رايلا أودينغا: أمامنا حالة طارئة... والأولوية للمصالحة وإعادة البناء
وقَّع الرئيس الكيني مواي كيباكي وزعيم المعارضة رايلا أودينغا في 28 فبراير الماضي، اتفاقاً لتقاسم السلطة وضع حداً للأزمة التي أدمت البلاد اثر اندلاعها في أعقاب انتخابات 27 ديسمبر الماضي.
وتحدث أودينغا، في مقابلة حصرية مع دافني باراك، عن هذا الاتفاق وما تنتظره البلاد خلال الفترة المقبلة، خصوصا في ما يتعلق بإعادة البناء والإصلاح على كل الصعد.كان من المفترض أن أسمع الطبول تعلن أحداثاً تاريخية مهمة، ولكن عندما حطت طائرتي في نيروبي يوم الخميس (في 6 مارس)، ذلك اليوم العظيم في تاريخ البرلمان الكيني الذي كان يُفترض أن يصدق فيه على اتفاق «تقاسم السلطة»، لم أرَ سوى علامات تنذر بالسوء.فقبيل أيام كان الطرفان المتحاربان وقعا على اتفاق لوقف تصاعد أعمال العنف في كينيا، فقد وافق رايلا أودينغا، الذي يدعي أنه فاز في الانتخابات الكينية عام 2007، والرئيس مواي كيباكي، الذي حمل النظام القضائي على دعمه، على اتفاق رعاه القادة الأفارقة، لا سيما كوفي أنان.قصدتُ كينيا لأجري مقابلة مع رئيس الوزراء العتيد، رايلا أودينغا، ولكن ما إن علمت السلطات بزيارتي وبالصداقة التي تربطني بأودينغا حتى بذلت كل ما في وسعها لترغمني على السفر لمقابلة الرئيس ونائبه الذي يتمتع بنفوذ كبير، مع أن حالتي الصحية كانت حرجة، وظل المفوض الأعلى في لندن يتصل بي وبممثليّ، عندما لم نبدِ أي اهتمام.بدت لي محاولاتهم هذه لإبعادي عن أودينغا غريبة، لا بل وقحة. فأودينغا سيصبح رئيس الوزراء، ومن المفترض أن يمثّل السفراء الرئيس ورئيس الوزراء كليهما، وينطبق الأمر نفسه على مكتب الإعلام الرسمي ووزارة الخارجية، لكن الوضع مختلف في كينيا.علمت أن أحداً لم يرافق كوفي أنان إلى خارج فندق سيرينا بعد أن رعى هذا الاتفاق التاريخي، ولم أستغرب هذا التصرف لأن الزعماء الأفارقة فرضوا اتفاقاً عادلاً لتقاسم السلطة في كينيا، لكن معظم المسؤولين في هذا البلد من رجال الرئيس الحالي ويدعمون الدستور الحالي الذي رفضه أودينغا بدعم من نخبة الزعماء الأفارقة.صحيح أن رحلتي إلى كينيا ساعدتني على تحقيق أكبر سبق صحافي هذا الموسم (عائلة باراك أوباما)، إلا أنها كانت الأصعب، فحتى أكثر الحكام استبداداً، أمثال معمر القذافي وياسر عرفات وبرويز مشرف، لم يتجرأوا على اختطافي ومحاولة «إقناعي» بإلغاء مقابلة مع رئيس الوزراء العتيد.عندما رفضنا مجاراتهم، واجهنا الاحتيال والفساد والتهديد وكل ما لا يخطر في بالك بهدف ردعي عن إجراء هذه المقابلة المهمة مع أودينغا وأعز أصدقائه، عائلة باراك أوباما، حتى ان رئيس الوزراء وأصدقاءه اضطروا إلى تهريبنا سراً إلى خارج البلاد.وعندما دخلت إلى روندا وأنا أرتعد خوفاً، لم أتفاجأ حين تصدرت محنتي عناوين الأخبار، ولكن يبدو أن رايلا أودينغا، الذي كان يفترض أن يصير نداً للرئيس، لن يصبح الرجل الثاني في البلاد بل الثالث، فقلت له عبر الهاتف من غرفة فندقي الآمنة في بلد أجنبي، «لمَ، لم يفاجئني ذلك؟»، ولكن بالنظر إلى أجوبته يوم الخميس، أدركت أنه كان يتوقع هذا التحول في مجريات الاحداث، فقد اعتبر هذا الاتفاق «زواجاً مستحيلاً»، عرف أودينغا أن هذه لم تكن نهاية حربه، وأدرك يقيناً أن هذه النهاية ما هي إلا بداية حرب جديدة.وفي ما يلي نص الحوار:• يمكنني أن أدعوك اليوم رئيس الوزراء.- نعم، أظن أنني سأعتاد هذا اللقب مع الوقت.• هل تعتقد ذلك؟- نعم.• هل هذه مناسبة مفرحة بالنسبة إليك؟- لا أعتقد أنها مفرحة بالنسبة إلي فحسب، بل بالنسبة إلى كينيا أيضاً، تلاحظين أن الجميع سعداء، نسمع الناس يقولون «عاماً سعيداً!»، لأنهم لم يحتفلوا بالعام الجديد منذ اندلاع الحرب.• منذ أن اندلعت بعد الانتخابات في شهر ديسمبر.- نعم، بعد حفل توقيع الاتفاق، توجهت إلى مومباسا. وعندما ترجلت من الطائرة ودخلت ردهة الانتظار، سمعت الناس يقولون «عاماً سعيداً!»، فأدركت أن الشعب الكيني لم يحتفل بالعام الجديد.• بغض النظر عن السعادة التي يشعر بها الجميع، هل تعتقد أن شهر العسل سيدوم، نظراً إلى مدى تعقيد هذا الزواج بينك وبين الرئيس ونائب الرئيس؟يقولون ان السياسة تؤدي إلى أغرب الاتفاقات. ويتحد الناس بداعي الحاجة لا بسبب المحبة، أعتقد أن هذه هي الحال في كينيا، فقد اجتمعنا بداعي الحاجة وبسبب مصلحة بلدنا، لذلك أظن أن من مسؤوليتنا أن نضمن استمرارية هذا الزواج من أجل خير بلدنا.• ولكن هل يمكنك أنت والرئيس كيباكي ان تثقا ببعضكما عندما تجلسان وجهاً لوجه؟ هل تستطيعان بناء هذه الثقة؟- نعم، عملنا معاً من قبل، فقد كنا كلانا جزءاً من المعارضة، وشاركنا في الحكومة نفسها، كذلك كنت قائد حملته في الانتخابات، وعندما تعرض لإصابة، خاطبت الناس نيابة عنه في التجمعات الانتخابية، وعملنا معاً بانسجام تام في البداية، ولكن نشب الخلاف بيننا بسبب الدستور، فافترقنا. لذلك ما من سبب يعوق عملنا معاً. فإذا تمكن نيلسون مانديلا ودي كلارك من العمل معاً، فلا شك في أن رايلا أودينغا ومواي كيباكي يستطيعان ذلك أيضاً.• مع هذه الرسالة الداعية إلى السلام، أعرف أنك تواجه مشاكل جمة، والمشكلة الرئيسية هي إعادة الناس الذين طردوا إلى منازلهم، كيف ستحقق هذا الهدف؟يمكنك القول إنها التحدي الرئيس في البداية، إنها حالة طارئة. علينا مساعدة ضحايا العنف ومَن هُجروا ويعيشون اليوم في مخيمات، ثمة أشخاص هجروا أيضاً لكنهم لم يسكنوا المخيمات لأنهم أعيدوا إلى مسقط رأسهم بعيداً عن مكان عملهم. نتيجة لذلك، تُعتبر مرحلة إعادة البناء صعبة جداً، فعلينا أن نجمع الموارد المادية ونعيد الناس إلى منازلهم. من الضروري أيضاً مصالحة الفرق التي كانت تتحارب، فقد أحرقوا منازل بعضهم البعض ومات كثيرون، وما زالت حالة التوتر والانشقاق هذه تفصل بين مختلف المجموعات، ومن مسؤوليتنا أن نضمن ألا تدوم عملية الشفاء طويلاً.• أتحدث عن نوعين من الضحايا: الأشخاص الذين هُجروا، والألف والمئتين الذين ماتوا، ولا شك في أن افراد عائلاتهم تأذوا كثيراً، فكيف ستعوضون هذا العدد الكبير من الناس؟- لا نتكلم فقط عن الأشخاص المقيمين في المخيمات، فثمة أشخاص فقدوا معيلهم، وأولاد تيتموا، ونساء ترملن، يجب أن نعتني بهؤلاء، صحيح أن عدداً منهم لا يسكن المخيمات، لكنهم معدمون ولا يستطيعون إعالة أنفسهم. فضلاً عن ذلك، هنالك الجرحى الذين لم يخرجوا بعد من المستشفيات. أُقدر عددهم بالآلاف. فإذا قلنا إن ألفاً وخمسمئة ماتوا، يعني ذلك أن ثلاثة أضعاف هذا العدد جرحوا، اقصدي مستشفى ماسابا هنا في نيروبي وسترين أن تكاليف العلاج باهظة، وكذلك الأمر في مستشفى كنياتا الساحلي في مومباسا، في ناكورو، في إلدوريت، في كيسومو وغيرها، دفعنا بعض هذه التكاليف من حسابنا الخاص، وهي كبيرة بالفعل.• عندما تقول «دفعنا»، أتقصد الحزب أم الحكومة؟- الحزب.• حزبك؟- نعم، بفضل بعض الخيرين والأصدقاء من داعمينا، تعهدنا بدفع عدد من فواتير المستشفيات التي يرزح تحتها أناس يحتاجون إلى الرعاية الصحية بعد تعرضهم لإطلاق النار، ولا بد من دفع هذه المصاريف، نحتاج إلى مبالغ طائلة لأن الكثير من المنازل، كما تعلمين، أحرق، علينا إعادة بناء هذه المنازل. علاوة على ذلك، هذا هو موسم الزراعة في بعض المناطق التي تهجّر سكانها. لذلك سيحتاج هؤلاء إلى المساعدة في حرث أراضيهم وبذر البذور.• وذلك لأن الزراعة والسياحة هما مصدرا الدخل الرئيسان- نعم، إنهما يشكلان قطاعين مهمين في الاقتصاد.• وأرى أنكم فقدتم نحو 90% من السياح بسبب أعمال العنف.- زرت الساحل في نهاية الأسبوع ونزلت في فندق يتسع لأربعمئة شخص، ولاحظت أن عشرين سائحاً فقط كانوا مقيمين في الفندق آنذاك، وفي بلدة ماليندي التي يقصدها الإيطاليون، والتي استقبلت نحو خمسة آلاف سائح في السابع والعشرين من ديسمبر، لم يكن فيها سوى 7 سياح، على الرغم من أننا الآن في ذروة موسم السياحة.• يستقبل سكان ماليندي الزوار بحرارة.- نعم، يأتي السياح لينعموا بدفء الصيف على شواطئ البحر وتأمل الطرائد، لدينا أيضاً ما يُدعى بعجيبة العالم السابعة في بلدة مارالال، لكن السياحة تبلغ اليوم أدنى مستوياتها، ففي هذا الوقت من السنة، يُفترض أن تكون 80% إلى 90% من غرف الفنادق قد امتلأت، أما اليوم فقد انخفضت هذه النسبة إلى 5% حتى ان عدداً من الفنادق أقفل أبوابه وصُرف الكثير من العمال، وكل هذه المشاكل تندرج ضمن إطار مرحلة إعادة البناء، وعلينا أيضاً أن نقود حملة إعلانية لننشط السياحة.• كيف تحقق هدفك هذا؟ هل الأمن مستتب في كينيا اليوم؟لهذا السبب قصدت مومباسا، فقد أطلقت دعوة حارة من على شاطئ أحد الفنادق، مؤكداً أن كينيا مستعدة لاستقبال السياح مجدداً، فقصدني في اليوم التالي السفير الصيني وأخبرني أنه رأى صورتي في الصحيفة فأرسلها إلى حكومته كي يبلغها أن السياح بإمكانهم العودة إلى كينيا، وبينما نتحادث الآن، هنالك وفد في برلين يحضر أسبوع السياحة، وقد ضم هذا الوفد عضوين من حزبنا كي نظهر أنه لا يمثل الحكومة وحدها، بل أيضاً حزبنا، نحن نشكل تحالفاً يبذل جهوداً مشتركة بغية دعم السياحة. وبهذه الطريقة، يتأكد الناس من أن هذا التحالف سيدوم.• بصراحة، لا يعرف معظم الناس ما حدث في كينيا بالتحديد، جل ما يعلمونه أنه وقعت أعمال عنف وجاء كوفي أنان وفجأة حل السلام، هل يمكنك بكلمات مختصرة أن توضح للناس ما حدث؟ أعني أن الانتخابات جرت في ديسمبر وفاز كيباكي، لكنك تدعي أنك فزت وأن حزبك هو المتقدم، ثم وقعت أعمال العنف، أليس هذا مألوفاً؟ فهذا ما حدث بين (الرئيس الأميركي جورج) بوش وآل غور، فما كان سيحصل لو أن آل غور قرر أن يتصرف كما تصرفت أنت؟- يمكنك القول إن الوضع مختلف، فمن المؤكد أن الانتخابات شابتها تجاوزات كثيرة. حتى اللجنة الانتخابية تؤكد ذلك، وهذا ما أقر به رئيس اللجنة حينما سئل «هل فاز كيباكي؟»، فأجاب «لست متأكداً».• وبوش أيضاً لم يفز، لكنه ما زال الرئيس.- في حالة بوش، وصلت المسألة إلى القضاء، لكن في الولايات المتحدة، يعتمد الأميركيون كثيراً على الاجتهاد ويحترمون المحاكم، لكن آل غور تقبل حكم المحكمة وقال إنه لن يتابع القضية. إذاً، لقد قبل بهذه النتيجة. في حالتنا، كانت أمامنا فرصة للتوجه إلى المحاكم، ولكن نظراً إلى ما حدث رفضنا اللجوء إلى القضاء، فحتى قبل أن تعلن اللجنة الانتخابية فوز الرئيس، قصد رئيس القضاة مقر الرئيس في التاسع والعشرين من الشهر، وفي يوم إعلان النتائج في الثلاثين من الشهر، كان ينتظر في مقر الرئيس قبل خمس ساعات يتحرق شوقاً كي يدلي الرئيس بالقسم.• إذاً، تقول إن النظام القضائي ليس جديراً بالثقة.- كان جزءاً من آلية الدعم في نظرنا، لذلك أدركنا أننا لن نحظى بمحاكمة عادلة.• ألم يُعزل هذا القاضي من منصبه؟ - إنه رئيس القضاة.• وإن يكن! - قلت آنذاك إننا إذا مثلنا أمام المحكمة نكون أشبه بنعجة تستأنف قضيتها أمام محكمة من الضباع وتتوقع أن ينصفوها. • هل تحاول عزله؟- سنقوم بإصلاح الجهاز القضائي برمته، فالأمر أكبر من تنحية قاض أو اثنين، يتمتع معظم القضاة بالحصانة، ولا يستطيع الرئيس عزلهم، بل عليه أن يشكل محكمة للتحقيق في سلوكهم قبل أن يُصار إلى عزلهم، لكننا لا نريد مطاردة كل القضاة، وإنما نرغب في إصلاح الجهاز القضائي، لأن الناس يشعرون بأن القضاء لا يستجيب لحاجات البلاد، فمجتمع الأعمال يشتكي كثيراً من أن بت الخلافات يتطلب وقتاً طويلاً، ما أدى إلى إبعاد المستثمرين، لذلك نريد جهازاً قضائياً فعالاً، يملك القدرة على تسوية النزاعات بسرعة، لكي نستطيع استقطاب المزيد من المستثمرين. إذاً، لا يكفي أن ندعي أننا نطبق العدل، وإنما يجب أن نلمسه. يُقال إن تأخير إحقاق العدالة يوازي إنكارها. • تتألف حكومتك الحالية من 17 وزيراً وأخبرك صديقك يوم أمس، نائب الرئيس الوسيم، أنه ما من مشكلة في التحالف. فلن يعود أحد فارغ اليدين لأن الحكومة ستضم 34 وزيراً، وهذا عدد كبير. - حسناً، لم نتفق بعد حول حجم الحكومة لأننا أردنا، نحن في الحزب الديموقراطي البرتقالي، عبر هذا التحالف حكومة داخلية تضم 25 وزيراً كحد أقصى، ووددنا لو لا يتجاوز عدد الوزراء العشرين عضواً بغية تعزيز الفعالية في إدارة شؤون البلاد. • قيل لي إن الحكومة تضم وزراء ونواباً وإن نائبين ينتمون الى حزبك؟- سيكون للنواب على الأرجح بعض المحافظ. انظري إلى الأمر من هذا المنظار: هذا هو الانتقال بحد ذاته، هذا ليس الهدف وإنما وسيلة لتحقيق الهدف. في بعض الأحيان، ندفع باهظاً ثمن الديموقراطية، ولكنني لا أعلم كم ستدوم هذه المرحلة، فإن قلنا إننا سنجري إصلاحات، سيشمل ذلك إصلاح الدستور، وما إن نضع دستوراً جديداً حتى ندخل في مرحلة أخرى. • متى تظن أن ذلك سيحصل؟ - في غضون سنة. • إذاً لديك...؟- مهلة أخيرة؟ على حد قول الرئيس أمس، نعتقد أن من الممكن إنجاز ذلك، لأننا أعددنا مسبقاً مسودة دستور، وما هي إلا مسألة وقت للاتفاق على بعض المسائل المثيرة للجدل، ومن ثم يمكننا إجراء مباشرةً استفتاء شعبي بشأنه. • دعنا نلعب بلعبة الآن. سأذكر بعض الكلمات وتخبرني فوراً أول ما يخطر في بالك. كيف تصف تقاسم السلطة؟- يعني ذلك أن مركزين اثنين يتعايشان معاً لحكم البلاد.• الفساد؟- الفساد ورم خبيث في البلاد يتطلب عملية جراحية لاستئصاله.• الديموقراطية؟- حكم الشعب نفسه بنفسه ولنفسه، أي إشراكه في حكم البلاد.• تخطي الحد الفاصل، متى تتخطى الحد الفاصل بين الديكتاتورية والديموقراطية؟ - في المرحلة الانتقالية، وكلما قصرت هذه المرحلة، عاش البلد بسلام أكبر.• حرية التعبير؟- ليعبر الجميع عما يريده، قد لا أوافقك الرأي، لكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في التعبير عنه.• حرية الصحافة؟- أن يساعد الإعلام المجتمع على التنفس والتعلم والإعلام والترفيه. • العنصرية؟ - عدم التسامح، والتفرقة على أساس اللون أمر بغيض.• لدينا نحن الاثنان أصدقاء مشتركون، دعني أردد بعض الأسماء ولنرى ما رأيك بهم. لنبدأ بهيلاري كلينتون.- امرأة عظيمة تتمتع بقوة كبيرة، وتحمل مخلفات رئيس سابق. • أتقصد أنها تحمل مخلفات بيل كلينتون؟- نعم.• الرئيس مشرف؟ الوضع في باكستان شبيه جداً بما يحصل هنا.- نعم، أعلم. إنه ديكتاتور عسكري حُوّل إلى ديموقراطي متردد.• أتجده ديموقراطياً؟- إنه متردد في تقبله إرادة الشعب.• لأنه يحكم بلاده بقبضة من حديد... ماذا عن رئيس الدولة المجاورة (زيمبابوي) روبرت موغابي؟- إنه عار على القارة الإفريقية، فهو بليغ في إلقاء الخطابات، لكن إدارته شؤون البلاد تناقض أقواله. • ماذا عن الرئيس بوش؟- رئيس قوي، يتدخل أحياناً عندما يكون التعاون ضرورياً في العالم. إنه ممثل قوي للمصالح الأميركية.• ونيكولا ساركوزي النابض بالحياة؟- نظراً إلى الفترة القصيرة التي قضاها في الحكم، أعتقد أنه مضحك ويتبنى السياسات الدولية بفكاهة، إنه أشبه برئيس إفريقي.• وبالطبع باراك أوباما ليس بعيداً عنه.- نعم، أعتقد أنه ذكي ويتطلع إلى المستقبل. بالنسبة إلي، أعتقد أنه سيكون أحد أعظم الرؤساء الأميركيين.• إذاً، أنت تدعمه.- ليس بسبب العلاقة البيولوجية التي تربطنا.• ولكنكما من البلد نفسه، أليس كذلك؟- نعم، إننا من البلد نفسه ولكنه أميركي وليس كينياً، ولا ندعمه لهذا السبب. لطالما كان بيل كلينتون بطلي المفضل، هذا ما عنيته عندما قلت إن هيلاري تحمل مخلفاته، أي أن الناس ينظرون إليها على أنها زوجة الرئيس السابق.• إذاً، لا تؤخذ على محمل الجد.- نعم، هذا ما عنيته عندما قلت إنها تحمل مخلفاته. ولكن عدا ذلك، أعتبر كلينتون بطلي دائماً، وهو أميركي. كذلك، اعتقدت أن...• هل الناس هنا فخورون جداً بباراك أوباما؟- إنها مسألة عاطفية.كما كانت الحال بالنسبة إلى النمساويين الذين كانوا عاطفيين تجاه شوارزنيغر. أعتقد أن الأمر نفسه يحدث هنا.• هل تكلمت مع باراك؟ هل اتصلت به لتهنئته قبل اليومين الأخيرين؟- لا، لم أحظ بالوقت لأتصل به أمس، ولكنني سأكلمه اليوم.• هل اتصل بك ليهنئك؟- لم يفعل ذلك أيضاً بسبب اختلاف التوقيت وإلى ما هنالك.• متى تكلمت معه آخر مرة؟- منذ شهر تقريباً.• أود أن تصحبني وطاقم عملي لرؤية جدته، أرغب في الظهور على التلفاز معها، سيكون ذلك مدهشاً.- سأرى ما يمكنني فعله.• أعتقد أن القصة ستكون مهمة بالنسبة إلى أبناء بلدك.- هل هذا إيجابي أم سلبي بالنسبة إليه؟• أعتقد أنه إيجابي. من المفاجئ خلال المقابلة مع الرئيس مشرف أنه أحضر والدته. وبدا حضور الجدة الشيء الإيجابي الوحيد، كانت الزوجة لطيفة، ولكن الجميع أحبّ الجدة. هذا ما جعل مشرف يبدو إنسانياً لأنني اضطررت بالطبع إلى مواجهته في مسائل عدة. ولكن الجدة خطفت الأضواء... أدرك أن الأمر سيكون رائعاً، إنني فضولية فحسب، إن التقيت بك بعد مدة قصيرة، ماذا سأجد برأيك على أرض الواقع في كينيا؟- أعتقد أنك عندما تعودين سترين أمة في طور التحول. أولاً، ستنتهي مرحلة المصالحة وسنبدأ بتطبيق معظم سياساتنا الأساسية وسنحسن القطاعات الرئيسة مثل البنية التحتية لأنها مهمة جداً بالنسبة إلينا، وهناك أيضاً قطاع الزراعة وتكنولوجيا المعلومات وعملية جذب الاستثمار والمزيد من المستثمرين إلى بلادنا، لذا سنكون قد وضعنا الأسس وبدأنا معالجة مسألة الفساد والبيروقراطية في النظام، ستجدين أمة استعادت نشاطها. • آمل ذلك، هنا تقولون آمين، أليس كذلك؟- نعم.• شكراً جزيلاً لك فخامة رئيس الوزراء.- شكراً جزيلاً لك، سررت بلقائك في نيروبي يا دافني وأتطلع إلى لقائك مجدداً.