نافذة: القروض بين الحقيقة والوهم 1-2

نشر في 07-12-2007
آخر تحديث 07-12-2007 | 00:00
 أحمد سعود المطرود

من تبنوا هذه القضية يعلمون علم اليقين أنها ستفشل، ولكنهم يريدون التكسب الشعبي من ورائها والتوعد في حالة عدم حضور الحكومة للجلسة بالنزول إلى الشارع، لأن الدائرة الانتخابية توسعت عند كل نائب، والجهد أصبح مضاعفاً، ولابد من التصعيد والنزول للحصول على شعبية أكبر.

الحركة الدائرة بين الحكومة والمجلس حركة صراع مستمر للحصول على اللقب في النهاية، وهي أشبه بفريقين يتنافسان على الفوز في البطولة مثل نادي «زيد» ينافس نادي «عبيد» غير أن الأول معروف عنه الفوز دوماً في اللحظات الأخيرة الحاسمة التي لامجال فيها لتغيير النتيجة لمصلحة الفريق الثاني على الرغم من أن الأول منذ بدايات الدورة بين «المد» و«الجزر» مع الفرق الموجودة إلى أن وصل إلى بر الأمان لحمل كأس البطولة بغض النظر عن مستواه الفني، لذلك الكل كان يترقب جلسة الرابع من ديسمبر 2007 المخصصة لشراء فوائد القروض التي هي أمل كثير من المواطنين بإقرار هذا المشروع.

لاشك أنها رغبة كل مواطن، ولكن كيف توافق الحكومة على هذا المشروع ووزير المالية مصطفى الشمالي في أحد تصريحاته يقول «لا توجد أزمة مالية لدى المواطنين» والكلام بهذا الشأن مبالغ فيه، وتصريح الحكومة بعدم الانجراف وراء تأمّلات النواب، فالقضية إذاً شبه محسومة للفريق الأول، وهي الفوز باللقب، لذلك عندما أدلى وزير المالية الشمالي بتصريحه غاب عنه تبرّع سمو الشيخ سالم العلي للمعسرين الذي شكّل طوابير أمام بيت الزكاة، يريد أصحابها فكّ بعض القيود عنهم وعن أهليهم، هذا غير «الضبط والإحضار ومنع السفر والسجون» وغيرها، تُرى هل يستطيع وزير المالية إخفاء هذه الحقائق؟

قضية شراء الفوائد محرمة «شرعاً وقانونا»، وتقاعس الحكومة جعلها تتعقّد، ومع هذا كله أصبحت مكان قوة بعد ضعف، لذلك انتهت الجلسة بالخسران، وبلا رجعة كما كان متوقعاً لها، والسبب الرئيسي أن وزير المالية وبعض من أعضاء الحكومة غير موجودين في البلاد لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي الثامن والعشرين المقامة في الدوحة، وطلبها تأجيل المشروع إلى جلسة 25 ديسمبر الجاري، وعوامل أخرى مثل اختلاف التأييد لهذا المشروع والموقف الرافض من قبل بعض الكتل، وتزامن قمة التعاون مع تقديم هذا المشروع، كلّها معطيات تشير إشارة واضحة إلى فشله، وضياع اختيار الزمن المناسب في الطلب يقلل من دور نوّاب الأمّة في قضايا المواطن، مما يضعف موقف النواب. لذلك عندما تصبح الثقافة والعمل السياسي نوعين من أنواع «دغدغة» مشاعر المواطن فقط، كقضية شراء القروض وإسقاطها، فإن ذلك يصيب الحركة السياسية بالملل بسبب استمرار الفشل وتهاون الحكومة بالأعضاء.

نحن أمام قضية الكل يعلم فشلها، ومن تبنوا هذه القضية يعلمون علم اليقين أنها ستفشل، ولكنهم يريدون التكسّب الشعبي من ورائها، والتوعد في حالة عدم حضور الحكومة للجلسة بالنزول إلى الشارع، لأن الدائرة الانتخابية توسّعت عند كل نائب، فأصبحت الدوائر خمساً بدلاً من خمس وعشرين، والجهد أصبح مضاعفاً، فلابد من التصعيد والنزول للحصول على شعبية أكبر، وحتى لو أن هذه القضية كانت خاسرة، ولم تحل تحت قبة البرلمان التي هي مصدر التشريعات، فهل يكون مكان حلّها في الشوارع؟ أم أن العصي السحرية لا توجد إلا في الشارع؟!

لذلك نرى كثيراً من الدول العربية تغبطنا على ديموقراطيتنا التي لا يوجد في الوطن العربي ديموقراطية أكثر منها، ومع ذلك نجد الدول العربية تقدّمت عنا سواء في الحضارات أو في نمو عجلة التنمية أو حتى في زيادة الرواتب لموظفيها، وإنجاز هذه الحلول تم تحت قبة البرلمانات، ولم نجدهم يوماً نزلوا إلى الشوارع للمطالبة بالرواتب وغيرها.

للحديث بقية...

back to top