا وعيوب التحليل الفني في انه يتسم بعدد من العناصر التي خلقت له أتباعا ومؤيدين وفي مقدمتها السهولة والسرعة، فبمجرد تحديد الوسيلة أو القاعدة الفنية، التي سيعتمد عليها المحلل في التنبؤ بالأسعار، يصبح تطبيقها آليا وعلى أي ‏عدد من الأسهم دون حاجة إلى تجميع وتحليل الكم الهائل من المعلومات التي يحتاج اليها التحليل الأساسي، والتي تتطلب وقتا ‏وجهدا وفيرا، كما ان أساليب التحليل الفني يسهل تعلمها وتطبيقها بواسطة أي مستثمر مهما كان مستوى ثقافته ‏وهي ميزة لا يتيحها التحليل الأساسي.‏

ولكن رغم هذه المزايا للتحليل الفني فانه لا يخلو من العيوب‏، فان أنصار هذا النوع من التحليل يعترفون بان المحلل الأساسي الذي تتوافر له المعلومات والقدرة التحليلية يمكن أن يصل ‏إلى نتائج أفضل من المحلل الفني، ولعل أهم أسباب ذلك أن المحلل الأساسي يتنبأ بالأحداث المستقبلية، ويخرج منها ‏بالقرار المناسب في الوقت المناسب، أما المحلل الفني فان عليه أن ينتظر حتى تقع الاحداث ويرى بعينه التحول في حركة الأسعار ثم يتخذ القرار، ‏يضاف إلى ذلك ما أثبته الواقع أن المستثمر الذي يتبع أسلوب التحليل الفني يندر أن يحقق عائدا غير عادي على ‏استثماراته.‏

والانتقاد الأخير للتحليل الفني بأن هؤلاء المحللين الفنيين يخلقون بأنفسهم التوقعات التي يعتقدون إمكان ‏حدوثها، فلو أن مئات المحللين الفنيين استخدموا نفس الأسلوب والبيانات ذاتها فإنهم سيتوصلون إلى القرار نفسه، ‏ولو أن هذا القرار كان شراء أسهم شركة معينة بسبب توقعهم ارتفاع سعره في المستقبل.

كرم: الأساسي و الفني أيهما يجب أن يكون؟

يرى خالد كرم ان الهدف الأسمى لكل مديري المحافظ الشخصية او تلك التابعة للشركات، لاسيما مديري صناديق الأسهم، هو تعظيم أرباح رأس المال المستثمر، وباختلاف الفترة الزمنية التي تختلف من مدير إلى آخر ومن سلعة (سهم) إلى أخرى، فإن هناك عددا من الأساليب والطرق والتكتيكات التي ينبغي أن يسلكها أولئك المديرون، وأن تكون منهاج عمل في إدارتهم لتلك الأموال.

وبعض المديرين لا يعير أي اهتمام لأي أسلوب من تلك الأساليب، وهنا ينبغي أن يكون التحليل الأساسي أو الفني سندا يعتمد عليه في قراره ويوضح اهدافه، لذا فانه سرعان ما يتم كشفهم في الأداء السلبي حين تهبط المؤشرات فيكيلون بمليون مكيال لأسباب لا معنى لها.

وأشار الى ان التحليل الأساسي هو علم قراءة الأرقام الخاصة بميزانيات وقوائم الدخل والأرباح والخسائر، وهي باختصار قراءة ماذا قامت الشركة بتحقيقه من نتائج رقمية من خلال العقود التي تديرها والمشاريع التي تنفذها والمبيعات التي حققتها حتى تخرج على شكل ميزانية في نهاية فترة زمنية، ويحاول المحلل الأساسي من خلالها أن يستنبط عددا من المؤشرات التي تكون دائما نمطية الاستنتاج بسبب نمطية المعادلات المستخدمة في استخراج تلك المؤشرات، وهنا يهدف المحلل الأساسي إلى أن يرسل رسالة الى مدير المحافظ مفادها أن السعر العادل للسهم يفوق السعر السوقي أو العكس، وكذلك استخراج السعر المستهدف، لذلك فإن أهم ما يفيد مدير المحافظ بعد معرفة أرباح الشركة ونموها من عدمه هو معرفة السعر العادل والسعر المستهدف.

لكن كيف ومتى وأين سيتم تحقيق السعر العادل؟ ومتى وأين وكيف سيتم تحقيق السعر المستهدف؟ هذا ما سيجيب عنه المحلل الفني!

في الأسواق العالمية النشيطة كالسوق الأميركي، لا توجد أهمية قصوى لقراءة جدول الطلب والعرض Bid – Ask، وذلك بسبب سرعة إدخال الأوامر وسرعة إلغائها، فضلا عن كثرة عدد تلك الأوامر، لذلك يهتم مدير المحافظ والصناديق بقراءة سلوك وحركة السهم من خلال قراءة الرسم البياني للسهم والمؤشر Technical Analysis، ومن خلال تلك القراءة يستطيع معرفة ما الأهداف الفنية للأسهم والمؤشرات، ولعلم التحليل الفني مدارس كثيرة، وهو علم وفن في آن واحد، وهذا ما يميز التحليل الفني عن التحليل الأساسي، فالمحلل الأساسي يقرأ ويعد ويطبق معادلات نمطية، في حين ان المحلل الفني هو قارئ لعدد من الأشكال والنماذج الفنية التي تختلف يوميا باختلاف البشر وطباعهم، فالتحليل الفني ما هو إلا قراءة لسـلوك ونفسيات البشر الذين قاموا باتخاذ القرار أثناء (المعركة) أي أثناء جلسات التداول.

وعرف كرم التحليل الفني بانه علم إحصاء متقدم، أصبح يدرس في كل الجامعات كفصل من فصول مقرر مقدمة في علم التمويل، لا بل ان هناك معاهد عالمية أصبحت تخرج محللين فنيين معتمدين على درجة عالية من المهنية والحرفية، نظرا الى الطلب الكبير على هذه الشريحة.

كما انه يجيب عن عدة تساؤلات يومية، أهمها أين نحن ذاهبون؟ وما حركة الأسهم والمؤشرات المتوقعة؟ وأين مسار السوق خلال ساعات العمل القادمة أو الأسابيع والأيام القادمة، بناء على الحركة السابقة، واشار إلى أن كلا من المحللين الفنيين والأساسيين يستخدمون معلومات تاريخية (سابقة) لتقديم احتمالات وتنبؤات مستقبلية بناء على تاريخية المعلومات السابقة.

واكد ان كلا التحليلين مهم، فعند مدير الصناديق الذي يطمح الى أن يبني مواقع استثمارية طويلة الأجل فهو يبحث عن محلل أساسي، ويحتاج الى معرفة رأي المحلل الفني، فقد يحدث أن يشير المحلل الأساسي إلى أن السعر العادل للسهم (X) هو 3 دنانير، في حين يرفض المحلل الفني الشراء عند ذلك المستوى بسبب تضخم السعر من الناحية الفنية، والعكس صحيح، لذلك فان من المهم أن يتسلح مدير الصناديق والمحافظ بسلاح التحليل الفني والأساسي والا واجه الفشل. التحليل الأساسي يعتمد على تقييم أعمال الشركة أما الفني فيهتم بتبدل الأسعار في السوق

back to top