افتتاحية الكويت تستحق أن تعيّد
ليس مفيداً إطلاقاً أن نقول «عيد بأية حال عدت يا عيد...» فليست الكويت في حال يرثى لها، ولا هي سقطت من مصاف الدول النامية الى تلك التي تعاني مخاضات الخروج من التخلف. إنها البلد الذي كلما افتخرنا به ازداد منعة، وكلما ازدادت ثقتنا بقدراته صار أكثر قابلية للتقدم والعطاء.ليكن العيد مباركا على الجميع، فالكويت تستحق أن تحتفل بالعيد، وأهلها أهلٌ لأن يفرحوا ببهجته. لكن معاني العيد السامية يفترض أن تظلل كل مناحي حياتنا، ولاسيما حياتنا السياسية التي تتمتع بحيوية، لو استغلت إيجابا لانتقلنا سريعاً الى حال أفضل على كل المستويات.
ولو اختصرنا مغزى واحدا من العيد لقلنا «فلنرفع شعار التسامح والنظرة الايجابية»، إذ لو عملنا بوحيه لأمكننا تأمين الاستقرار والهدوء للنظام السياسي ما يؤمن حسن عمل المؤسسات والرقابة، وبالتالي الإنجاز الذي تستطيعه الكويت التي حباها الله خيرات يجب أن توظف بفاعلية قصوى لمصلحة الدولة ومواطنيها وأهدافها.لا اعتراض على مبدأ الحراك السياسي ولا على التجاذبات التي هي جزء من اللعبة الديموقراطية، لكن سقف الحراك هو الحركة التي لا تؤذي الحياة السياسية، ولا تذهب بعيدا في السلبية لتعطل سلطة من السلطات ولتحقق أهدافاً ليست للمصلحة العامة على الاطلاق. أما التجاذبات فخطورة الإسراف في ممارستها تكمن في أنها تفقد السلطتين الأساسيتين التشريعية والتنفيذية على السواء دورهما الأصلي، وهو الحكم والرقابة على الأحكام، وتسير بهما نحو تنافر متبادل وحذر دائم وشلل شبه عميم.والكويت التي تستطيع، نظاماً، وعقداً بين الشعب والنظام، أن تحقق انجازات في مسيرة التقدم والنمو والديموقراطية، لا تستحق على الإطلاق أن تغرق في هوامش السياسة وتدفع أثمان فشل وئام سياسي ضروري، حدوده أصول التعاون بين السلطات، والمصلحة العليا، وأولوية الاستقرار.مؤسف أن تكون صورة الكويت من الخارج أفضل مما هي من الداخل، وأن تكون نظرة الدول الأخرى إلينا أفضل من نظرتنا إلى أنفسنا. ولا يجدي أن يحمل بعضنا البعض الآخر المسؤولية الكاملة عن تدهور الجو السياسي، فالأجدى أن نتحمل جميعاً شعباً وحكومة ونواباً ونظاماً ومؤسساتٍ مدنيةً هذه المسؤولية. لننظر إلى أخطائنا ونحاول إصلاحها انطلاقاً من حسنا الوطني دائماً ومن معاني العيد اليوم ومن واجبات قيادات وجيل واع وعاقل يجب أن ينظر إلى المستقبل ليسلم الأمانة غير منقوصة للجيل القادم.ليكن العيد فعلاً مناسبة تعود بنا الى الحكمة التي تحلى بها المؤسسون وأهل الرأي، ولنغلب المنطق ونضع حداً لكل انحراف يعوق مسيرة النمو والتقدم. ولنتذكر جميعاً في هذه المناسبة المباركة بيتي شعر استشهد بهما الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم في افتتاح أول مجلس أمة:لا يصلح الناسُ فوضى لا سراةَ لهمولا سراةَ إذا جهالهم سادواتُهدى الأمورُ بأهلِ الرشدِ ما صلحتْفإنْ تولوا فبالأشرارِ تنقادُالجريدة