الحل والحال: الخطأ والخطيئة

نشر في 17-03-2008
آخر تحديث 17-03-2008 | 00:00
 نادية علي الشراح

ما يرقى بالخطأ إلى مستوى الخطيئة، هو رد الفعل العنيف والمتشنج، والذي ينذر بالعودة فينا إلى أجواء بداية الثمانينيات، والدول التي لا تتعلم من تجاربها ستفقد احترام الآخرين لها، وستظل تنتهي من أزمة لتلد أزمة أشد.

في بداية ثمانينيات القرن الماضي، كان لأحداث مسجد شعبان في شرق -إحدى مناطق الكويت- دور كبير في شق صف البلد الواحد، فقد صنف من عمل ومن شارك في أنشطته، بأنه يساهم ببناء جسر لاستقبال صادرات الثورة الإيرانية، وكان لبداية حرب صدام على إيران، ما من شأنه في تأجيج النفس الطائفي. بعدها عاشت الكويت عشر سنوات عجاف، فالفصل الطائفي يتأصل، ومعه تدهور إنتاج وأسعار النفط، ومعه تداعيات أزمة المناخ، ومع الاثنين، أحداث مجرمة طالت الأمير الراحل، وطالت مواطنين طيبين قتل بعضهم بدم بارد.

وكان يفترض في نائبين أعرفهما حق المعرفة، وأعرف حنكتهما وذكاءهما، ولا موقع للشك في نفسي بنظافتهما وصدق وطنيتهما، أن يبقيا مساحة واسعة بينهما وبين حدث تأبين مغنية، فمجرد الشك بأن له ضلعاً في أحداث إجرامية، يكفي لكي يفعلا ذلك. لقد كانت مشاركتهما المعلنة خطأ سياسياً فادحاً، فادحاً لأنه خطأ شاطر ورأسه مطلوب، وخطأ الشاطر بألف كما يقولون.

وما يرقى بالخطأ إلى مستوى الخطيئة، هو رد الفعل العنيف والمتشنج ضدهما، والذي ينذر بالعودة فينا إلى أجواء بداية الثمانينيات، والدول التي لا تتعلم من تجاربها ستفقد احترام الآخرين لها، وستظل تنتهي من أزمة لتلد أزمة أشد. ففي تسعينيات القرن الماضي، دفعت الكويت وجودها، لكي نكتشف جميعا بأن الكويتيين شيعة وسنة إخوة متحابون ومخلصون لتراب الوطن، وإن كان للغزو منافع، فقد كان أهمها هو تخلصنا إلى حد كبير من جريمة الفصل الطائفي، وهو الوتر الذي يحاول بعضهم الآن العزف أو النفخ عليه.

وحتى لا ينجرف معظم الناس الطيبين وراء هذا الاتجاه الأليم، أود التذكير بأمرين، الأول هو أن الأخطاء السياسية تحدث، ومكان حسابها هو صناديق الاقتراع أو ساحة القضاء، ومعظم شعب الكويت ارتكب خطأ سياسياً فادحاً بدعمه لصدام حسين في حربه ضد إيران، وحربه ضد الأكراد باستخدام الأسلحة المحرمة، وحربه ضد شعبه بجميع طوائفه وأعراقه، ونطلب من الله سبحانه العفو والغفران عن تلك الخطيئة، ونعتذر لكل من أصابهم دعمنا بضرر. والأمر الثاني هو أن يحمل لواء الوطنية ويطالب بعزلهما ونفيهما بعد تجريدهما من الجنسية، من بنى له وطن من أموال حرام سرقت عندما ظن أن وطننا الجميل خرج ولن يعود، وعندما عاد الوطن، لا يبالي من هدمه على رؤوس من فيه ليسلم بغنيمته.

أقول: هل نتعظ؟...... أرجو من الله ذلك.

***********

آخر العمود: سنقول مراراً وتكراراً إن توظيف الأديان في العمل السياسي خطأ، فالدنيا للمؤسسات المدنية والقوانين الوضعية، أي الدولة المدنية، أما الآخرة، فهي شأن إلهي، الحساب فيها للخالق عز وجل.

back to top