النيباري: البعض من الأسرة لا يزال غير مقتنع بالعيش تحت سقف الدستور وارتباط نواب بقوى الفساد يوفر الذرائع لأعداء الديموقراطية في ندوة نظمها المنبر الديمقراطي بمناسبة الذكرى الـ45 لولادة الدستور
المشاركون في الندوة اتفقوا على ضرورة صد جميع المؤامرات والهجمات الشرسة التي يحاول محاربو الديموقراطية تنفيذها ضد الدستور لتعطيله ثم تطبيق أجندتهم التي تهدف إلى الهيمنة على ثروات البلد.
أحيا المشاركون في ندوة «يوم الدستور» التي أقامها المنبر الديمقراطي الكويتي الذكرى الخامسة والأربعين لولادة الدستور، وحيّوا الرجال الحكماء وأعضاء المجلس التأسيسي والمساهمين في صناعة الدستور ووضعه كمنبر للحرية والمساواة تحت ظل ديموقراطيته وقوانينه المنظمة للدولة الحديثة. تحدث في الندوة كل من: أعضاء مجلس الأمة؛ عدنان عبد الصمد وأحمد المليفي وعبدالله الرمي، وعضو المجلس البلدي خالد الخالد، والكاتب أحمد الديين، وأستاذة علم الاجتماع الدكتورة دلال الزبن، ومضيفهم عبدالله النيباري. واتفق المتحدثون على ضرورة صد جميع المؤامرات والهجمات الشرسة التي يحاول محاربو الديموقراطية ودولة القانون تنفيذها ضد الدستور، ومحاولة تعطيله، وإجهاضه وتفريغه من محتواه ومن مواده، ليستأثروا بالقرار، ومن ثم يطبقوا أجندتهم، التي تهدف الى الهيمنة على ثروات البلد في المقام الأول، من دون رقيب أو حسيب. وأكد الأمين العام للمنبر الديموقراطي عبدالله النيباري أن حلم العيش تحت سقف دولة القانون والحرية والمساواة كان قابلا للتحقيق لو لم يتم الانحراف عن الالتزام بالدستور وإساءة تطبيقه، مما أدى إلى تعثر هذا المشروع، ذلك ان لم يكن قد أدى إلى اندثاره، ومن ثم تخلفت الكويت عن هذا الركب.وبين النيباري أن الأسباب عديدة وكثيرة، أهمها عدم إيمان السلطة بالدستور والنظام الديموقراطي، فكان سعيها الدائب إما إلى إلغائه أو تعليقه أو تعديله بشكل مخل، كما حصل عامي 1976و1986، أو تقويضه من الداخل وإجهاض التجربة الديموقراطية عن طريق الرشوات الانتخابية، والتغاضي عن شيوع الفساد بكل أشكاله وتعميق الانقسامات الاجتماعية واستغلالها كأدوات انتخابية.التحالف السياسيوقال النيباري إن البعض من الأسرة الحاكمة حتى الآن غير مقتنع بالعيش تحت سقف الدستور وفي إطاره والالتزام بأحكامه، موضحا انه في هذا العام جرى الحديث عن الحل غير الدستوري ثلاث مرات، وإذا كان صاحب السمو قد نفى ذلك في المرات الثلاث، فإن القوى الساعية نحو التخلص من الدستور والديموقراطية وأدواتهما الرقابية، بقيادة التحالف الثلاثي، تنشط لترويج مخططها وتعمل بدأب لدفع مؤسسة الحكم باتجاه تعليق الدستور وإلغائه، ليخلو لها الجو للهيمنة الكاملة على مقدرات البلد ومؤسساته من دون رقيب أو حسيب.وأضاف أن ما يؤسف له هو تخبط إخواننا في السلطة التشريعية، وخصوصا العناصر المرتبطة بقوى الفساد، والعناصر التي لا يوجد في أجندتها إلا بند واحد، وهو بند إعادة انتخابها، فلجأت إلى أسلوب المزايدات والمشاريع التي تدغدغ العواطف والتجريح والتطاول، مما خلق روح الملل والاستهجان في أوساط الشعب، وأدى إلى شيوع النظرة السلبية للتجربة البرلمانية. مبينا أن هذا السلوك أو تلك الممارسة سوف تستخدم في مخطط القوى المعادية للدستور والديموقراطية، ويوفر لها الحجج والذرائع لتسوق مخططها.الملجأ والحصنأمّا عضو مجلس الأمة عدنان عبدالصمد، فأكد أن الدستور كان دائما الملجأ والحصن الحصين للمحافظة على النظام السياسي للبلد، وعلى الرغم من ذلك نجد هذه الهجمة الشرسة المستمرة على الدستور خلال فترة التاريخ السياسي الكويتي منذ بدء استخدامه حتى اليوم، سواء بصورة مباشرة أو بغيرها، ومحاولة تعطيله وإجهاضه وتفريغه من محتواه ومن مواده، سواء من خلال المادة 71 في المراسيم أو غيرها، ولم يكن هناك تطبيق حقيقي للدستور في استصدار هذه المراسيم. موضحا انه عندما كان يتم تعطيل مجلس الأمة كانت تستصدر هذه المراسيم التي تخالف الدستور، أو يتم محاولة تعطيل الكثير من الأدوات البرلمانية التي ينص عليه الدستور، مستدلاً بقضية الاستجوابات والأسئلة البرلمانية بعد إحالتها إلى المحاكم الدستورية، أو محاولة تعطيلها، بصورة من الصور، مثل ما حصل أخيراً في قضية التدوير الوزاري، لمن كان يواجه الاستجوابات واستخدام الأدوات الدستورية.وأكد عبدالصمد أننا في صراع الـ«دستور أو لا دستور»، صراع بين دولة القوانين الحديثة وقوى الشر والفساد التي تحاول أن تستأثر بالقرار، ومن ثم بثروات البلد، مبينا ان الأزمة الأخيرة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كانت دليلا بارزا على وجود من يفتعلها، ويحاول استخدام أدواته للقضاء على الديموقراطية، فالقضية الأساسية هي: من يريد الدفاع عنه ومن يريد القضاء عليه.قوى الفساد والشروقال عبدالصمد ان هناك اجتماعات تعقد بين قوى الفساد والشر لمحاولة الانقلاب على الدستور ولإجهاض الحياة الدستورية، والتهيؤ لانتخابات مبكرة قادمة، يتوهمون أنهم سيأتون بنواب يساعدونهم في القضاء على الدستور. لكنني أعتقد أن الشعب الكويتي زاخر بالإمكانات والكفاءات، ولو تم حله فسيأتي من هم أفضل من الأعضاء الحاليين في الدفاع عنه.وتحدث العضو أحمد المليفي، موضحا اننا نعيش في حالة ردة سياسية، ونحاول أن نطوّع نصوص الدستور لممارساتنا السياسية، فنخرقه بذلك. فالدستور ليس مجرد نصوص، بل هو ممارسة في النفوس. المعركة شرسة وقال المليفي إن الدستور ليس بحاجة إلى تعديل، فيمكن الانتقال إلى النظام الملكي من دون المساس به، فقط من خلال تغيير المسميات، أو التحول إلى نظام الأحزاب، من دون الحاجة إلى تعديله. فللدستور توليفة تناسب الجميع، قامت على صَهر المجتمع الكويتي في بعضه، لكن البعض من الأسرة فرط في هذا الانصهار عندما بدأ بتسهيل إبراز القضايا الطائفية والقبلية على حساب الكويت، واستهوته اللعبة السياسية على حساب المصلحة الوطنية.وأضاف ان السلطة قامت في السابق بتقسيم الكويت إلى 25 دائرة على أساس طائفي قبَلي مصلحي، كل الهدف منه السيطرة على مخرجات الانتخابات لتعديل الدستور، موضحا أن المعركة شرسة، لتعديل الدستور، والذي هو أساس الشرعية لهم، وأساس استقرار وتطور البلد.وأصبح للذين يسيئون إلى الممارسة والمواطنة صحف وقنوات فضائية وأناس يتحدثون لهم، ويشتمون لهم، كل ذلك ليصلوا بنا إلى مرحلة الملل والانهزام.مكسب آل الصباحوتناول الكاتب والمفكر أحمد الديين في حديثه تاريخ نشأة الدستور، موضحا ان دستور 62 ليس هو أول دستور للكويت، بل هو الدستور الخامس، وكانت الوثيقة الدستورية الأولى قد صدرت عام 1921 وضمت خمس مواد، وبمقتضاها قام مجلس الشورى الأول.وبين الديين أن الدستور الحالي عبارة عن ثلاث وثائق في آنٍ معا، فالوثيقة الأولى هي مواد الدستور 183، والوثيقة الثانية هي المذكرة التفسيرية للدستور، التي أقرها المجلس التأسيسي، أما الوثيقة الثالثة فهي القانون رقم 4 لسنة 1964 بشأن أحكام توارث الإمارة التي اقرها مجلس الأمة الأول المنتخب في 1963.وأكد الديين أن الدستور هو مكسب حققه الحكم «آل صباح»، حيث ثبّت الدستور الشرعية التاريخية للإمارة العشائرية التقليدية، بشرعية دستورية، في إطار دولة حديثة، وهذا مكسب كبير لهم وليس فقط للأمة، وقال إن الدستور ليس منحة ولا هبة، بل هو استحقاق، ولم يتم إقراره عبر اتفاق تعاقدي، وإنما عبر ثلاثة ظروف تضافرت معا لإيجاده، وكان هناك تاريخ للمطالبات من اجل الديموقراطية والمشاركة الشعبية، وظروف إقليمية ودولية ساعدت على ذلك.وبيّن الديين أن دستور 62 ليس كما يقال «من أرقى الدساتير» بل هو دستور الحد الأدنى، وقد وضعه المؤسسون وهم يترقبون تنقيحه بعد انقضاء السنوات الخمس الأولى لمزيد من الحريات والضمانات، ولكن بسبب القوى المعادية للدستور والنظام الديموقراطي أصبح التنقيح يستهدف تقويضه، ليتحول الموقف الشعبي إلى موقف الدفاع عن المكتسبات الدستورية ومنع التعدي عليها. «البهرة» و«الإنجيلية»وتحدث عضو المجلس البلدي خالد الخالد، موضحا انه من خلال ممارسته عمله في «البلدي» تبين له مدى الخلل الكبير في فهم المجتمع للدستور بطريقة واضحة. واستخدم الخالد قضيتي مسجد البهرة وتوسعة الكنيسة الإنجيلية كدلائل على ضعف فهم الجمهور للدستور الكويتي وسيادة فكرة إلغاء الآخر في المجتمع الكويتي.وبيّن الخالد أن من يطرح حماية الدستور يهمل الباب الثالث منه، وهو من أهمها، وبإهماله تفقَد الحرية والحقوق، ويجب ان يتم تكريس فهم فكر الحريات بشكل اكبر في الدستور، ويجب ألا يتم استخدام الديموقراطية ومجلس الأمة في إلغاء الآخر.وقال: إن هناك تراجعا في فهم قبول الآخر والتعايش والتسامح، وما توصلنا إليه هو خطة مرسومة، فلا يعقل أن تجتمع المصادفات بهذا الشكل! هناك هجمة على الدستور، بطريقة مباشرة وأخرى غير مباشرة، واعتقد أنهم وصلوا إلى قناعة بأن هذه المحاولات ستفشل، لذا اتجهوا إلى طريقة غير مباشرة تكمن في تفريغ الدستور من معناه وإقناع المواطنين بأن هذا الدستور لا يصلح. الشريعة والدستوروأوضح أنها عملية لزرع كراهية الدستور، بدأت منذ توغل وسيطرة الفكر المتخلف على مجريات الدولة وحلفهم مع السلطة، فيحاولون إعادة تفسير الدستور على أن الشريعة هي الأساس، والدستور مخالف لها، على أننا في دولة مدنية، دولة مؤسسات في المقام الأول.وأبدى الخالد تخوفه من الوصول إلى مرحلة صعبة، قائلا: «اعتقد اننا سنصل إلى مرحلة لن يستطيع بعدها المجلس أو الحكومة حماية حقوقنا، لأننا برغبتنا نتنازل عنها بشكل يومي، ومن دون أي تحرك، ولم نسمع أي تعليق في ما يخص موضوع مسجد البهرة والكنيسة الإنجيلية من أعضاء مجلس الأمة، فيما عداً تعليقاً واحداً من النائب علي الراشد، فأعضاء المجلس قد تغاضوا عن الموضوع، وهم من يجدر بهم الدفاع عن الدستور وتطبيق وحماية مواده».من جانبه بين العضو عبدالله الرومي أن الدستور قد مر بالعديد من المحطات المنيرة والمظلمة منذ نشأته، وكل ذلك لاقى سدا منيعا ومقاومة شجاعة من كل مَن يؤمن بالعمل الديموقراطي، فكل المحاولات التي مورست لتنقيحه والقضاء عليه قد رفضت. وقال الرومي إن مَن وضع الدستور، وضعه ليتم الالتزام به وتطبيقه، لكننا نأتي اليوم وبعد 45 سنة لنرى -وبوضوح- انحرافنا عنه، وعودتنا به إلى نقطة البداية، ففي السابق كان هناك التزام قوي بنصوصه، وبالتالي كان هناك إنتاج، أما اليوم فيتم استخدام الدستور، من كلا الطرفين، المجلس والحكومة، لتحقيق غايات معينة فقط. ملقياً اللوم على الحكومة في خضوعها واستجابتها إلى الرغبات الفاسدة. وقال نحن في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في النظام الإداري الحكومي، وكل المحاولات التي جاءت مباشرة لهدم الدستور، ولن تنتهي مؤامراتهم، التي أصبحت تدعو إلى ضرب الدستور من خلال تنفير الناس من المؤسسة الديموقراطية، وما يهم تلك المجموعة الفاسدة هو زيادة مكاسبها في ظل رقابة ضعيفة.وتحدث الرومي عن لجان التحقيق البرلمانية والوزارية، قائلا: «على لجان التحقيق، لكي تؤدي غرضها، أن يتم تحديد دقيق للموضوع الذي يفترض أن تحقق فيه، حتى لا يستغرق تحقيقها وقت طويل».واستعرضت أستاذة علم الاجتماع دلال الزبن في حديثها مقتطفات من يوميات أحد أبرز المناضلين في نشأة الدستور، وهو الراحل أحمد العدواني، متناولة أفكاره التي سطرها في دفاتره اليومية إبان فترة نشأة الدستور عندما كان مدرساً في ثانوية الشويخ، وسكرتيراً فنياً لمدير المعارف.